آدم: ماذا سنفعل؟ هل نأكل منها أم نمسك عنها؟ مارأيك يا حواء؟ حواء: هل أنت متاكد مما قاله لك ابليس عنها؟ الخوف أن تأكل منها وتعصي الله، ثم لا تجد ملكاً ولا خلوداً آدم: نعم أنا متأكد، ابليس أكد لي ذلك، ودلني على سر تلك الشجرة، وهو صديقي، تعرفين أنه صديقي حواء: ولكنه ربما يحقد عليك، ألم يطرده الله من رحمته بسببك؟ ربما يفعل ذلك ليغضب الله عليك مثلما غضب عليه آدم: وما ذنبي أنا؟ هو الذي عصى الله لما أمره أن يسجد، وهو قد نسي ذلك، وعدنا أصدقاء كما كنا من قبل، دعك من دوافع ابليس الآن، خلّينا نتحدث عن الشجرة، كم اتمنى ان أصبح كالملائكة لا أموت، وثمار الشجرة تضمن لي ذلك، آكل واحدة منها وأستغفر الله بعدها ونظر آدم الى حواء فوجدها ساهمة، فسألها: فيم تفكرين؟ هل لو أكلت أنا منها هل تأكلين معي؟ هل تتمنين الخلود مثلي؟ حواء: الخلود لا يعنيني، ما يعنيني هو أن أكون معك، في دار الخلود أو في دار الفناء، المهم أن أبقى معك أنت آدم: أنت تبالغين، أنا عندك أهم من الخلود؟ حواء: أنت حبيبي.. أنت قطعة مني، أولست مخلوقاً مني، أو مخلوقة منك؟ أنا لا أتصور أي مكان بدونك، حتى هذه الجنة التي نعيش فيها، لا أطيقها بدونك، ولا أتصور وجودي الا معك. آدم: اسمعي.. أنا لا أريد لك أن تتأذي، سأجرب أنا أولاً، وآكل منها، فان كان ما يقوله ابليس صحيح وأصبت الملك والخلود، فافعلي مثلي وكلي منها، وان وجدت أنه كاذب وأصابني أذى فاياك أن تلمسيها.. بل ابتعدي من هنا، اذهبي الى آخر الجنة.. هل تفهمين؟ حواء: آدم انتظر .. هل أنت متأكد مما سنفعل؟ آدم: أنا لا أطيق الانتظار واحتضن آدم حواء كمن يشجع نفسه بقربها، ثم مد يده الى ثمرة من الشجرة وقطفها، وقضمها.. ولم تمض لحظات حتى هبت ريح عاصفة، وتجمعت في السماء سحب كثيفة غطت وجه الشمس، وصارت أوراق الشجار تهتز بعنف، وأخذت الريح تنتزع ملابس آدم قطعة قطعة، وصار آدم يصرخ في حواء من الرعب: حواء اهربي اهربي.. اياك أن تلمسي الشجرة، اذهبي الى آخر الجنة.. اذهبي وظهر ابليس لحواء وسألها: ماذا ستفعلين الآن يا حواء؟ حواء: وماذا يعنيك انت؟ ألا يكفيك ما فعلت؟ طبعاً تريدني أن آكل من الشجرة مثل آدم، أنت تكرهنا نحن الاثنين أليس كذلك؟ ابليس: لا أعرف حواء: لا تعرف؟ ابليس: نعم لا أعرف.. ولأول مرة لا أعرف، أنا اتمنى لكما الدمار والتعاسة مثلما حدث لي، لكني لا أريدكما معاً، أريد لآدم ان يتعذب وحده، وأن يحترق وحده، وأكرهك أنت أيضاً، لكني لا أريدكما معاً، اسمعي. . اتركي هذه الشجرة، سأدلك على شجرة أخرى في الطرف الآخر من الجنة، أفضل من هذه الشجرة، لا .. لا.. بل كلي معه من هذه الشجرة واسقطي معه، لا أعرف.. لا أعرف، لا يهم.. في كل الأحوال انا الرابح، ان اكلت منها سقطت مثله، وان لم تأكلي منها افترقتما ومات حبكما، في كل الأحوال أنا الرابح، افعلي ما تشائين آدم: حواء.. حبيبتي.. ابتعدي لا تسمعي لهذا الكذاب، ابتعدي.. ابتعدي حواء: قلتها لك من قبل يا آدم.. أنا لا أقدر أن أعيش بدونك ومدت يده الى ثمرة من الشجرة وقطفتها، وأدنتها من فمها لتقضمها وهي تنادي: يارب.. يارب.. اغفر الذنب.. واقبل التوب.. واعف عن الحب.