لفت إنتباهى وأنا أتصفح صفحات الفيس بوك صورة لطبيباً جالساً متربعاً على الأرض فى ركن ضيق فى إحدى حجرات مستشفى القصر العينى يستند على ترولى المرضى مغمض العينين يرتدى لباس حجرة العمليات المعقم الأزرق وغطاء الرأس ويبدو عليه الإرهاق الشديد وذلك بعد إجراءه عملية جراحية لأحد المرضى وتسائلت …. من هذا الطبيب ؟؟ وهل مازال يتواجد فى بلدى من يحب مهنته ويخلص لها الى هذا الحد ؟؟ وهل مازال هناك بشرٌ على سطح الأرض يشعرون بآلام الناس الغلابة ويحاولون التخفيف عنهم ولو على حساب صحتهم ووقتهم وحياتهم ؟؟ الإجابة كانت نعم … إنه الأستاذ الدكتور حسين خيرى النقيب العام للأطباء، وأستاذ جراحة الأوعية الدموية بقصر العينى .. هذا الدكتور الذى وهب حياته لمهنة الطب , لم يتاجر بآلام البشر كما يفعل الآخرون , ولم يسارع الى إمتلاك عيادة خاصة ولا العمل فى مستشفى خاصة مثل الكثيرين من الأطباء ,بل قضى حياته بين أروقة القصر العينى ,صديقاً للطلبة الغلابة يساعدهم بإلقاء المحاضرات المجانية لمن لايستطيع تحمل نفقات الدروس الخصوصية والكورسات المنتشرة حالياً فى معظم كليات الطب فلم يمتهن تلك المهنة لجنى المال بل تركز هدفه على تخفيف الآم الموجوعين ومساعدة طلبة كلية الطب الغير قادرين مادياً . هذا الطبيب يُعد نموذجاً طيباً للإنسانية والرحمة يجب أن يحتذى به , فمهنة الطب ليست كأى مهنة, فهى من أشرف وأنبل المهن على وجه الأرض كونها تزيل الوجع عن المرضى وتخفف الالم عن الموجوعين والطبيب ليس كأى إنسان فيجب أن تتوفر فيه صفات الحب والرحمة والإحساس ولذلك لايجب أن تكون تلك المهنة النبيلة وسيلة للكسب المادي والثراء الفاحش على حساب شرف المهنة وأرواح البشرلأنها ليست مهنة عادية. هذا الطبيب دون أن يدرى أثبت بأن إصلاح منظومة الصحة ليست مسئؤلية الدولة فحسب , لكنها مسئؤلية كل القائمين على تلك المهنة من أول الإداريين الى هيئة التمريض الى الأطباء وحتى عمال النظافة فحينما يوجد الإخلاص والحب والتفانى فى أداء الواجب المهنى الإنسانى يكون هناك أمل فى الإصلاح , وحينما يأتى إصلاح منظومة الصحة بكاملها على أولويات الحكومة المصرية يكون هناك أمل فى رفع المعاناة عن كاهل المرضى الفقراء منهم والأغنياء فالمرض لايستثنى أحداً , ولذلك يجب تحسين أداء المستشفيات الحكومية والعمل على تقديم خدمات صحية أفضل للمواطنين والقضاء على جذور الفساد الكامن داخل المنظومة الصحية وإصلاح أوضاع الأطباء المادية , أما الأطباء فعليهم أن يتذكروا دائما أن مهنتهم هى مهنة الإنسانية والرحمة هى التى تخفف الآم الناس وتمسح دموعهم وتجدد فيهم الأمل فى الحياة فطوبى لمن كان منكم إنساناً بمعنى الكلمة ,وطوبى لمن كان سبباً فى تخفيف الألم عن أحد المرضى وإستحق الدعاء منهم.