إن الانفلات الأخلاقي الذي تعيش فيه والبعد عن الصواب والميل لارتكاب الخطأ والجرأة الحديث بطرق منفرة ادعاء بأننا لا نخاف شيء ونقول رأينا بصراحة مطلقة هذا هو انهزام الخلق لأن تدني الحوار وعدم الصبر على معرفة الحق جعل الناس يفقدوا أهم ما يميز المسلمين الذين وعدهم الله بالفلاح لقوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون). فقرن الصبر بالفلاح فمن ثم فالأخلاق التي يدعو إليها الصبر هى الصفة بالصبر عن الشهوات، والشجاعة في الصبر في ساحات القتال والقناعة في الصبر على الكفاف والصبر يدفعنا إلى الحلم لأن الإنسان بدونه يصير إلى الغضب ودواعى الانتقام والصبر يوروث صاحبه سعة الصدر وعدم الضجر فيسمع الرأي والرأي الآخر، والصبر يرزقنا ضبط النفس، فالصبر يجعلنا نهجر السوء، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "المهاجر من هجرالسوء والمجاهد من جاهد هواه"، ففضائل الصبر في الدنيا كثيرة، منها أن الصابر يكون في معية الله عز وجل، قال تعالي (إن الله مع الصابرين). وفي محبة الله قال تعالي: (إن الله يحب الصابرين)، منهاأيضا أن الصبر يجعل على الناس صلوات من الله ورحمته، قال تعالي (أولئلك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، وأيضا الصبر يكون سببا لدخول الجنة، قال تعالي: (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقوا فيها تحية وسلم)، ولقد من الله علينا بأمور إذا فعلناها أعانتنا على الصبر منها معرفة حقيقة الحياة الدنيا والصبر على مصائبها ومعرفة الإنسان أنه خلق من عدم، وأن الله أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة, وفيها أيضا اليقين بالفرج القريب، قال تعالي (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )، وأيضا بجب أن يكون الإنسان على يقين من حسن الجزاء فقد صرح الله عز وجل بأن أجر الصابرين غير محدود، ورزقهم غير معدود وأن الله يعوضهم على صبرهم خيرا وأجراعظيما، قال تعالي (نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون). ويجب الاستعانة بالله لنشعر بالطمأنينة، قال تعالي (استعينوا بالله واصبروا إن الأرض يوروثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)، ويجعلنا نتأسى بأهل الصبر، قال تعالي (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) وأيضا يجب الإيمان بالقضاء والقدر وأن كل ما يكون بأمر الله لذلك قرن الله الصبر بالتسبيح والاستغفار، قال تعالي (واصبر لحكم ربك إنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم) وقرن الصبر بالرحمة، قال تعالي: (وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) ومنزلة الصابرين الهداية والشكر، قال تعالي (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "عجبا لأمر المؤمن إن امره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له" أخرجه مسلم. إذن لو تعلمنا الصبر وعرفنا كيف ندخل في معية الراجين الأجر لتعلمن الحلم وعدم الغدر وعدم التشفى أو دواعى الانتقام، ولانتظم لنا الكثير من دواعى الأخلاق التي أتى النبى صلي الله عليه وسلم ليتمها قال "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". فصلاة وسلاما عليك يا رسول الله يا داعى الحق إلى الخلق القويم.