تحدثت فى مقالى الأول عن ما يتعلق بالتبذير والسفه فى بعض الأشياء المادية الملموسة والتى ترتبط بالإصراف على التدخين بجميع أنواعه من سجائر ,التبغ , الشيشة و المعسل .. أيضاً المخدرات و ارتباطها المباشر بالسلبيات المادية والصحية للأفراد والأسر. كما تناولنا أوجه التبذير فى إستهلاكنا للموبايلات و كل ما يتشعب منها فهى كالعنكبوت كناحية إستثمارية سواء كانت من ناحية عدد دقائق أو تعدد شرائح أوأجهزة و سواء كان أسلوب إستخدامها فى تسويق البرامج و المسابقات ومعظمها فقط لمجرد سحب النقود من محفظة المستهلك وتنظيف جيوبه فيما لا يفيد ولا ينفع .. أما فى هذا المقال فنحن بصدد موضوع غاية فى الأهمية بعيدا عن الإسراف والتبذير بمفهومه المعتاد بالنسبة لنا .. نحن هنا سنتحدث عن الإصراف الذى لا يعوض فالمال يمكن تعويضه و بينما التبذير فى " الوقت والعمر " لا يمكن أن يعوض أبدا. نعم ألا تشعر عزيزى القارئ بإننا نهدر من وقتنا الكثير بلا طائل أو نفع و أن هذا الوقت الذى يضيع و يُهدر هو عمرك ؟ !! عمرك و وقتك الذى وهبه الله لك حتى لا يضيع هباء , فهو منحة جميلة لا نقدرها و لا نعطيها حقها .. أليس هذا أسوأ أنواع التبذير فى الحياة , تبذير لشئ لا نملك إسترجاعه و لكن يمكننا حسن استخدامه . دعونا نراجع أنفسنا و نرى كيف يمضى بنا اليوم و نحاول أن نرى ما فيه من تبذير من نوع آخر يعود علينا بخسائر من جميع النواحى و نحن لا ندرى عنها شيئا. أولاً: الجلسة الطويلة أمام التليفزيونات " و كلامى هنا للجنسين (المرأة و الرجل) و أيضاً أطفالهم الذين يكتسبون و يتوارثون هذه العادات جيلا بعد جيل , كم ساعة نقضيها أمام الشاشات ليس أقل من ثلاث ساعات أو أربع !! .. كم من الوقت نمضيه فى أحاديث تليفونية فارغة " بالفعل "!! كم من الوقت نستغرقه فى توصيل الضيوف إلى بوابة الشقة والحديث أمامها لفترات طويلة والكلام فى خصوصيات يسمعها الجيران بينما كان من المفترض الحديث فيها داخل البيت , كم من الوقت نستغرقه للجلوس فى القهاوى والكافيهات أثناء الأسبوع ونحن نعلم جيداً أن هناك عمل بإنتظارنا صباح اليوم الثانى !! , حتى من ليس له عمل فهذه ليست حجة قوية لإضاعة وقته وعمره فى سلبيات .. هذا على سبيل الأمثلة وليس الحصر وكل منا يعلم أين تكمن سلبياته .. على الوجه الآخر نحاول أن نرى لماذا لا يُستغل هذا الوقت فى مساعدة بعضنا البعض كالمذاكرة للأخ الصغير والتقرب للابنة التى فى سن المراهقة و الالتفات للزوج و مناقشته فى أمور تخصه بعيدا عن امور المنزل و الأولاد .. و تقرب الزوج لتفكير زوجته والتخفيف عنها و التعاون فى مسئوليات الحياة بشفافية بعيدا عن ضغوط الحياة .. تشجيع الشباب لممارسة أى أعمال بعيداً عن الشهادات لكى يستفيدوا بوقتهم بإسلوب عملى " فالعمل عبادة " والبلد تريد إنتاج والفرد فى إحتياج لزيادة فى دخله بدلا من السلبية وتمضية الوقت على القهاوى وأمام الإنترنت بلا طائل بل على العكس فإن الصحة تنذوى و القرش يضيع .. نحن أصبحنا من أكبر شعوب العالم إستهلاكاً و للأسف ليس إستهلاكا لدخلنا فقط ولكن لصحتنا وعمرنا ومستقبل دولة و أمة . يجب أن نراجع أنفسنا و نبدأ من بيوتنا مع أنفسنا و أسرنا و أبنائنا فهم ثروتنا الحقيقية .. فلنختصر فى الوقت الضائع و القرش المهدر و نحاول بكل طاقاتنا إسترجاع الدفء العائلى الذى أضاعه الإعلام و التعليم الفاسد الفترة الماضية , دعونا نرجع للغة الحوار .. دعونا نعطى لأبنائنا الوقت الكافى فهم فى حاجة لتنمية العقول و الفكر قبل " البطون " .. لنحاول أن نكون مَثل أعلى وقدوة محترمة لهم لنتجنب الكثير من الخسائر مستقبلاً .. دعونا نبذر الحب و الود لهم فهم كالأزهار و النبات المثمركلما رويته و اعتنيت به أثمر وأعطى الخير كله فلا يضيع العمر هباءً.. حمى الله أولادنا وجعلهم ثروة لنا و لوطننا الغالى يا رب العالمين .