الكوفية والجاكيت والشاي الساخن جدا ….القصائد النارية التي تغزو الوطن تارة وتغزو القلب تارة أخري أغرتني بالكتابة بقلم مداده من قطرات الشتاء التي تنعش أيقونة الذكريات علي كانون جدتي حين تشوي لنا كيزان الذرة فنأكلها ثم يلتقطها الرجال لإشعال الجوزة ليصهلل الشتاء في دارنا رغم أن الحوض ملأ وسط الدار بمياه الشتاء والنسوة خائفات ألا يعطف عليهن الرجال في ليلة دامسة كن يحلمن بشوق ملتهب وشعاع قمر يهمس بالحب…وقطعة لحم أو ورك بطة أخفته الزوجة تحت السرير لتعطيه للحبيب مكافأة بعد أن أجهد نفسه في حبها عذرا جدتي ….دجاجاتنا لم تعد تبيض بيضا بلديا , ليس تكبرا معاذ الله , و إنما حرصاً على صحتها ومساواتها بالحقوق مع الديك الذي صار من أنصار الزوجة الواحدة يخلص لها فلا ينظر الى دجاجات الجيران ويرقد على البيض حتى أنه تنازل لها عن مهمة الصياح فصرنا نفيق على صياح الدجاجات كل شئ تقدم يا جدتي حتي الشعر أصبح مذاقه عفش يخلي البني آدم بيحث عن زريبة مواشي يفتش فيها عن معاني الكلمات , لكنني هنا لازلت في عشتي أقصد اتحاد كتاب الدقهلية أنتقي البيض , قصدي الشاعر الجيد وأقدم له أحلي واجب , وأنا هذه الليلة تحديد تذوقت الشعر وكدت أطير به زهوا وإعجابا مع طارق مايز ومحمد عطوة وعبير طلعت وأحمد الحديدي والقاص المتوهج السعيد نجم وإدارة ساخرة , شاعرة , قاهرة من مصباح المهدي في أمسية الشعراء وقصائد الشتاء الذي شارك في إضفاء الجمال عليها الفنان مجدي يوسف قصائد الشتاء هي كعادتها باردة , ساخطة مثل جدتي تماما عاقدة حاجبيها حين يسافر جدي ويتركها وحيدة ترهف السمع لدقة كل طلمبة في الدار , وكل نار تشتعل تتيقن تماما بأن الحب يفرد جناحيه علي النساء في الدار إلا هي وأنا أيضا منها تعلمت الحزن عندما يأتي الشتاء ومن غربتي ادركت ان الحرمان يرسم بعصاه الغليظة خيوطا في جباه الثكالى وان الخفاش طير مسلوب الفرح مغمض العينين وأن الشاعر لو ملك تصريف الزمن لغرد في سربه في عين الشمس.. بعد عمر وبعد ان تعلمت ان افعل كجدتي اكتنز الحياء ليفيض طهرا وخفرا ادركت ان جدتي سيدة النساء وأن الشعر يدرك الرجال , فيقتل فيهم الفرح والعصافير بين أيديهم ترحل مشنوقة لأنها ترقص فقط في الظلماء وفي الشتاء تسافر زهوا في الاحلام و ترنو الى العالم بعين وتخبيء بالاخرى نور الروح ليمتد ناظرها الى الاخرى.. ..كان الشعراء الليلة يتألون محمد عطوة يحكي قصة عن فيلم أجنبي شاهده , وعلي عبد العزيز يحكي حكاية رائعة في امتلاك الشخص لحريته وهذا الشتاء يأتي حاملا ذكراه في كل المعاني إذا حل فما منه فكاك ولا منه مأمن، تحسبه ولّى وذهب عندما تشرق الشمس وترتفع الحرارة قليلا وتهدأ الرياح الباردة وتسكن، لكنه يعود في لحظات، وقد تبدو الأجواء أجواء صيف حارة ثم ينقلب الجو إلى برد قارس " كُنْتُ في ما مضى أَنحني للشتاء احتراماً … وأصغي إلى جسدي .. مَطَرٌ مطر كرسالة " هكذا وصف الشاعر محمود درويش الشتاء في قصيده " أحب الشتاء " .يأتي الشتاء لتنطلق مفرداته على ألسنة الشعراء و يتغنون به ، فمن خلال مفرداته يعبرون عن الحاجة إلى الدفئ و الوحدة و الجفاء ، حتى أرتبط والفراق و الوحده بالشتاء لدى الشعراء حتى أطلق عليه موسم الشجن ، فالبرودة تعني الوحدة , وحين تداهمنا الوحدة تداهمنا القصائد وعن تذوق الشعراء للشتاء يقول الشاعر " عماد حسن " في أحدى اللقاءات " أن فصل الشتاء فيه زخم هائل يدفع الشاعر الى الغوص في السماء المليئه بالغيوم ، و البرق و الرعد و المطر من أكثر العانصر الطبيعية التي تدفع الشاعر للكتابه ، حيث في ظل هذه الاجواء من الصعب أن يغادر الناس منازلهم فتغمرهم السكينة و الهدوء و من خلف زجاج الشبابيك يراقبون هذا الجو بشغف ن واذا لم يجد الشخص صديق او حبيب يسامره ويزيل عنه غيوم غربته فسوف تتسلل خيوط ذاكرته بين ثنايا حبات المطر