بعد تعرضهم لحادث.. صور مراقبي الثانوية العامة داخل المستشفى بقنا    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    وزير الشؤون النيابية: الكل رابح في مشروع قانون الإيجار القديم    إسرائيل: محطة "فوردو" على قائمة الأهداف والعملية داخل إيران مستمرة    مصدر ليلا كورة: بيراميدز يتفق مع وليد الكرتي على تجديد عقده    مجموعة الأهلي.. شكوك حول مشاركة حارس بورتو ضد إنتر ميامي    "أنا مصمم".. وصلة غناء من مرموش للاعبي مانشستر سيتي قبل مونديال الأندية (فيديو)    تصالح الفنان محمد غنيم مع طليقته أمام المحكمة في قضية التهديد    رصاصة غدر بسبب الزيت المستعمل.. حبس المتهم بقتل شريكه في الفيوم    بعد تصدرها التريند.. أبرز المعلومات عن نور عمرو دياب    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    رئيس الوزراء يستقبل رئيس وزراء صربيا بمطار القاهرة الدولي    سلطنة عُمان تشهد نشاطًا دبلوماسيًّا مكثفًا لوقف التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل    الرئيس الإسرائيلي يعلّق على فكرة اغتيال خامنئي: القرار بيد السلطة التنفيذية    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    افتتاح مشروع تطوير مستشفى الجراحة بتكلفة 350 مليون جنيه بالقليوبية    الدولار يتراجع لليوم الثاني على التوالي بنهاية التعاملات في 9 بنوك    ضربة قوية لمنتخب السعودية قبل مباراة أمريكا بالكأس الذهبية    حملات مكثفة لتطهير ترع مركزي صدفا وأبنوب بمحافظة أسيوط    النواب يوافق نهائيا على الموازنة العامة 2025l2026 بإجمالى 6.7تريليون جنيه    وزير الإسكان يناقش مجالات التعاون المشترك مع شركة استادات للاستثمار الرياضي    أحمد فتحي ضيف برنامج "فضفضت أوي" على Watch It    نور عمرو دياب تثير الجدل بتصريحاتها الأخيرة: "أنا بنت شيرين رضا" (فيديو)    بلمسة مختلفة.. حسام حبيب يجدد أغنية "سيبتك" بتوزيع جديد    طارق الشناوي: هند صبري تتعرض لمحاولة اغتيال معنوي وعلى نقيب الممثلين التدخل    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    محافظ المنيا يُكرم مديرة مستشفى الرمد ويُوجه بصرف حافز إثابة للعاملين    ماذا يحدث لجسمك عند التعرض لأشعة الشمس وقت الذروة؟    طريقة عمل طاجن اللحمة في الفرن    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    سموتريتش يفصح عن حصيلة خسائر الهجمات الإيرانية    تراجع كبير بإيرادات أفلام العيد والمشروع x في الصدارة    السفارة الصينية في إيران تحث رعاياها على مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    الداخلية تضبط منادى سيارات "بدون ترخيص" بالقاهرة    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم لحيازته وتعاطيه المخدرات بالسلام    وزير العمل يُعلن بدء اختبارات المُتقدمين للعمل في مهنة "الخياطة والتفصيل" بالأردن    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    طلاب الثانوية العامة بالفيوم: "امتحان اللغة الأجنبية الثانية فى مستوى الطالب المتوسط لكن به بعض التركات الصعبة جدا    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    ارتفاع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    محافظ المنوفية والسفيرة نبيلة مكرم يتفقدان قافلة ايد واحدة.. مباشر    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    جامعة قناة السويس: تأهيل طبيب المستقبل يبدأ من الفهم الإنساني والتاريخي للمهنة    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    موعد مباراة الهلال ضد ريال مدريد والقنوات الناقلة في كأس العالم للأندية 2025    بعد تلقيه عرضًا من الدوري الأمريكي.. وسام أبوعلى يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الأهلي    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الوأواء الدمشقي
نشر في شموس يوم 26 - 11 - 2015


موسوعة ( شعراء العربية ) م4 ج 2
الوأواء الدمشقي
بقلم د فالح الحجية – العراق
هو ابو الفتوح محمد بن احمد الغساني الدمشقي من قبيلة غسان العربية التي سكنت الشام قبل الاسلام وكانوا ملوكا وامراء في الشام .
ولد في دمشق سنة 285 للهجرة – 995 ميلادية على وجه التقريب ونشأ فيها ، وكان يعمل في الصباح فاكهيا في فندق بدمشق وفي المساء يواكب دراسة الشعر والادب متخذا رياض دمشق الجميلة وغير الرياض مكانا لقراءة الدواوين الشعرية قراءة ظهر أثرها في شعره، فقد حفظ كثيرا من الشعر لعمر بن أبي ربيعة وابي نؤاس وابن المعتز وأبي تمام والبحتري وأعجب بالمتنبي حتى اصبح يقرض الشعر وهو في مقتبل العمر ولكننا لا نستطيع تعيين المقطوعات والقصائد الشعرية التي نظمها في صباه و مقتبل عمره وشبابه .
وقيل لقب ب(الوأواء ) لأنه كان يصيح لبيع الخضرة والفاكهة. و(الوأوأة ) لغة : هي صياح ابن آوى أو صياح الكلب وربما كان ذلك بسبب وجود شيء من التلعثم عند شاعرنا حتى ألصقت به هذه الصوتية أثناء مناداته وهي مشتقة من وأوأة الثعلب .
الوأواء كان في أول أمره من عامة الناس ثم اشتغل جابياً في فندق و يتولى بيع الفاكهة ولم يكن يكن شاعرا او اديبا في بداية حياته لذا لم نجد انه فخر بأبيه. أو أسرته فقد نشأ فقيرا يقوم بأود نفسه و بيته ولا سبيل له إلاّ العمل. وقد كان غيره من زملاء عصره كذلك بين سقاء وخباز ورفاء وطباخ …. الا ان قسما منهم بلغوا مرتبة عالية في قول الشعر وامتهان الثقافة والادب وكثر شعرهم وطبعت دواوين لهم. ومن شعره في شبابه :
ظلمني والظلم من عنده
وجاز في الظلم مدى حده
ظبي غدا طرفي له ناظر
لما رأى قلبي من جنده
فذبت من صبري على جوره
أحسن من صبري على فقده
انظر إليه والى خده
العارض المثبت في خده
كأنه فجر وصال بدا
تحت ظلام من دجى صده
تجسه الشمس على حسنه
كما يغار الغصن من قده
وقد ساعد الشاعر على النجاح في صناعة الشعر التشجيع الذي لقيه من ممدوحه الأول الشريف العقيقي الذي حباه بخيره وأغدق عليه نعمه . والعقيقي أبو القاسم (أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد (العقيقي) بن جعفر بن عبد الله (العقيقي) بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) والعقيقي لقب جديه الثالث والخامس (عبد الله العقيقي) وهذا كان شخصا بارزا في حياة الوأواء لعلمه وكرمه ونسبه العلوي الشريف فقد عطف على الشاعر في مطلع حياته وشجعه وكان المنطلق لمعرفة الناس به واشتهاره ويكفي أن ندرك من عظم شخصية العقيقي أنه كان صديقا لسيف الدولة الحمداني التي عاش شاعرنا في ظلها فيما بعد وأن العقيقي كان من رجالات الشام المعروفين فحين مات مشت البلد وراءه حتى الوالي التركي (يكجور) اكراما له ولمكانته بين الناس العالية . ومنم شعره في مدح العقيقي هذه الابيات :
لِمَنِ الرُّسُومُ بِرَامَتَيْنِ بلِينا
كسيت مَعَالِمُهَا الهَوى وَعَرِينا
وَجَرَتْ رِكابُ البَيْنِ فيها بِالجَوى
فَتَخالُها بَيْنَ الحُزُونِ حُزُونا
لَوْ كُنْتُ أَعِرفُ عَاذِلاً مِنْ عَاذِرٍ
مَا كُنْتُ بَيْنَ طَلِيقِهِنَّ رَهِينا
وَاهاً لأَيَّامِ الرَّبِيباتِ الَّتي
فِيها نَحُلُّ نَوىً وَنَعْقِدُ لِينا
تَاللَهِ لَوْ أُنْسِيتُ في سِنَةِ الكَرى
شَوْقي إِلَيْكِ لَمَا رَقَدْتُ سِنِينا
لَعِبَتْ بِهِ أَيْدي البِلى فِي مَلْعَبٍ
لَوْ أَنَّنَا مُتْنا بِهِ لَحَيينا
تَفْنى مَدَامِعُنا وَمَا نَفْنى بِها
فَكَأنَّها سَخِطَتْ لِما يُرْضِينا
فقد مدح الشاعر الشريف العقيقي في دمشق فاصاب عما قال أجرا مالا و جاها فارتقى بها فأصبح يستطيع أن يلبس وأن يشرب و يلهو بالنساء وغير النساء وقد تصفت له الحياة بعض اليش . فخرج إلى الفياض والرياض ليقضي يوماً أو بعض يوم في دمشق أو في غوطتها يستمتع برفاهية العيش كما كان يحلو لمثله أن يصنع إلى أن بلغ شيخوخته .
وكذلك اتصل بسيف الدولة الحمداني من دمشق وربما أقام في حلب إذ كانت رابطة الود والمحبة تجمع بين العقيقي وسيف الدولة إلى أن ظهرت أطماع سيف الدولة في دمشق وغوطتها ورغب في ضمها الى امارته في حلب فاغاض ذلك شخص العقيقي فحل الفتور والخصام مكان الود بين الطرفين وقد نال الوأ واء من سيف الدولة اكراما ومكانة واجرا أضعاف ما ناله من العقيقي فكان ان عاش حياة رغيدة حتى وفاته.
لذلك كان الوجود سيف الدولة ومجلسه الذي كان غاصا بالشخصيات الأدبية التي حفظ التاريخ أسماءها كلها من مثل المتنبي وأبي فراس الحمداني وكشاجم والنامي والسري الرفاء وابن نباتة والسلامي من الشعراء وكثير غيرهم من العلماء والنحاة والفقهاء اثر بارز وكبير في شاعرية وشخصية الوأواء الادبية يقول في مدح سيف الدولة :
سيوفك أمضي في النفوس من الردى
وخوفك أمضى من سيوفك في العدا
فتى يتجافى لذة النوم جفنه
كأن لذيذ النوم عن جفنه قذى
أطرفك شاكٍ أم سهادك عاشق؟
يغار على عينيك من سنة الكرى
ومن سهرت في المكرمات جفونه
وعن طرفه في جوها أنجم العلا
فليس ينام القلب والجفن ساهر
ولا تغمد العينان والقلب منتضى
وقال ايضا :
أمغني الهوى غالتك أبدي النوائب
فأصبحت مغنى للصبا والخبائب
إذا أبصرتك العين جادت بمذهب
على مذهب في الخد بين المذاهب
أثلف كنقط الثاء في طرس دمنه
ونؤى كدور النون من خط كاتب
فهذه البيئة هي التي خلقت الجو فيه واسعا وكشفت عن عبقريته ونمت ملكته حتى عد من بين البارزين في عصر سيف الدولة.
انتشرت في هذا العصر ظاهرة سيئة لم يشهدها الشعرالعربي من ذي قبل فقد كانت هناك عادة سيئة بين النساخ سرقة الشعر من احد من الشعراء ونسبته إل شاعر آخر بقصد النكاية أو المزاح أو غير ذلك من الدوافع الغريبة التي أثرت في قيمة ما نسب إلى هؤلاء الشعراء من شعر مما جعل الدارس المنقب لهذه الحقبة الزمنية يلقي من الحرج كثيرا في سبيل الوصول الى الحقيقة والعثور على الشعر الصحيح لكل شاعر. فقد قيل الشاعر السري الرفاء زيف شعر الشاعر( كشاجم )بأن الحق به من شعر الخالديين ما ليس منه كما عمل الخالديان ما عمله السري الرفاء في الدواوين الأخرى وهكذا حمل على الوأواء ما ليس من شعره و قد لقى عنتا وظلما ووجد غبنا في هذا العصر الذي كثر شعراؤه وتعدد أدباؤه فنسب إليه بعض شعر غيره من مثل شعر أبي الفرج بن هندو وكشاجم والصنوبري وأبي فراس وابن المعتز واختلط شعره بشعرهم وكذلك ما نسب إليه من شعر يزيد بن معاوية الخليفة الأموي الثاني . فقد تسبت اليه القصيدة الدالية المشهورة والتي تعتبر من ارق واجمل ماقيل في شعرالغزل و مطلعها:
سألتها الوصل قالت لا تغر بنا
من رام منا وصالا مات بالكمد
بينما هذه القصيدة منسوبة الى الخليفة الأموي يزيد بن معاوية وقد نسبت إلى شعراء اخرين مثلها مثل كثير من القصائد الرائعة التي نسبت إلى شعراء اخرين حتى نسب بعضها – كما قيل – إلى اكثر من سبعين شاعرا مما يفقدنا صحة نسبها إلى قائلها الحقيقي وهذه معضلة كبيرة ظهرت في الشعرالعربي .
أحرز الوأواء ثقافة شعرية عالية حتى توصل إلى نظم الشعر والتفوق فيه على أقرانه، إلا أن ذلك يدل على قريحة وقادة وفطرة مرهفة وحس رقيق.
قيل انه توفي بدمشق في سنة \385 هجرية – 995 ميلادية ودفن فيها وقيل غير هذه السنة قبلها وبعدها الا اننا اثرنا ما اخذ به خير الدين الزركلي صاحب الاعلام وهو متوسط ما قيل في سنة وفاته .
قال عنه الإمام الثعالبي صاحب اليتيمة :
(وما زال يشعر حتى جاد شعره وسار كلامه، ووقع فيه ما يروق ويشوق ويفوق حتى يعلو العيون )
قال الشاعر في الغزل والخمرة ووصف الطبيعة ومديح الامراء والقادة وذوي الجاه والسلطان الا ان الغزل كان أكثر ديوانه لأنه يمثل حياته كلها فيما نظن فقد كان يخلو إلى نفسه وخياله وإلى حبه ولهوه فيبث اللوعة والوجد والشوق والغرام فيما يقول فهو أبداً مشوق إلى لقاء الحبيب، يستدعيه ويستقربه ويريده في كل أبيات الغزل. ومن بديع غزله ووصفه:
خفت الرقيب فجللتي شعرها
فجرين بينهما ظلام مطبق
وعيوننا قد خالفت رقباءنا
وقلوبنا للبين منهم تخفق
أما في الخمرة فلا يتسلى الشاعر في هجره ووصاله إلا بها فيصفها ويكثر من وصفه فيها .. من شعره في الخمرة:
هِيَ الحياةُ فلو تأْتي إِلى حَجَرٍ
لَوَلَّدَتْ فيه مِنْها نَشْوَةَ الطَّرَبِ
كأَنَّها ولسانُ الماءِ يَقرَعُها
دمعٌ ترقرق في أَجفانِ منتحبِ
إِذا علاها حَبابٌ خِلْتَهُ شبكاً
من اللجَيْن عَلَى أَرْضٍ مِنَ الذَّهبِ
تصورتْ من أَديم الكأْس سورتها
فأَنبتتْ بَرَداً منها عَلَى لَهَبِ
تخالُ منها بجيد الكأسِ إِنْ مُزِجَتْ
عِقداً من الدُّرِّ أَوْ طَوْقاً من الحَبَبِ
عذبتها بالمزاج فابتسمت
عن برد نابت على لهب
كأن أيدي المزاج قد سكبت
في كأسها فضة على ذهب
وفي قصيدة جمع فيها الغزل بالخمرة يقول :
لجنون الهوى وهبت جناني
فدعاني يا عاذلي دعاني
اسقياني ذبيحة الماء في الكأ
س وكفا عن شرب ما تسقياني
إنني قد أمنت بالأمس إذا مت
بها أن أموت موتاً ثاني
قهوة تطرد الهموم إذا ما
مكنت من مواطن الأحزان
رشأ تشره النفوس إلى ما
في ثناياه من رحيق اللسان
عفة مع تشوق بي إليه
فوصالي له على هجران
سأطيل السجود في قبلة الكأ
س بتسبيح ألسن القيدان
كم صلاة على فتى مات سكراً
قد أقيمت فينا بغير أذان
والوأواء اكثر في وصف الطبيعية فقد أبدع في اختراع أوصافا خاصة به ومبتكرة فهو يقتفي آثار الشعراء قبله ويأخذ عنهم مثل ابي صخر الهذلي أبي نواس وابن المعتز وابن الرومي وأبي تمام والمتنبي وهو يأخذ المعنى فيصوغه في شعر جديد وقالب اسمى وقد يحافظ على القافية وقد يجنح إلى استعارة المعنى ويصوغها في قصيدته التي ينظمها في شعره ودليل على تمرسه في قراءة الشعر في وقت مبكر من شبابه.
ومن شعره هذه الابيات :
أَيا ربعَ صبري كيف طاوَعَك البلى
فجَدَّدتَ عَهْدَ الشَوقِ في دِمَنِ الهوى
وَأَجْرَيْتَ ماءَ الوَصْلِ في تُربَةِ الجَفا
فَأَورَقَ غُصْنُ الحُبِّ في روضَةِ الرِّضَا
أَرَدْتَ بتجْديدِ الهوى ذكرَ ما مضى
فأَحْيَيْتَ عَهدَ الحُبِّ في مأْتمِ النَّوى
وَكَشَّفْتَ غيمَ الغَدْرِ عن قَمَرِ الوفا
فَأَشْرقَ نُورُ الوَصْلِ عن ظُلَمِ الجَفا
كَأَنَّك عايَنتَ الذِّي بي مِنَ الهوى
فَقَاسَمْتَني البلوى وقاسمتُكَ البِلى
وَدارَتْ بُروجُ اليأسِ في فَلَكِ الرَّجا
وَهَبَّ نَسِيمُ الشَّوقِ في أَمَلِ المُنى
لَئِنْ ماتَ يأْسِي منهُ إِذْ عاشَ مَطْمعي
فَإِنّي قَدِ اسْتَمْسَكْتُ مِنْ لَحْظِهِ الرَّجَا
وَما ذَكَرَتْكَ النَّفْسُ إِلا تَصاعَدَتْ
إِلَى العَيْنِ فَانهَلَّتْ مع الدَّمْعِ فِي البُكا
تُواصِلُنِي طوراً وَتهجرُ تارةً
أَلا رُبَّ هَجْرٍ جَرَّ أَسبابَهُ الصَّفا
أَرى الغَيَّ رُشداً في هواهُ وإِنَّني
لأَقْنَعُ بِالشَّكْوى إِلى خيرِ مُشْتَكى
أَلَمْ تَرَ أَنِّي بِعْتُ عِزّي بِذِلَّةٍ
وَطاوَعْتُ ما تهوى لِطَوْعِكَ ما تَشا
وَما وَحَياة الحُبِّ حُلْتُ عَن الَّذي
عَهِدْتَ وَلكن كلُّ شيءٍ إِلى انْتهى
وَرَيَّانَ مِنْ ماءِ الشَّبابِ كَأَنَّما
يُوَرِّدُ ماءَ الحُسْن في خدِّهِ الحَيَا
إِذا قَابَلَ الليلَ البهيمَ بوَجهه
أَرَاكَ ضياءَ الصُّبْح في ظلمةِ الدُّجى
أَبى لحظُ طَرْفي أَن يفارقَ طَرْفَهُ
فلو رُمْتُ أَثنيهِ عَن الطَّرْفِ ما انْثَنَى
أُشَبِّهُ صُدْغَيْهِ بِخدَّيْهِ إِذْ بدا
بِسَالِفَتَي ريمٍ وَعِطفينِ من رَشا
إِذا ما انتضى سيفَ المَلاحةِ طَرْفُهُ
فَلَيْسَ لراءٍ طَرْفَهُ لَمْ يَمُتْ عَزَا
أَبى أَن تنيلَ القلبَ رِقَّةُ كَأْسِهِ
وَدقَّتْ عن التشبيهِ في اللطفِ بِالهوى
كَأَنَّ بَقايا ما عفا من حَبَابها
بقيةُ طَلٍّ فوق وَرْدٍ مِنَ الندى
وَنَدْمانِ صدقٍ قال لي بعد رقدةٍ
أَلا فَاسْقِني كأساً عَلى شدَّة الظَّما
فناولتُه كأساً فَثنّى بمثلها
فقابلني حسنَ القبولِ كما انثنى
تحَامى الكرى حتَّى كأَنَّ جفونَهُ
عليه لهُ مِنْها رقيبٌ من الكرى
وليلٍ تَمادى طولهُ فَقَصَرتُه
بِرَاحٍ تُعيرُ المَاءَ مِنْ صفوِها صفا
تَجَافَتْ جُفونُ الشَّرْبِ فِيهِ عَنِ الكرى
فَمِنْ بينِ نشوانٍ وَآخَرَ ما انْتَشى
وَقَدْ شَربوا حتَّى كأَنَّ رؤوسَهُمْ
مِنَ السُّكْرِ فِي أَعْنَاقها سِنَةُ الكرى
امير البيان العربي
د.فالح نصيف الكيلاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.