لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة : المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، وأتمّ الصلاة وخير التسليم على حبيب قلوبنا ، على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته و أهلاً ومرحباً بكم معنا على الهواء عبر أثير إذاعتكم حياة FM ، نرحب بكم ونرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أهلاً ومرحباً بكم شيخنا و أستاذنا . الدكتور راتب : بارك الله بكم ونفع بكم . المذيع: أكرمكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقرآن كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ , وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقرآن ؛ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ , وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقرآن مَثَلُ الرَّيْحَانةِ ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ , وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقرآن كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ )) [ متفق عليه عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ] من هذا الحديث النبوي العظيم – وكل قوله وفعله وإقراره وصفاته عظيمة صلى الله عليه وسلم – حلقتنا لهذا اليوم : أنا والقرآن ، ما هي العلاقة التي ينبغي أن تربط المسلم بكتاب ربه ، بدستوره القرآن الكريم ؟ العلاقة التي تربط المسلم بالقرآن الكريم : الدكتور راتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات . بادئ ذي بدء ؛ القرآن كون ناطق ، و الكون قرآن صامت ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي . أنا أستنبط من هذا النص أن العلاقة بين القرآن والعلم علاقة متينة ، وعلاقة ترابطية ، بمعنى أن القرآن كلام الله ، وأن الكون خلقه ، وأن الحوادث أفعال الله ، والله عز وجل يقول : ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ سورة الجاثية : 6] آيات كونية الكون ، آيات تكوينية الأفعال ، آيات قرآنية الكلام ، هي قنوات ثلاث كلها سالكة بمعرفة الله ، وأصل الدين معرفة الله ، إنك أن عرفت الله ثم عرفت أمره تفانيت في طاعته ، وإن عرفت الله ولم تعرف أمره كيف تطيعه وتعبده ؟ أما إن عرفت أمره ولم تعرفه فتتفنن في معصيته ، هذه حقائق مسلم بها ، أنا أكاد أضع يدي على مشكلة المسلمين الأولى الإيمان بالشرع موجود ، الحلال والحرام ، والخير والشر ، والواجب والفريضة ، والسنة المؤكدة وغير المؤكدة والمباح ، الأمور الفقهية التعبدية بين يدي الناس ، أين المشكلة ؟ النقطة الدقيقة الدقيقة أن وعود الله بالنصر غير محققة الآن . ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [ سورة النور: 55 ] نحن لسنا مستخلفين ، الحقيقة المرة وهي عندي أفضل ألف مرة من الوهم المريح . ﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾ [ سورة النور: 55 ] الدين غير ممكن الآن بالعكس يواجه حرباً عالمية ثالثة ، كانت تحت الطاولة واليوم فوق الطاولة : ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾ [ سورة النور: 55 ] نحن لسنا آمنين ، لسنا مستخلفين ، لسنا ممكنين ، ولسنا آمنين ، آخر الآية كلمة واحدة : ﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾ [ سورة النور: 55 ] فإذا أخلّ الطرف الآخر وهم البشر بما كلفوا به من عبادة الله عز وجل فالله في حلّ من وعوده الثلاثة ، إذاً : ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾ [ سورة النور: 55 ] فلذلك هذا القرآن كلام ، هذا القرآن لا نقطف ثماره إذا قرأناه ، ولا إذا فهمنا معانيه، ولا إذا تزينا به ، تضع المرأة المصحف على صدرها ، ويضع الرجل آية الكرسي في صدر البيت ، هذه أشياء جيدة لكن لا تقدم ولا تؤخر ، لا بد من أن نطبقه : (( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه )) [ الترمذي عن صهيب ] المذيع: دكتور ما المقصود بذلك ؟ الدكتور راتب : أي إذا إنسان يأكل الربا ، الربا محرم بالقرآن ، معنى ذلك لم يؤمن بالقرآن الإيمان الذي يحمله على طاعته . المذيع: دكتور كل بني آدم خطاء . تطبيق أوامر الله في القرآن الكريم لقطف ثماره : الدكتور راتب : خطأ عن خطأ يختلف ، المؤمن يخطئ خطأ غير مقصود ، حينما يعلم أن الربا محرم ، بل هو محرم أشدّ التحريم ، لأنه لا يوجد معصية في القرآن كله توعد الله مرتكبها بالحرب إلا الربا : ﴿ فَإن لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [ سورة البقرة: 279 ] الإنسان عندما – لا سمح الله ولا قدر – يشرب الخمر يؤذي نفسه فقط ، فإن زنى يؤذي معه امرأة ، فأن أكل الربا انظر المشكلة أنك حينما تضع للزمن ثمناً والأساس الزمن ليس له ثمن ، فإذا وضعنا للزمن ثمناً تجمعت الأموال بأيد قليلة وحرمت منها الكثرة الكثيرة ، قال تعالى : ﴿ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ [ سورة الحشر: 7] حينما يتداول المال بين الأغنياء ، أنت عندما تأخذ قرضاً ربوياً تضيف الفائدة على رأس المال فيرتفع سعره ، فكلما ارتفع السعر ضاقت مساحة المنتفعين بهذه المادة ، هذه الطريقة تقلب المجتمع إلى مجتمعين ، مليون لا يملكون واحداً ، وواحداً يملك مليوناً ، عندما يكون هناك تفاوت طبقي كبير جداً ، تنشأ الأحقاد والثورات وأعمال العنف ، والعنف لا يلد إلا العنف ، لو تتبعنا هذا الأمر نجد أن المعصية تؤذي صاحبها فقط أحياناً تؤذي معه واحداً ، أما هناك معصية تسبب تجمعاً للأموال بأيد قليلة وتحرم منها الكثرة الكثيرة ، قال تعالى : ﴿ فَإن لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ ﴾ [ سورة البقرة: 279 ] هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً لدى أخوتي المستمعين . المذيع: وهذا الفهم الاجتماعي الاقتصادي كله يستنبط من الفهم الشرعي للآية ؟ الدكتور راتب : طبعاً إله مشرع هو الخبير وحده ، قال تعالى : ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [ سورة فاطر: 14 ] علاقة أي سبب بالنتيجة علاقة علميّة : الحقيقة هناك فكرة دقيقة قليلاً ، لو أن إنساناً ساكناً في بيت ، والبيت له بابان ، أعطى الأب أمراً أن يستخدم أحد البابين والثاني ممنوع استخدامه ، ومن يخالف يعاقب ، فإذا دخل أحد أبنائه من الباب الآخر الذي نهى عنه الأب تلقى ضرباً من أبيه ، لكن لا يوجد علاقة علمية بين ضرب الولد وبين دخوله من باب من الأساس صمم للدخول ، لكن من منعه ؟ الأب، هذا منع وضعي ، لكن أي إنسان يضع يده على مدفأة مشتعلة تحترق يده ، فالعلاقة بين احتراق اليد وبين وضعها على المدفأة علاقة علمية ، أنا حينما أؤمن أن أي أمر أمرنا به فالعلاقة بين فعله وبين النتائج علاقة علمية ، علاقة سبب بنتيجة ، وأي أمر نهينا عنه فالعلاقة بينه وبين النتائج علاقة علمية ، هذا الدين علم ، هذا الأمر الإلهي لو نفذ قطف الناس ثماره ، بل أقول لك كلمة أخرى : لو جاء إنسان ملحد وطبق كل أوامر الدين يقطف ثماره في الدنيا ، لأن إيجابيات الغرب بالأصل إسلامية ، لأن الغرب يعبد الدولار من دون الله ، مصلحته أن يكون صادقاً في البيع والشراء ومتقناً ، كل هذه تعاليم شرعية ، لذلك دقق : العمل العبادي يتفق مع العمل الذكي في النتائج يختلفان في البواعث ، لو فرضنا معملاً له مدير عام ، هذا المدير يحمل أعلى شهادة في إدارة الأعمال ، وراقبناه شهراً مراقبة دقيقة ، يوضع في صدره جهاز تسجيل كل أوامره ونواهيه وكل أحواله مسجلة ، هذا الشريط يفرغ ، يحذف التكرار ، من خلال تسجيل شهر نعرف هذا المدير ؛ مواقفه ، انفعالاته ، صبره ، حكمته ، نعرفها كلها ، لو جئنا بإنسان مؤمن نتفاجأ مفاجأة جديدة أن النتائج متطابقة ، العمل الذكي يتفق مع العمل العبادي . المذيع: دكتور هذا الإنسان يحمل شهادة إدارة ، والمؤمن لا علاقة له بالإدارة . الدكتور راتب : هذه الشهادة تقتضي أن تحاسب العمال محاسبة عادلة ، أن تكافئ المحسن ، أن تعاقب المسيء هذه كلها أوامر دينية ، هو الدين واحد ، نحن عملنا تقسيمات مفتعلة ، العمل الذكي يلتقي مع العمل العبادي في النتائج . المذيع: دكتور كلهم يحثون على الأمانة .. الدكتور راتب : الأمانة ، والاستقامة ، وإتقان العمل يختلفان في البواعث ، لذلك المؤمن عندما يدير عملاً باعثه أخروي ، باعثه إرضاء الله ، يقطف ثمار طاعته لله في الدنيا والآخرة معاً ، أما غير المؤمن فيقطف ثمار التزامه بمبادئ إدارة العمل في الدنيا فقط . المذيع: بما يعرف بالسنن الكونية ، كثير ما نسمع عبارات أن القرآن دستور ما المقصود بذلك دكتور ؟ وجود الإنسان لا معنى له من دون منهج يسير عليه : الدكتور راتب : الإنسان أعقد آلة في الكون قطعاً ، هذا التعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولهذه الآلة صانع عظيم ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، انطلاقاً من حرصك اللامحدود على سلامتك وسعادتك ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع وهو الله ، دعك من موضوع الدين ؛ اشتريت جهاز كومبيوتر لتحليل الدم ، هذا الجهاز ثمنه مئات الملايين ، تضع نقطة دم يعطيك اثني عشر تحليلاً فوراً ، لسبب أو لآخر التعليمات لم ترسل لك ، لو استخدمته من دون تعليمات عطبته وخسرت ثمنه ، و لو لم تستخدمه جمّدت ثمنه ، التعليمات أليست أهم من الجهاز ؟ اسمع قوله تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقرآن * خَلَقَ الْإنسَان * عَلَّمَهُ الْبَيَان ﴾ [ سورة الرحمن : 1-4] أيعقل أن يعلم الإنسان القرآن قبل أن يخلق ؟ ليس لها معنى ، قال العلماء : هذا الترتيب رتبي لا ترتيب زمني ، بمعنى أن وجود الإنسان لا معنى له من دون منهج يسير عليه ، تقديم رتبي لا تقديم زمني : ﴿ عَلَّمَ الْقرآن * خَلَقَ الْإنسَان ﴾ [ سورة الرحمن : 2-3] لا معنى لوجوده من دون منهج ، الله أودع فيه الشهوات ، والشهوة عمياء ، والشهوة ممكن أن تتحرك بها مئة وثمانين درجة ، الإله سمح لك بمئة درجة ، هذا في النساء ، في كسب المال ، في كل شيء ، أنت معك حرية مئة وثمانون درجة بكل شيء ، والشرع سمح لك بمئة ، هذا الموضوع تسعون ، هذا مئة وعشرون ، هناك أشياء مسموح بها ، عندك مباح ، عندك سنة غير مؤكدة ، سنة مؤكدة ، عندك واجب ، عندك فرض ، عندك مكروه تنزيهاً ، مكروه تحريماً ، حرام ، أي شيء في الأرض تعتبره عشرة أحكام ، بين حرمة قطعية ، بين كراهة تحريمية ، كراهة تنزيهية ، بين مباح ، بين سنة ، سنة مؤكدة ، واجب ، فرض ، أنت لأنك أعقد آلة في الكون سلامتك تهمك ، سلامتك باتباع تعليمات الصانع ، انطلاقك من حرصك اللامتناهي على سلامتك وسعادتك ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع ، فالإنسان في الأصل السبعة مليارات ومئتا مليون في الأرض ما منهم واحد إلا وهو حريص على سلامته وسعادته واستمراره . سلامته باتباع تعليمات الصانع بالاستقامة ، الاستقامة تؤدي إلى السلامة ، أما رقيه فبعمله الصالح ، العمل الصالح إيجابي ؛ أديت من مالك ، من وقتك ، من علمك ، من جاهك، من خبرتك ، عطاء ، الاستقامة ترك ، ما أكلت مالاً حراماً ، ما كذبت ، ما غششت ، كلها ماءات ، الترك استقامة والعطاء عمل صالح ، وهما متكاملان ، والعلماء قالوا : إن ورد أحدهما يعني الآخر ، فإن وردا معاً افترقا . إذا قلت : الاستقامة تعني العمل الصالح ، قلت : العمل الصالح يعني الاستقامة، إذا قلت : الاستقامة والعمل الصالح ، الاستقامة ترك والعمل الصالح عطاء ، فما لم يعلم الإنسان أن هذا الخالق العظيم هو الخبير بحياتنا ، الخبير بسعادتنا ، بسبب شقائنا ، فهو لا يفقه شيئاً ، لذلك : ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [ سورة فاطر: 14 ] فالإنسان عندما ينطلق لطاعة الله عز وجل ينطلق من عقل واع ، ينطلق من نفس طيبة ، والثمار لا تعد ولا تحصى . المذيع: دكتور ربنا أرسل للأمم من قبلنا أنبياء وكتباً ورسالات لتخبرهم ما هو خير الدنيا والآخرة ، وحينما شاء الله عز وجل أن تكون معجزة القرآن خاتمة للرسل ، وبالتالي هي صالحة لكل زمان ومكان إلى يوم القيامة ، هل نستطيع اليوم أن نطبق القرآن بكل تفاصيله على كل الأقوام و كل الأماكن والأزمنة ؟ منهج خالق الأكوان صالح لكل زمان و مكان : الدكتور راتب : لا يمكن لمنهج خالق الأكوان ألا يكون صالحاً لكل مكان وزمان ، إله : ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [ سورة فاطر: 14 ] هو الخبير الوحيد ، شرعه يمكن أن يطبق في أي مكان وزمان ، عندك أشياء فرضاً استنشاق الهواء فرض ، شرب الماء فرض ، تناول الطعام فرض ، أما إذا كان هناك فاكهة نادرة مثلاً أفوكادو ، فريز ممكن ألا تأكلها ولا تموت ، هناك أشياء فرض ، أشياء واجب، أشياء سنة مؤكدة ، سنة غير مؤكدة ، ثم المباح ، أنا ألبس كنزة ، لونها زيتي بدل الرمادي ، هذه لا علاقة لها بالدين ألوان ، أذواق ، هناك أشياء معتم عليها رحمة بنا ، وكلما تدخلنا فيها تضيق الدائرة علينا ، حينما أسأل وأسأل تضيق الدائرة ، إذا الله عز وجل سكت عنه الأصل أن نسكت عنه ، اذبحوا بقرة ، ما لونها ؟ ما ؟ ما ؟ ضيقوا ، صار ثمنها لا يكفي وزنها ذهباً ، هذا درس لنا ، كل شيء جاء عن الأقوام الأخرى درس بليغ لنا ، شيء الله حدده تحدده ، شيء مفروض فرض ، شيء أقل من فرض واجب ، هناك شيء أقل من واجب سنة مؤكدة ، أقل من سنة مؤكدة مباح ، شيء مكروه كراهة تنزيهية ، ثم كراهة تحريمية ، ثم حرام ، فأنت بطولتك أن تتحرك وفق هذا المنهج . المذيع: وهذا تستمد أحكامه من كتاب الله . الدكتور راتب : أبداً ومن سنة رسول الله . المذيع: دكتور هل نستطيع أن نطبق القرآن كاملاً في هذا الزمان ؟ الآيات في القرآن الكريم قطعية الدلالة أو ظنية الدلالة : الدكتور راتب : طبعاً ، القرآن الذي فيه تغير أعطاك حكماً ظنياً ليس قطعياً ، مثلاً إذا قلت لك أعط فلاناً ألفاً وخمسمئة درهم ، هذه قطعية الدلالة ليس عليها خلاف ، هذه الآية قطعية الدلالة، لا يختلف عليها اثنان في الأرض ، إذا قلت لك : أعط فلاناً ألف درهم ونصفه ، الهاء على من تعود ؟ لك أن تعيدها على الدرهم ، أي أعطه ألفاً ونصف درهم ، ولك أن تعيدها على الألف أي أعطه ألفاً وخمسمئة ، هذه الآيات الاحتمالية رحمة بنا ، هناك آيات قطعية الدلالة . المذيع: دكتور نأخذ مثالاً من كتاب الله للآيات التي لا تتبدل . الدكتور راتب : ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [ سورة البقرة: 184] ما تحدد نوع السفر ، هناك سفر مطلق : ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [ سورة البقرة: 184] لو سافرت من دمشق إلى بيروت عشر دقائق لك أن تفطر ، حتى لا يكون هناك اختلاف ، أو منازعة ، ما أعطى صفة أعطى حكماً قطعياً ، سفر فقط ، عظمة الشرع يا سيدي يفعله كل إنسان براحته ، مثلاً : ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ ﴾ [ سورة البقرة: 185] أي مرض تستطيع أن تفطر ، هناك إنسان المسافة قصيرة في السفر ولا يوجد مشقة يقدر ألا يفطر : ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [ سورة البقرة: 184] عندنا حدود وعندنا فرص وعندنا نصيحة من الله ، حد وفرصة ونصيحة . المذيع: دكتور بإمكاننا أن نطبق القرآن منهجاً كاملاً في حياتنا اليوم لماذا لا نطبقه اليوم؟ أسباب عدم تطبيق منهج القرآن في حياتنا بشكل كامل : الدكتور راتب : السبب لأننا عرفنا الأمر ولم نعرف الآمر ، أنت في بلد معين تأتيك ورقة من جهة قوية جداً : تعال غداً الساعة العاشرة ، بلد معين تأتيك ورقة من دائرة البريد : تعال غداً تسلم رسالة مسجلة قد لا تذهب ، الأمر من الآمر ، إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في معصيته ، أنا أضع يدي على المشكلة الأولى في العالم الإسلامي ، الأمر بين أيدينا درسناه في الابتدائي والإعدادي والمتوسط والجامعة ، لكن معرفة الله تحتاج إلى تفكر ، لذلك هناك علم بخلقه ، هذا اختصاص الجامعات في الأرض ؛ علوم ، فيزياء ، كيمياء ، طب ، هندسة ، فلك ، رياضيات ، وهناك علم بأمره كليات الشريعة في العالم الإسلامي ، الأمر ، والواجب ، وأحكام الزواج ، والطلاق ، أحكام الشراء ، مليون حكم فقهي ، وهناك علم به ، علم بخلقه اختصاص الجامعات في الأرض ، وعلم بأمره اختصاص كليات الشريعة ، وعلم به ، قال : العلم بخلقه ما ثمن هذا العلم ؟ المدارسة أن تنتسب لجامعة ، هناك أستاذ و سبورة ومرجع – كتاب – وامتحان ، حضور الدرس، والانتباه للمدرس ، والمراجعة ، والدراسة العميقة ، وأداء امتحان ، وأخذ شهادة ، هذه اسمها كلها مدارسة ، العلم بخلقه سببه المدارسة ، والعلم بأمره مدارسة أيضاً ، الفرائض والواجبات وأحكام الطلاق والزواج إلى آخره ، أما العلم به فيحتاج إلى مجاهدة ، جاهد تشاهد . أنواع الجهاد : أن تعرف الله يجب أن تطيعه ، وأن تؤثره على من سواه ، العلم به هذا أرقى علم يحتاج إلى مجاهدة ، جهاد النفس والهوى ، وجهاد النفس والهوى مستويات ، أول مستوى جهاد النفس والهوى ، أعلى منه الجهاد البنائي ، تتقن عملك كي تبنى الأمة ، وأعلى منه الجهاد الدعوي : ﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾ [ سورة الفرقان: 52 ] وهناك الجهاد القتالي بعد ذلك ، أما نحن فمشكلتنا تقول : جهاد لا ينطلق الذهن إلا إلى الجهاد القتالي ، جهاد النفس والهوى هو الأصل ، هو الأساسي كالتعليم الأساسي ، المهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة . المذيع: دكتور من أراد أن يصل إلى الجهاد القتالي عليه أن يبدأ بهذا الجهاد ، يجاهد نفسه . الدكتور راتب : جهاد النفس والهوى هذا الجهاد الأساسي ، كالتعليم الأساسي ، أو البناء على الهيكل ، هذا الهيكل البنائي تتقن عملك حتى لا نأتي بخبراء ، عندك مهندس ، لماذا تعطي الخبير مئة ضعف عن الوطني ؟ معه خبرات عالية جداً ، الجهاد البنائي إتقان عملك . المذيع: الجهاد الثالث بالدعوة ؟ الدكتور راتب : بالدعوة : ﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾ [ سورة الفرقان: 52 ] وأساساً إذا لم يكن هناك جهاد دعوي لا يوجد جهاد بالقتال ، البلد أسلم انتهى . المذيع: أما إذا تعرض للاحتلال فهذه الثلاثة تؤهله للجهاد القتالي . الدكتور راتب : القتالي رابع شيء ، أساسي ، بنائي ، دعوي ، قتالي ، و آخر شيء الجهاد الإلكتروني ، وهذا موجود ، هناك مواقع ضد الإسلام ، بطولتك أن ترد عليها . المذيع: العلاقة التي يفترض أن تربط المسلم بالقرآن ، هل يفترض أن يكون معظم وقتنا مع القرآن في قراءته أم في حفظه أم في تفسيره أم في تطبيقه ؟ بماذا تنصحنا دكتور ؟ تدبر القرآن و تطبيقه : الدكتور راتب : أولاً : أن نعيش مع القرآن في تلاوته ، وفي تطبيقه ، وصف الله المؤمنين : ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾ [ سورة البقرة: 121 ] ماذا تعني الآية الكريمة حق تلاوته ؟ أي أن نقرأه تلاوة صحيحة لا خطأ فيها ، ثانياً تعني إن أمكن أن نقرأه قراءة مجودة – إدغام وإقلاب وإظهار ومدود – هذه الأفضل، وتعني التلاوة الصحيحة أن نفهمه ، وتعني في النهاية أن نطبقه ، فلذلك لو أن طبيباً أعطى مريضاً وصفة ، هذا المريض يقرأ اللغة الأجنبية فقرأها قراءة صحيحة ثم وضعها في إطار أنيق ووضعها في صدر البيت ومتع ناظريه بها ، كل هذه الأعمال لا قيمة لها ما لم يشرب الدواء ، فالقرآن شفاء ، والشفاء يعني أن هناك مرضاً ، هذا القرآن ممكن أن نحفظه بشكل رائع جداً ، و لكن هذا لا يكفي ، ممكن أن نجوده بشكل رائع جداً و لكن هذا لا يكفي ، يسمونها بالمنطق شرط لازم غير كاف ، يجب أن تقرأه قراءة صحيحة ، أن تقرأه قراءة مجودة لا يكفي ، أن تفهمه لا يكفي ، أن تطبقه ، هذا هو التدبر في بعض الآراء ، ليدبروا آياته .. المذيع: دكتور ما الفرق بين مصطلحات : قراءة القرآن ، تدبر القرآن ، تلاوة القرآن ؟ من طبق كتاب الله قطف ثماره في الدنيا قبل الآخرة : الدكتور راتب : الحقيقة أنا لي اجتهاد خاص بالتدبر ، أن تضع نفسك وتقول : أين أنا من هذه الآية ؟ ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ﴾ [ سورة البقرة: 261 ] إذا كان هناك إنسان لا ينفق إطلاقاً ، وضع نفسه أمام الآية فإذا به لا ينفق ، وهذه حقيقة مرة ، هذه بطولة ، قال تعالى : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَا ﴾ [ سورة الأنفال: 2] أنت إذا قرأت أوصاف المؤمنين ينبغي أن تقف عندها ، أين أنا من هذه الآية ؟ هل تنطبق عليّ أوصاف المؤمنين ؟ أو هل تنطبق – لا سمح الله ولا قدر – عليّ أوصاف المنافقين ؟ ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [ سورة النساء : 142] المنافق يذكر الله لكن ذكره لله قليل ، قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [ سورة الأحزاب: 41 ] ضع تحت كثيراً أربعة خطوط ، الأمر لا أن تذكره فقط أن تذكره ذكراً كثيراً ، لذلك قالوا : (( من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق )) [الطبراني في الصغير عن أبي هريرة ] (( وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده )) [ورد في الأثر] لذلك البطولة هذا الكتاب وضع لسعادتنا في الدنيا والآخرة ، و لا يوجد إنسان يطبقه إلا و يقطف ثماره بالدنيا قبل الآخرة : ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [ سورة الرحمن: 46] جنة في الدنيا وجنة في الآخرة . المذيع: تلاوة القرآن تلاوة تدبر هي المرحلة الكبيرة فيتبعها بعد ذلك بالتطبيق وهو سرّ وجود القرآن ، ماذا عن علاقة المسلم بالقرآن حفظاً ، هل نحن مطالبون بحفظ القرآن الكريم ؟ قيمة الإنسان بما في جوفه من القرآن : الدكتور راتب : والله لا يوجد نصوص قطعية الدلالة ، لكن قيمة الإنسان بما في جوفه من القرآن أي ما يحفظه ، لكن الأساس التطبيق ، وأجر ما يحفظ له أجر قطعاً ، لكن أنا أريد ألا نكتفي بالحفظ فقط ، الاكتفاء بالحفظ فقط لا يقدم ولا يؤخر ، سألوا أحد أكبر الأئمة أن فلاناً حفظ كتاب الأم للشافعي ، فقال : زادت نسخة ، إذا اكتفينا بالحفظ فقط زادت نسخة ، القرآن منهج ، يسمونه باللغة المعاصرة : منهج تفاعلي ، التفاعل معه أن تطبقه . المذيع: دكتور ما رأيكم في النسخ المترجمة من القرآن الكريم إلى لغات العالم الإنكليزية ؟ العبرية ؟ الصينية ؟ إعجاز القرآن لا يمكن أن ينقل إلى لغة أجنبية : الدكتور راتب : أنا أعدها شيئاً جيداً إيجابياً ، لكن التأكيد أن إعجاز القرآن لا يمكن أن ينقل إلى لغة أجنبية ، مثلاً : ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [ سورة البقرة:187] اقرأ الترجمة ، المرأة بنطال للرجل ، والرجل بنطال للمرأة ، ليست معقولة إطلاقاً، لذلك الترجمات القرآنية للغات الأجنبية هناك ترجمة حرفية وهناك المعنى الذي يؤخذ من هذه الآية ، أكثر الكتب المترجمة غير الترجمة الحرفية في معنى الآية . المذيع: هناك بعض ترجمات القرآن بلغة الإشارة هل تصل كل معاني القرآن إلى أولئك بهذه الطرق أم حينها يخرج عن العربية ؟ الدكتور راتب : يصل بعضها ، لكن مرة زارني مندوب شركة هولندي قال لي : نحن كيف الله يحاسبنا لا نفهم العربية ؟ هو يتكلم معي باللغة الإنكليزية ، أنت لغتك يابانية كيف تعلمت اللغة الإنكليزية ؟ للتجارة ، فإذا كان الدين يحتل مرتبة كبيرة عندك فتعلم العربية من أجله ، لذلك قال سيدنا عمر : "تعلم العربية فإنها من الدين ". من أجل تجارة طارئة ، من أجل كسب وكالات تتعلم اللغة الأجنبية ، وتخاطب الشركات بها ، من أجل الدنيا ، من أجل حياة أبدية سرمدية ألا ينبغي أن تتعلم العربية ؟ تعلم العربية فإنها من الدين . المذيع: دكتور قراءة القرآن الكريم من خلال الوسائل الحديثة عبر الجوالات وتطبيقاتها هل هي بكامل أجرها كمن يقرأ من المصحف الورقي ؟ أفضل الأمور القراءة من المصحف : الدكتور راتب : أنا أرى أن القراءة من مصحف أقوى شيء ، لكن لها أجوراً متنوعة ، راكب سيارتك تسمع القرآن لا يوجد مشكلة كبيرة . المذيع: تقرأ القرآن من جوالك ولا تقرأه من المصحف الورقي ؟ الدكتور راتب : ممكن من الجوال لا يوجد مشكلة . المذيع: ماذا عن سماع القرآن هل الأولى للمسلم أن يقضي وقته في سماع القرآن أو أن يقرأه ؟ ارتباط سماع القرآن أو تلاوته بالظروف المحيطة به : الدكتور راتب : إذا كان في مكان لا يستطيع قراءة القرآن يقود مركبته يسمعه ، في سفرة طويلة ، حتى في الطائرة هناك اختيار . المذيع: الورد اليومي هل يجعله سماعاً ؟ الدكتور راتب : هو يقرأ . المذيع: دكتور الأصل أن يقرأ القرآن بصوت مرتفع ولا يقرأه في نفسه ؟ قراءة القرآن بصوت معتدل : الدكتور راتب : ﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾ [ سورة الإسراء:110] يؤخذ من هذه الآية الاعتدال ، لو كان الصوت مرتفعاً كثيراً وآذى من حوله ، هذا غير لائق ، أما إذا كان الصوت معتدلاً فلابأس ، أما في عيونه فيضعف الأجر كثيراً . المذيع: ماذا لو يكون للمسلم ورد يومي من القرآن الكريم ، هل هو ملزم به ؟ هل يصبح فريضة ؟ الدكتور راتب : أنا أتمنى أن يكون هذا عند الناس جميعاً ، خمس صفحات في اليوم لا يوجد مشكلة . المذيع: دكتور بعض الناس يجعل الورد متوزعاً ، بعد كل فريضة يقرأ صفحتين . الدكتور راتب : ممكن ، العبرة أن تقرأ القرآن . المذيع: دكتور هل الأصل أن نسير في ختمة نبدأ من الفاتحة حتى جزء عم ؟ الإنسان مخير في قراءة السور في القرآن الكريم : الدكتور راتب : أنت مخير ، أحياناً أشخاص يقرؤون في الصلاة في السنن من القرآن أمامهم ، عندما لا يكون حافظاً بل كل آياته : والعصر ، لم يعد للآية معنى مع التكرار المستمر ، أما إذا كان هناك قراءة من مصحف بعضهم أجازها بالسنن والوتر وبعضهم سمح بها ، على كل أنت إذا وقفت بين يدي الله وقرأت صفحة من كتاب الله حينما قلت له في الفاتحة : اهدنا الصراط المستقيم ، الرد الإلهي : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾ [ سورة الزمر: 53 ] هذا الصراط المستقيم الذي طلبته من الله ، فعند الركوع سمعاً وطاعة يا رب ، وعند السجود يا رب اعنِّ ، لذلك أنت في الركوع تؤكد خضوعك لمنهج الله وعند السجود تستمد قدرتك على طاعة الله من الله . المذيع: سؤال وصل إلينا : لو كان الإسلام حافظاً للقرآن ويحافظ على الصلوات الخمس هل هذا يحميه من الكبائر ؟ الابتعاد عن الكبائر شيء متعلق باختيار الإنسان : الدكتور راتب : هذا شيء متعلق باختيار الإنسان ، إذا كان حفظه أدى إلى ملكة يملكها وليس خشية يعيشها ، هناك خشية وهناك ملكة ، سيدي يوجد علماء أجانب ليسوا مسلمين أساساً ألّفوا كتباً عميقة جداً في القرآن ، هذا اختصاص لا بد من إيمان ، إيمان باله واحداً موجوداً كاملاً . والقرآن كلامه فإذا انطلق الإنسان من إيمان بالله عميق ، القرآن له معنى كبير جداً . المذيع: من لم يستشعر بعظمة القرآن والخشوع حينما يقرؤه ؟ استشعار عظمة القرآن و الخشوع فيه : الدكتور راتب : النبي قال : "جددوا إيمانكم " بالعمل الصالح ، أولاً : هناك توبة ، لو كان هناك مخالفات ولو بدت لنا صغيرة ، تركب في طريق عرضه يقدر بستين متراً ، هذا المثل أنا وضعته ، عن يمينه واد سحيق وعن يساره واد سحيق ، الآن ما هي الصغيرة ؟ حرف المقود سنتمتراً واحداً يميناً لو استمر هذا الانحراف لكان في الوادي ، ما هي الكبيرة ؟ حرف المقود تسعين درجة ، فالنص الدقيق جداً : (( لا صغيرة مع الإصرار..)) [الحارث عن أبي هريرة وعبد الله بن عباس ] الصغيرة إذا أصررت عليها انقلبت إلى كبيرة إلى الوادي . (( ..ولا كبيرة مع استغفار )) [الحارث عن أبي هريرة وعبد الله بن عباس ] حرفته تسعون درجة وأرجعته . المذيع: نريد أن نختم هذا اللقاء بدعاء لعلها ساعة استجابة . الدعاء : الدكتور راتب : اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين ، اللهم احفظ هذا البلد ، واحفظ أهله ، واحفظ استقراره ، ومتعهم بما وهبتهم يا رب العالمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان ، واحقن دماءهم في الشام ، يا أرحم الراحمين . وصلّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين . خاتمة و توديع : المذيع: الحمد لله رب العالمين ، نصل معكم إلى ختام حلقتنا مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، وكان حديثنا فيها تحت عنوان : "أنا والقرآن " نور الله قلبكم بالإيمان . سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك ، والسلام عليكم .