العمل: 157 وظيفة جديدة في مجال الطاقة والاتصالات بالجيزة    «كوب 30» ودور النفط فى الاقتصاد العالمى    وزيرة التنمية المحلية: التصدي الحازم لأية تعديات أو مخالفات بناء    الأولى منذ عقود، وزير الخارجية السوري يبدأ زيارة رسمية لبريطانيا    الجامعة العربية تختتم متابعتها للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري    أمور فى السياسة تستعصى على الفهم    استدعاء ثنائي جديد لمعسكر منتخب مصر الثاني    برشلونة يسعى لضم هاري كين لخلافة ليفاندوفسكي مستغلا الشرط الجزائي    ضبط 2 طن دواجن ولحوم مجمدة مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك بالقليوبية    محمد رمضان يقدم واجب العزاء في وفاة إسماعيل الليثي    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يمكن استخدام زيت الزيتون للقلي؟ أخصائي يجيب    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    قبل مواجهة أوكرانيا.. ماذا يحتاج منتخب فرنسا للتأهل إلى كأس العالم 2026؟    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    كندا تفرض عقوبات إضافية على روسيا    جارديان: برشلونة يستهدف هاري كين    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    وزير العدل الأوكراني يقدم استقالته على خلفية فضيحة فساد    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    رسميًا.. ستاندرد بنك يفتتح مكتبًا في مصر لتعزيز الاستثمارات بين إفريقيا والشرق الأوسط    المتحف المصري الكبير ينظم الدخول ويخصص حصة للسائحين لضمان تجربة زيارة متكاملة    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    كرة يد - بعثة سموحة تصل الإمارات مكتملة تحضيرا لمواجهة الأهلي في السوبر    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    طريقة عمل فتة الشاورما، أحلى وأوفر من الجاهزة    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    إخلاء سيدة بكفالة 10 آلاف جنيه لاتهامها بنشر الشائعات وتضليل الرأي العام في الشرقية    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    خالد النبوي يهنئ محمد عبدالعزيز لتكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي: أهداني أول دور    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    موعد مباراة مصر وأوزبكستان الودية.. والقنوات الناقلة    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    استعدادًا للموسم الشتوي.. حملات ميدانية لمتابعة صرف الأسمدة بالجمعيات الزراعية في الشرقية    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهَرَّاءُ وعِلْمُ الصَّرْف
نشر في شموس يوم 04 - 12 - 2015

لقد دَأَبَ كثيرٌ من الباحثين علي نِسْبَةِ وَضْعِ عِلْمِ الصَّرْفِ إِلَي العالم الكُوفِيِّ أبي مُسْلِمِ مُعَاذِ بْنِ الهَرَّاءِ (ت 187ه) , ولكِنَّ هذه النسبةَ مَوْطِنُ خِلافٍ بين العُلماءِ , ويُلْحَظُ أَنَّ السُّيُوْطِي (ت 911ه) هو أولُ مَنْ أَشَارَ إلي وَضْعِ الهرَّاءِ لِعِلْمِ الصَّرْفِ ؛ حيثُ يقولُ :" لَمَحْتُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ التَّصْرِيْفَ مُعَاذٌ هَذَا "(1)، وتَابَعَهُ كَثِيْرٌ مِنْ العُلَمَاءِ حَتَّى يَوْمِنَا هَذَا(2). ولكنَّ هذا الأمرَ فيه نَظَرٌ, فقد دفعهم لذلك حُبُّ الهرَّاءِ وَوَلَعِهِ بالتَّمَارِيْنِ المُخْتَرَعَةِ والأَبْنِيَةِ (3), وهذا يعني أنَّ التَّمَارِيْنَ والأبنيةَ وقضايا صرفيَّةٍ أُخْرَي كانت موجودةً قَبْلَهُ , فَجَاءَ الهَرَّاءُ لِيُكْثِرَ مِنْهَا , ويَتَفَنَّنَ فِي دِرَاسَتِهَا . فَهَلْ بِهَذَا يَكونُ الهَرَّاءُ وَاضِعَ عِلْمِ الصَّرْفِ ؟! وإذا صَحَّتْ روايةُ السُّيوطي السَّابِقَةُ , فهذا "يُخَالِفُ طبيعةَ الأشْيَاءِ ؛ إِذْ مِنْ غيرِ المَعْقُوْلِ أَنْ يبدأَ النَّحْوُ في البَصْرَةِ تِلْكَ البِدَايَة التي عرفناها , ثم توضعَ بعض الأصول ؛ مثل القياس والتعليل علي يد عبد الله بن أبي إسحاق (ت 117ه) ، ثم يُؤلف الخليل ين أحمد (ت 170ه) معجم (العين) ,
كل هذا دون أنْ تتناولَ البصرةُ المَبَاحِثَ الصَّرْفيَّةِ في انتظار الهراء في الكوفة حتى يضع أصول التصريف !(4) ،
ويُؤَكِّدُ الدكتور عبد الحميد عنتر نَفْيَ نِسْبَةِ وَضْعِ الهَرَّاءِ لِعِلْمِ الصَّرْفِ , ويسوق لذلك أدلةً من أَهَمِّهَا: (5) الأولُ : أَنَّ كُتُبَ التَّرَاجِمِ التي صُنِّفَتْ قبل عَصْرِ السُّيوطي (ت 911ه) لم تذكر أنَّ وَاضِعَ علم الصَّرْفِ مُعَاذُ , بل لم تُشِرْ إلي ذلك . الثَّاني : أنَّ العلماءَ علي كثرتهم بين بصريين وكوفيين ومُتأخرين عن هؤلاء وهؤلاء لم ينقلوا إلينا أيَّ قاعدةٍ صَرْفِيَّةٍ من القواعِدِ التي يُظَنُّ أَنَّ مُعَاذًا وَضَعَهَا ؛ مع أنَّه مِنْ مُتَقَدِّمِي الكوفيين وأستاذ الكسائي (ت 198ه). الثَّالِثُ : ما نعرفه من تاريخ مُعُاذٍ أَنَّه كان يَتَعَمَّقُ في صَوْغِ الأبنيَةِ المُخْتَرَعَةِ للتَّمَارِيْنِ, ويُكْثِرُ مِنْ ذلك في مُحَاوَرَاتِهِ وَمَجَالِسِهِ, حَتَّى ضَجَرَ منه الأدباءُ ومَلَّ حَيَاتَهُ الشُّعَرَاءُ ، فقالوا فيه ما قالوا, فظهر لك من هذا أنَّ مُعَاذًا لم يَكُنْ هُو الوَاضِعُ لِعِلْمِ الصَّرْفِ(6). ولكِنَّهُ كَلفَ بالتَّمَارِيْنِ والأبنيةِ (7), واشْتَهَرَ بِدِرَاسَةِ الصَّرْفِ وَمَسَائِلِهِ وَألَّفَ في ذلك كُتُبًا, ولكنَّ أيًّا من هذه الكُتُبِ لَمْ يَصِلْ إلينا؛ وضَاعَتْ كمَا ضَاعَ أكثرُ تُرَاثِ أجدادِنَا وعلمائِنَا ومُؤَلَّفَاتِهِمْ . والجديرُ بِالذِّكْرِ أَنَّ مَسَائِلَ عِلْمِ الصَّرْفِ والتَّأْلِيْفِ فيها , كان مشهورًا قبل مُعَاذٍ, ومن ذلك ما وَرَدَ : أنَّ ابن أبي إسحاق (ت 117ه) قد تَحَدَّثَ عن الهمزة, وَوَضَعَ كتابًا في (الهمزة) ؛ حيثُ يقولُ السيوطي عنه :"وتَكَلَّمَ في الهَمْزَةِ حَتَّى عَمِلَ فيه كتابًا أَمْلاهُ "(8) , وللرُّؤَاسِي (ت 187ه) كتاب (التَّصْغِيْرِ) , وكان لعيسي بن عمر (ت149ه) آراء صرفية, ومؤلفات في الصَّرْفِ والنَّحْوِ وغير ذلك, حتَّى قِيْلَ عنه:"إِنَّ له نَيِّفًا وسبعين مُصَنَّفًا ذهبت كُلُّهَا"(9) بَلْ مِنْ كَثْرَةِ عَمَلِهِ بالتَّأْلِيْفِ كان يقولُ:"كُنْتُ أنْسَخُ بالليل حَتَّى يَنْقَطِعَ سَوَائِي؛ يعني: وَسْطَه"(10) ، كما كان لأبي عمرو بن العلاء (ت 154ه) دفَاتِرُ ومُؤَلَّفَاتٌ مٍلْءُ بيتِهِ إلي السَّقْفِ, ثُمَّ تَنَسَّكَ فَأَحْرَقَهَا(11), ومِمَّا لا شَكَّ فِيْهِ أَنَّ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الكُتُبِ مَسَائِلَ صَرْفِيَّةً. وبالنَّظَرِ إلي عبارةِ السُّيوطي "لَمَحْتُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ التَّصْرِيْفَ مُعَاذٌ هَذَا " (12) نَجِدُ أَنَّهَا لا تُؤَكِّدُ وَضْعَ الهَرَّاءِ لِلْصَّرْفِ ؛ وذلك لقوله (لمحت) , كما أنَّ مُصطلح (التَّصْرِيْفِ) لم يظهَرْ لَدَى العلماءِ إلا في عصر الأحمر(ت194ه) واليزيدي (ت 202 ه) وما بعدهما, وهذا ما يراه الدكتور عبد العال سالم مِمَّا رَوَاهُ الزَّجْاجِي (ت337ه) ؛ حيثُ يقولُ " قال أبو محمد اليزيدي: وكنت جالسًا مع الفضل بن ربيع (ت 206 ه), فدخل علينا علي الأحمر, فجلس إلي الفضل, فقال لي الفضل: مَنْ كان أعلمَ بالنَّحْوِ الكسائي (ت 198ه) أو أبو عمرو بن العلاء (ت 154ه)؟
وكان أبو عمرو أستاذ أبي محمد, قال: قلت: أَصْلَحَكَ الله , لم يكنْ أَحَدٌ بالنَّحْوِ أَعْلَمَ مِنْ أبي عمرو, فقال الأحمر: لم يكن يعرف التصريف, فقلت له: ليس التَّصْرِيْفُ مِنْ النَّحْوِ فِي شَيْءٍ, إنَّمَا هو شَيْءٌ وَلَّدْنَاه نَحْنُ وأَصْلَحْنَا عليه, وكان أبو عمرو أنبلَ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ فِيْمَا وَلَّدَ النَّاسُ : قال: ولِمَ ؟ قلتُ : لأنَّه جَاوَرَ البَدْوَ أربعين سنةً، ولم يَقُمْ الكسائي بِالبَدْوِ أربعين يومًا ، ثُمَّ قُلْتُ له: أنت أيضًا تَزْعُمُ أنَّ الكسائي لَمْ يَكُنْ يُبْصِرُ التَّصْرِيْفَ وأنتَ تَزْعُمُ أَنَّك عَلِمْتَهُ "(13). وبعد .. فقد تَأَكَّدَ أَنَّ الهَرَّاءَ لم يَضَعْ عَلْمَ الصَّرْفِ ، بل كان مُوْلَعًا بالتَّمَارِيْنِ الصَّرْفِيَّةِ والأبنيةِ ، وشَارَكَهُ فِي ذلك العديدُ مِنْ عُلَمَاءِ الكُوْفَةِ الذين " ألَّفوا في بعضِ أبْوَابِ الصَّرْفِ كُتُبَا خَاصَّةً اعْتِنَاءً بِشَأْنِهَا ، لكن لم تَصِلْ تآليفهم إلي حَدٍّ يجعلُ الصَّرْفَ مُنْفَرِدًا عَنْ النَّحْوِ بالتَّأْلِيْفِ(14)" , وهذا لم يقلل من شأن الهراء أو الكوفيين , فقد استنبطوا رحمهم الله كثيرًا من القواعد التي سبقوا بها البصريين إبَّان انشغال البصريين بتبويبِ علم النحو وإرساء قواعده , ويبقي السؤال: مَنْ وَاضِعُ عِلْمِ الصَّرْفِ ؟
– الحواشي: (1) بغية الوعاة (ص393) , والمزهر (2/202) , والحلقة المفقودة (ص234) .
(2) أمثال : الصبان , وصاحب التصريح , والخضري , وصاحب شذا العرف وغيرهم .
(3) طبقات النحويين، للزبيدي (ص87) .
(4) من تاريخ النحو العربي ؛ لحلمي خليل , ط دار المعارف, الإسكندرية 1995م (ص8).
(5) تصريف الأفعال, ط الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة , 1410 ه ، (ص14) .
(6) تصريف الأفعال (ص15) .
(7) نشأة النحو(ص32) .
(8) المزهر (2/398) , والحلقة المفقودة (ص121) .
(9) بغية الوعاة (2 /238) .
(10) المزهر : (2/304) , والخصائص (3/73) .
(11) معجم الأدباء (11/160) .
(12) المزهر : (2/398) .
(13) جالس العلماء لثعلب (ص171) , والحلقة المفقودة (ص121) .
(14) بغية الوعاة (1/393) , والمزهر (2/202) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.