من داخل قاعة عرض كمال خليفة بمركز الجزيرة للفنون بالزمالك يكمن معرض الفنانة الدكتورة هبه ذهنى والتى أطلقت عليه الهروب إلى الداخل والمستمر حتى التاسع من يونيه 2016.. وفى معرضها الشخصى الأول نجد أنفسنا داخل تجربة فنية يغلب عليها الفكر الفلسفى لجماليات الخلية العضوية تسبح في فضاء فنى تتلاحق فيه العلاقات الخطية اللونية، فإنها الخلية بشكلها العضوى أو الشبه هندسى التى يبدأ منها كل شيء حى، من ثم تتكاثر وتتشعب وتتنوع وتنمو ولكنها تظل مرتبطة ببعضها البعض فهى تدور في فلك واحد، فأستطاعت الفنانة هبه ذهنى من خلال حركة عناصرها الفنية ومجموعتها اللونية المتواصلة والمنسجمة …وبسيطرة الحركة الدائرية تأكيد هذا المضمون الفلسفى . فلما الخلية ؟؟؟ أن الخلية في مفهومها العلمى هى أصغر جزء في الكائن الحى والذى يحوى الخواص والصفات المميزة للمادة الحية فهى أساس لكل صور الحياه بالرغم من أن لكل خلية دور ووظيفية حيويه تختص بها ..وتشترك كل الكائنات الحية سواء آدمية ، حيوانية، نباتية في أنها تتكون من خلايا .. أنها النواه الآولى للحياه .. نعم أنها دعوة فنية من الفنانة الى الهروب الى الداخل إلى تأمل جوهر الأشياء وما به من جماليات حقيقة خفية، وهذا لا ينطبق فقط على المحتوى المادى للكائنات الحية إنما أيضا على المكنون الداخلى للمشاعر الإنسانية الحائرة والغامضة والمتناقضة وبالرغم من ذلك تظل مرتبطة بعضها البعض بصورة أو بأخرى مثلها مثل الخلية … واستطاعت الفنانة هبه ذهبى الغوص الى داخل الخلية وكأنها تحت مجهرفنى لتخرج لنا تأثيرات لونية ملمسية خطية متنوعة أضفت بها أحساس فنى بصرى مميز ممتلء بالحركة والتنوع والتداخل .. وجاء المعرض في 17 عمل فنى بين الرسم على الخشب والرسم المباشر على السلك بمقاسات متنوعة … خرجت فيهم الفنانه هبه ذهنى من دائرة الشكل العضوى للخلية الآولية لتتحول برؤيتها الفنية في بعض لوحتها الى مفردات آدمية على شكل حواء أتسمت بالنعومة في تشيكلها الخطى المجرد ووضعها الأفقى وكأنها ثمار الخير والنماء والبقاء والتى أكدته في حركة لونية متداخلة ومتناغمة بين الألوان الدافئة والساخنة . وعند محاورتى للفنانة الدكتورة هبه ذهنى كيف كانت بداية رحلة الهروب الى الداخل هل هى نتاج لحظات تأمل لما يدور حولنا من متناقضات بين المعنى الحقيقى والزائف للأشياء فقالت بنفس عميق " أن بين الظاهر والباطن عالم كبير بين التوحد والاختلاف احاسيس انسانيه مختلفه احيانا ثقه بالذات واحيانا ضياع ، وحده واحتياج للاخر، حوارات دائرة متناقضات انها النفس البشريه التي حار فيها الفلاسفه، جذبتني الخلايا النباتية تحت المجهر و ما فيها من جمال وحياه تختلف بشكل كبير عن ظاهر النبات علاقات مفعمه بالحيويه رايت فيها التعبير عن الجوهر لجذب المشاهد نحو الحقيقه الكامنه داخل الاشياء للتفكر للاحساس لادراك ما هو وراء الشكل ما هو اعمق من السطح ، من هنا بدأت رحلتي نحو الهروب للداخل ، الخلايا تحمل الحياه في داخلها احيانا متعانقه مع السلك بدون اطار لتصبح حره في الفراغ و ترمي ظلالها علي ما حولها و احيانا في لوحات تحمل حيوية الالوان التي يتمتع بها عالم الخلايا في علاقات تشكيليه نابعه من هذا العالم" أنها الفنان الدكتورة هبه ذهنى عضو هيئة تدريس بقسم الزخرفة كلية الفنون التطبيقية شاركت في العديد من المعارض منها المعرض العام في عدة دورات، كفافيس وأنا، معرض ستوديوروزا بيكاسو برعاية مؤسسة روزليوسف ومنحت فيه جائزة الورشة ، كما منحت جائزة التصوير الجدارى في معرض الملتقى المصرى العربى الأول ، ولديها مقتنيات خاصة لدى العديد من الأفراد بمصر والخارج .. معرض الهروب الى الداخل دعوة فنية لتأمل في الكون المطلق المتناهى في الصغر..