التفاحة الأخيرة ل سونيا بوماد: هل عشق المسجون لسجانه أمر وارد؟

ما الذي دفع شهر زاد لحب شهريار ذلك الملك الجبار الذي قرر قتل جميع النساء في أول ليلة.
يقول عالم النفس الشهير سيغموند فرويد في كتابه "الحضارة ومساؤها" أن سبب عنف الإنسان الحديث وتورطه فى الحروب هو فقدانه لطاقته الغريزية والبدائية وسيطرة الحضارة الحديثة العقلانية المغالى فيها.
سوف تجد تفسير أدق لهذه الإشكالية في رواية "التفاحة الأخيرة" للروائية اللبنانية سونيا بوماد، فالرواية تتحدث عن الحرب والحب والجنس، تدور عن تطور الذات الإنسانية وسط الخراب والموت والعنف ففى غياب المنطق يتوه الإنسان ويسقط فى براثن الوهم والجسد واللذة كخلافى من عالم العنف ولتأكيد الذات والهوية.
فعلاقة نوريستا بأيفان عليها كثير من التناقضات والعنف والحب والتعذيب. ولكن هل طهر الحب أيفان ذلك مجرم الحرب الذى احتجز هذه الفتاة فترة من الزمن وحملت منه بعد أن اغتصبها وولدت طفلها بمساعدته.
فى رواية التفاحة الأخيرة التى تحكى عن علاقة الكره والحب هذه العلاقة الشائكة التى صنفها فرويد عن أنها نوع من التواجد والنعاس مع الاعداء. الرواية تبحث فى نفوس البشر وتدين الحرب الأهلية ومعاناة اللاجئين وفوضى المخيمات. فعائلة نورسيتا قتلت كلها أمام أعينها هذه المراهقة التى فقدت أهلها كلهم وفقدت عذريتها على يد أيفان مجرم الحرب هذا يريد أن يتطهر بعد فوات الأوان.
التفاحة الأخيرة تنظر للمرأة على أنها ليست الخطيئة الأخيرة ولكنها خطيئة متكررة رغم إن الروائية تقول على لسان أحد أبطالها أن الجسد هو التفاحة الأخيرة التى أسقطته من عالم الوجود والانسانية أو ربما هى التى جعلته يعرف نفسه ويكتشف ذاته الداخلية لقد أحبت نورسيتا إيفان وأعترفت بذلك للمحامية ورد. ولكن كيف يحب المسجون ساجنه والمقهور قاهره فقط فى رواية جان جانيه الوردة يمكن للمسجون أن يعشق السجان لانه ليس له من بد من الخلاص عن طريقه ولم يبقى لها إلا أن تعيش فى الحزن وتعاشر مدمن للخمر والعاهرات والمازوخى.
الرواية بها نمو لشخصية البطلة وهذا ما يعرف برواية نمو الذات أو رواية التعلم فمن أدركت عالم الوجود والتطرف والحرب الأهلية وعرفت القهر ومنابع الجسد والسعادة ثم توصلت فى النهاية إلى الحقيقة بداخلها فى موجات التصوف والزهد والتفكير عن خطاياها مع أيفان؛ بالإضافة إلى أنها مكتوبة بطريقة بارعة وبها شاعرية عالية ينم عن موهبة قوية للكاتب وخيال منفتح على عوالم متعددة. وبهذه الرواية كأنها تدين العالم الذى يسكن أمام معاناتى البشرى وقتلهم دون ذنب.
الواقع السحرى كألف ليلة وليلة وحكاية شهر زاد التى تحاول أن تبقى على حياتها ولكن ليس بالحدوتة ولكن عن طريق الجنس وفهم الطبيعة البشرية ومحاولة هى عالم هذه الرواية ومحاولة فلسفية لفهم الوجود الإنسانى؛ كثير من الصور الشاعرية فى هذه الرواية ورفاهية عالية فى رصد المشاعر الانسانية وبناء محكم وخاصة بعد الفصول الأولى من الرواية.