تكدس العولمة الحالية بشكل مباغت وشرس كل جهودها لطمس الهوية الثقافية لدي الشعوب أو بمعني اخر " إلباس " الشعوب هوية جديدة و وحيدة , و إن إختلفت طُرزها البيئية بختلاف الأقاليم الجغرافية، ما يطمح إليه الأمريكي والغربيّ بوجه عام قد يكون بعضه من محاور إسترتيجية إقتصادية مقصودة وهي ركيزة ومنبع فكرة العولمة بعد تداعي وسقوط محور الشر المزعوم ( الشيوعية ، والأشتراكية ) وذلك بتفكك وإنهيار الإتحاد السوفيتي ودول المعسكر الشرقي ، فإن فكرة العولمة قد تحققها محاولة " " طمس " او تغيير الهوية الثقافية للعالم التي تؤدي بالتالي إلي المكاسب الإقتصادية وسيطرة الفكر ( الواحد ) الذي عليه ان يحكم ويسود العالم ، ولا مكان هنا للتساؤل الديموقراطي الطبيعي " أين قبول وتواجد الطرف الأخر المُعارض ؟ . والهوية الثقافية بمفوهمها العام والكليّ تعني إسلوب الحياة الذي يتبعه الفرد ( فكرا وسلوكا ) ليتعايش في تناسق تام مع نفسه ومع الأخرين ، لضمان التوازن الكامل بين حقوقه وواجباته المجتمعية ، والسلام والأمان للمجتمع ككلّ . والثقافة وإن كان يُهذبها ويدّعمُها العلم ، ويرقي بها إلي الأفضل ، فإن دور المؤسسات الحكومية ( التعليم في كل مراحله ) والمؤسسات الإجتماعية التي تُكمل وتتمّ ما لم تستطع الدولة القيام به من انشطة متعددة في مجال الخدمات لبناء الفرد القوي والصالح بتوفير ما يُسد حاجاته المعيشية و الضرورية مما يتيح له بعد ذلك المشاركة الإيجابية في بناء المجتمع القوي والصحيّ ، يبقي ذلك دورا أساسيا للحكومات والمؤسسات الإجتماعية يصب في النهاية في بناء الهوية الثقافية للمجتمع . ولما كانت الثقافة بمفهومها الأشمل لا تعني درجة ما من " التعليم " بقدر ما تعني إلمام وفهم سريع للمتغيرات العلمية و التطبيقية في مناحي ووسائل المعيشة اليومية وتقنيات الإتصالات ، والنقل ، وأدوات التشغيل للآلات المنتجة والأجهزة المستخدمة لتوفير قدر اكبر من اليسر أ و حتي حد الرفاهية .. الخ ، إن إستيعاب ذلك وفهمه وإستخدامه بفاعلية هو ما يعكس درجة ثقافة الفرد المواطن ، وثقافة الأمة أي هذه هي الهوية الثقافية لهما معا . ولنقترب بعض هذا الإستعراض العام للهوية الثقافية للفرد ، والدولة كمثقفين – جادين – حريصين ومدركين لأهمية الهوية الثقافية مبتعدين قليلا عما هو معتاد من تنظير وكلام مُرسل إلي حلول عملية ممكنة ندعم بها هذه الهوية التي تُؤرقنا . ندرك جميعا دور " الميديا الإعلامية " وحجم تأثيرها في أي من المشكلات المطروحة في هذا اللقاء وغيره ، وهي أي – الميديا الإعلامية – سلاح ذو حدين ، اولهما التسويق الإقتصادي للمنتج نفسه ، وثانيهما هدم مقومات الإنتاج المحلي ويأتي بينهما إقامة وتثبيت أحد اكبر واخطر دعائم " الهوية الثقافية الجديدة " ، فعن طريق هذا المنتج في صوره المتعددة ( فيلم & كتاب & تقنية جديدة في أداة أو جهاز & منتج إستهلاكي شخصي وهذا اخطرها " مأكولات ومشروبات ، أزياء ومكملاتها اكسسوارات ، برفانات ، ديكورات وفرش شقق وحدائق ، الخ من مستخدمات الحياة اليومية التي لاغني عنها " . تشبه " ميديا اليوم " العصا السحرية التي تحقق كل شئ عن طريق التكثيف للمنتج وبالتالي التأثير الممنهج للتغيير المدروس " وقتا وقيمة " ، فما هو السلاح المضاد ؟ في رأيي لا خيار امامنا إلا : 1 التشبث بلغتنا العربية وعاداتنا وتقاليدنا العربية الإصيلة بعد تنقيتها وإستبقاء ما يلائم العصر منها دون تنحية لها تحت اي دعاوي والسياج الأمن للتطبيق هو قرآننا المجيد وكتبنا السماوية الثلاث ، التي نزلت والحمد لله واختصنا الله بها دون كل الأمم . 2- تعريب وليس ترجمة العلوم الحديثة إلي لغتنا الأم وهذا ما فعلته دول شرق آسيا ( ماليزيا ، اليابان ، اندونيسيا ، كوريا نقلت العلوم إلي لغتها الأم ) فأفلتت من جحيم تغيير الهوية الثقافية لشعوبها فتقدمت ، وسادت واحتفظت بهويتها الثقافية 3- في سياق اللغة العربية واهميتها يأتي دور المحليات في التشديد علي تعريب لافتات المنشأت والمحلات التجارية ، ويتزامن هذا التشديد في إستخدام اللغة العربية في الإذاعة والتلفزيون ، والصحف الورقية والإليكترونة والمجلات وكافة المطبوعات الرسمية . 4- دورنا كمثقفين تحويل معتقدنا الشخصي هذا إلي سلوكيات في منتدياتنا واحاديثنا ، وإبداعاتنا أخذينا " الحداثة " من تعبير ادبي إلي سلوك " حداثة " يحفظ لنا هويتنا الثقافية بالحد من إستخدام اللغات الأجنيبة في محادثاتنا وحوارتتنا ومكاتباتنا ومراسلاتنا ، وفي إستخدام العربية وبحروف عربية علي وسائل ووسائط التواصل الإجتماعي . قد لا يغطي هذاالمطروح في عجالة كل الدعائم الأساسية للحفاظ علي هويتنا المصرية / العربية لكن تبقي الهوية الثقافية اساسا حيويا لمعني الحياة لأي مجتمع ، ولأي دولة تنشد السلام ، والأمان . سيد جمعه / اديب وشاعر –