تدور أحداث رواية "التفاحة الأخيرة"، للكاتبة اللبنانية سونيا بوماد، التي صدرت حديثًا عن دار الكتاب العربي، على هامش الحروب التي نشبت في البلقان، حيث يخطف مقاتل في فرقة الإعدام طفلة، ويرحل بها خارج الأراضي اليوغسلافية بعد أن قام بإعدام عائلتها بالكامل، وأدرك أن الحرب أوشكت على نهايتها، وأن الأممالمتحدة ستفرض سلامًا مازال غير مقتنعًا به، لأن نار انتقامة لم تبرد بعد أن قُتل أهله هو أيضًا في تلك الحرب، واجبرته الظروف أن يلتحق بفرقة الاعدام التي أبادت الالف من الابرياء. يدور بين الخاطف والمختطف صراع مرير لا تتعادل فيه موازين القوة، بين طفلة ومقاتل منتقم، وبخيال وهمي في عالم موازي تدور هناك أيضا صراعات أخرى بين عهود التفاحة الأولى تفاحة الخطيئة التي جعلت المرأة الانثى وفي كل الاديان تحمل على كاهلها وزر كل ما هو ناقص ونجس ومشبوه، وبين التفاحة الثانية -تفاحة نيوتن-، والتي اتت بمرحلة جديدة لتدحض الاساطير والخرفات وتفصل بين ما كرس الدين منها وبين تحليل العقل والمنطق، ولكن هذه الثورة الفكرية اضطهدت أيضا الإنسان الانثى وجعلت منا اقل قيمة من شريكها، وتوغلت في ما خفي لتبعد الإنسان أكثر عن محور الجسد، ولتغوص به في عالم الروح والماورائيات والمنطق ومروج العقل وادران الافلاك، تفاحة سلخة الإنسان عن رغباته، وجعلت هذه الرغبات المحرمة وكأنها طبيعة خلقه الله فقط للتكاثر ولكي يرسلنا من خلاله إلى النار.. إلى تلك التفاحة الثالثة تفاحة التكنولوجيا المقضومة والتي استعملت الإنسان عمومتا والمرأة خاصتا وفتحت الباب واسعا امام رغباته واباحت المحظور، وكانت مقضومة لأنها تتأرجح بين الخير والشر بكل ما فيها. ومن خلال هذه الرحلة منذ بداية تدوين الاديان لقصة الخلق إلى الآن، نلاحظ كيف استعملت المرأة بكل ما فيها وقود لكل نار، واستعمل جسدها كساحة حرب تدور عليه الصراعات وتحدد من خلالها مقاييس النصر والهزيمة، من تفاحة حواء إلى ما حدث في كل هذه الحروب إلى ما يحدث في سوريا والعراق من سبي واغتصاب وتجارة جواري، ادركت نوريستا بطلة الرواية المغتصبة أن هناك تفاحة أخيرة ستحكم عالمنا هذا، تفاحة ستختصر كل ما كان لتؤسس لعالم جديد تفاحة كاملة غير مقضومة ستعيد الإنسان إلى جنته، وهي تفاحة الأخيرة، فهل ستظهر براءتها بعد أن اتهمت بجريمة قتل لم يعرف -رغم كل الجهود- من الذي نفذها؟ هل ستتحقق مفاعيل أخرى لتفاح الله على الارض، أم أن هناك دائما عدالة ناقصة؟.