شرفتُ مؤخراً بدعوتي للمشاركة بمعرض "حصاد (25) عاماً من صالون الشباب/ "اليوبيل الفضي لصالون الشباب"، الذي يُفتَتَح في تمام السابعة من مساء الاثنين 3/11/2014 بقصر الفنون بدار الأوبرا، لتكريم مجموعة من أبناء الصالون الذين أحرزوا بعض كُبرَيات جوائزه، وكذلك الذين سجلوا بصمةً في مضمار الحركة التشكيلية بِعامَّةٍ. ربما لا يمكن لكلمةٍ أن تعبر بإيجازٍ عن خلاصة تجربتي مع صالون الشباب، ولا أن تختصر تفاصيلها وتُلَخِّص فحواها بقدر ما يمكن أن تفعله كلمة (تحوُّلات)؛ إذ بدأَتْ رحلتي مع الصالون عارضاً في دورته السابعة عام 1995، في فترةٍ من فترات توهُّج الصالون، كان يتولى خلالها تنظيمه وإدارة جميع فاعلياته الثقافية والإعلامية الفنان الناقد الراحل "أحمد فؤاد سليم" مدير "مجمّع الفنون" آنئذٍ. ثم كان لي الشرف أن أفوز في الدورة العاشرة بالجائزة الكبرى، وكانت المرّة الأولى التي تحظى فيها أعمالٌ جرافيكية (حفر) بهذه الجائزة المرموقة، التي كانت قبل ذلك شِبه موقوفةٍ على مجالات أخرى كالتصوير والعمل المركب. وقد كان هذا الفوز بمثابة بوابةٍ رَحبة لاجتيازي فضاء الحركة التشكيلية؛ إذ كان لها الفضل في توجيه الاهتمام النقدي والمؤسَسي نحو تجربتي الفنية وقتها، الأمر الذي أتيح لي معه خلالها الترشُّح لمشاركاتٍ محلية ودولية متعددة. وفي الدورة الحادية عشرة، كان من نصيبي نيل "جائزة الصالون" في تلك الدورة بمجال التصوير، وهو ما كان مثار دهشة الكثيرين من الزملاء والنقاد، الذين رأوا أن مشاركتي وقتها بمجالٍ غير مجال تخصصي أمرٌ لا يستقيم مع (المنطق)، غير أنني كنت أرى عكس ما يرون؛ إذ كان أهم شيءٍ في تقديري – ولا يزال – هو فكرة التجربة والتجريب، ومحاولة توسيع المدارك وسلوك مسارات غير مطروقة، والتي هي في النهاية جوهر القِيَم المنشودة في صميم تجربة أي فنانٍ مخلصٍ لرؤيته الذاتية، بعيداً عن أية حساباتٍ قد تُمليها ضرورات الجوائز أو آليات السوق. وسرعان ما قدمتُ دليلاً عملياً على ذلك في الدورة الثالثة عشرة، حين نِلتُ الجائزة الثالثة في مجالٍ مختلف، هو مجال الرسم، ليتخذ بعدها منحنى التحولات اتجاهاً آخر، حين قررتُ أن أتفرغ تماماً لمُعتَرَك النقد التشكيلي، فكان أن حصلت في الدورتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة، على التعاقُب، على الجائزة الأولى في مجال النقد التشكيلي، لتكون خاتمةً لمشاركاتي في الصالون، تم في أعقابها تكريمي ضِمن عشرةٍ من أبنائه، في معرض بعنوان "نجوم الصالون"، وهو معرض جماعي، أقيم بالتوازي مع الدورة السادسة عشرة من صالون الشباب عام 2004، لتكريم الفنانين الذين سبق لهم الحصول على الجائزة الكبرى بالصالون، والذين سجلوا على امتداد دوراته إنجازات تستوجب التنويه، وذلك قبل أن أعود إليه لاحقاً، عضواً بلجنة تحكيم دورته الثانية والعشرين، ثم قوميسيراً عاماً لدورته الثالثة والعشرين. وها أنا اليوم، أعود إلى رحابه مرَّةً أخرى، ضِمن أبنائه المكرَّمين في يوبيله الفضي، بمعرضه المقام خصيصاً لتدشين مرحلةٍ زاخرة بالزخم من تاريخ الفن المصري المعاصر.