تتزاحم الافكار الفنية المتصارعة فيما بينها بشكل ملحمي لثورة تضج بالاحداث،وبما يتلاءم مع الألوان المتناقضة والتضاد الحركي البانورامي الذي يبحث من خلاله «جيراردو غوميز» عن علامات استفهام يراها، ولا يستطيع الاجابة عنها الا باللون والأشكال التصويرية التي يسكن اليها البصر. ليقرأ المضامين والتفاصيل الفنية ومعانيها ذهنيا ، محاولا بذلك فهم اسباب الصراع العربي من خلال معالم الوجوه الكاريكاتورية، والالوان الديناميكية المرتبطة بالأصفر والأحمر ،وبخطوط انعكاسية تقود الفكر لاستقراء الاشارات الرمزية الناتجة عن تفجيرات مادية ذات بناء مادي محسوس. نتيجة التزاحم الفكري السياسي بين مختلف الانواع البشرية التي تنظر الى بعضها البعض، بازدواجية لها ابعادها العميقة، واغوارها السيمترية المتقاربة مع التكرار للوجود البشري، المتوافق عقليا وعاطفيا مع الاكتظاظ المشهدي في لوحة فنية تتكلم بلغة الصراع العربي المثير للفكر والحواس عامة والسوري خاصة. تقطيع مشهدي يفيض بالفراغات المتناسبة تصويريا مع حركة الظل المتماشية فنيا وتشكيليا، وبصريا مع القدرة على منح اللوحة التوثيق الهامشي لذاكرة تعاني من تراكم الاحداث في اكثر من مكان فوضيَ، يضج بالسرد اللوني الحار والبارد، وضمن اجتماعيات وانتماءات دينية وسياسية، ولغوية مختلفة. رغم ان الطبيعة البشرية واحدة من حيث الصفة الانسانية التي تجمع الافراد في دائرة صراعات تنشأ عن اختلافات عرقية او سياسية او دينية، ومن نتائجها الصراعات المتعددة، منها الصراع السوري والثورة في الوطن العربي، كما يراها الفنان الاميركي «جيراردو غوميز» من حيث قوتها الفوضوية المتحركة تعبيريا ودراميا، والمتأثرة بالمحيط الخارجي الضيق استراتيجيا، والمتمثل بالانفراجات القليلة نسبيا داخل لوحة تصور الصراع الفكري، والبيئي والسياسي لجنس بشري واحد يعاني من تنافس يؤدي الى خلق حدود ضيقة تؤثر على الرؤية الانسانية. ضحكة ساخرة! بكاءمؤلم! صرخة قوية!. دولارات! دخان ابيض!. فسحة زرقاء ضيقة! رمزيات مرئية خارجية عميقة المعنى داخليا. لأن اللون الاصفر تارة يتصارع مع الازرق، وتارة اخرى مع الالوان الخفيفة السطوع، والمتباينة نسبيا من حيث الضوء والظل في مزج لم يخل من ميكس ميديا حارة وباردة لونيا، وحركيا ليمنح فكرة الصراع التأرجح الفكري، والمظهر الداخلي والخارجي، كالمتفرج البعيد او القارىء للاوضاع السياسية الناتجة عن الصراع السوري، وتأثيراته الداخلية والخارجية، وكأن الصراع السوري هو النقطة الاساسية لدائرة الصراعات التي تتسع وتمتد. لتشمل كافة الالوان البشرية ماديا ومعنويا. ان بالمضمون او الاسلوب او البانوراميات الفنتازية ذات المعايير الفنية الخارجة عن المألوف. يحاول «جيراردو غوميز» تقريب صورة الحرب السورية من خلال جمع المفاهيم الفنية الذاتية المتنافرة، والمتناغمة حول الموضوع الرئيسي بموضوعية بعيداً عن النظرة الاحادية الجانب، للصراع الذي تتأثر به العقول المشفرة والواقعة تحت تأثير (السلطة، السياسة، السيطرة، قوة النفوذ الداخلي والخارجي) محاولا اخضاع اسلوبه لفكرة التسلط والتسخير، لقوى المعايير الاكاديمية التي خرج عنها بديناميكية جدلية تتميز بالحوارات اللونية المفتوحة، والغير محدودة والمنطلقة بوعي من الداخل الى الخارج. ليوحي بالمؤثرات الداخلية على الخارج، وبالعكس مما يمنح مفهوم الصراع السياسي للكتل المختلفة الاحجام تصويرات ايجابية وسلبية من ناحية الافكار، والمذاهب الخاضعة لقوانين السلطة المادية بعيدا عن الجوهر الروحاني للانسانية. لوحة تحمل معنى النص الفني، السردي والنقدي الجمالي تمثل بؤرة صراع يصعب الخروج منها, ولقضايا مجتمعات متأثرة بالتلاعب بها من قبل فئات تستهدف تقديم تعقيدات متشابكة متداخلة يصعب الخروج منها، ولوضع تتضارب فيه قوى الخير والشر او اللون الاسود والابيض، والحار والبارد، والاحتكاك السياسي المتأجج بصراعات منحها» جيراردو غوميز» صفة فنية تشكيلية يسهل من خلالهاقراءة التفاصيل، وتعليل دلالاتها التشكيلية المتشابكة وجدانيا، وكأنه يتساءل عن الحقيقة لاسباب هذا الصراع الذي تسبب باضطرابات أشعلت النزاعات التي تراكمت في اماكن متعددة، مما جعل من اللوحة نافذة تجعلنا نرى بوضوح المعاني الشفافة للاحداث المتتالية من السلاح الكيماوي حتى العمليات الانتحارية، ليكشف لنا عن حجم الالم والاضطراب، وعن وهن القوى المتصارعة التي تتسبب بتدمير الحضارات بشكل ذاتي بعيداً عن الجمال وعن قدسية الانسان الذي يسعى الى بسط نفوذه وتسلطه على من حوله وعلى الشعوب الاخرى. تصوير حركي كاريكاتيري، بلغة فنية تشكيلية تحمل انماطها ثيمات تعبيرية، وتفاصيل مؤلمة واقعياً. لانها تؤرخ للثورات العربية وانعكاساتها على من حولها، وعلى العقل المشحون بمفاهيم الاقتتال والانتصارات المتصلة في امكنة وازمنة يؤرشفها في لوحة تضىء باصفرارها رغم غلبة الالوان الاخرى، وسلبية الاسود المختلط بعشوائية عبثية تثير المعاني الاستدلالية المبطنة، بضحكة برزت الاسنان منها مع قوة عميقة تركت للعيون تأثيرات تترك المتلقي في حيرة لو قارن بين الوجوه ، وكثرة الخطوط فيها تبعا لمركزها السياسي، وما تتزعمه من حركات تؤدي الى المزيد من الاقتتال والتدمير والانفجارات. يكشف «جيراردو غوميز» من خلال لوحته «الصراع السوري» عن تعلق الفن التشكيلي بالأوضاع السياسية، وقدرته على تقييم الاحداث والحروب وتصويرها كما تراها العين الفنية، ومدى قدرتها على استقراء الاحداث بعمق درامي يثير من خلاله الحس الانساني، مما يدفعه للبحث عن الاسباب المادية والمحسوسة المحيطة لكل ذلك، كعين ترى جوهر الحقيقة من بعيد، وكل ما هو قريب جدا من الحدث الاساسي، وبفكر منطقي مستقل يسعى لتحقيق رسالة تؤرخ لحرب يراها كإنسان يحيا. يستنكر الحروب ويسعى الى تحقيق السلام. لوحة الفنان «جيراردو غوميز» (Gerardo Gómez) بعنوان «الصراع السوري». ضحى عبدالرؤوف المل