- 1 - عندما تمتلئ المرأة شعرا ، تبدع صوراً جمالية ينتقل فيها الحب من مدار المحسوس إلى مقام الملموس.إنه الإحساس الأنثوي هذا الذي يحترث في تربة القصيدة ضوءاً و ظلاً. عبرهما تمسك الصورة الشعرية بتلابيب المتلقي و تقلب أفق انتظاره. - 2 - عودتنا بهيجة البقالي القاسمي على استلهام الصمت الناطق ، و جعل تداعياته – في الحرف و القلب معا ً – مداراً تحلق فيه صورها الفنية المشاكسة، التي تنوس بين الظاهر و الباطن. و تتألق ضياء في عتمات القراءة العاشقة. بيد أنها في قصيدة " كما العشق " حوّلت دفة القصيد باتجاه الاعتراف الجهير. تخلّت عن هدير الصمت و اعتنقت علانية المشاعر. فجاءت صورها الشعرية و هي حاملة سمات الولع المنظور و كيمياء الجمال المخبوء تحت طيات المعاني. كم توصلت من رسائل ... و أجملها همسُ عينيك لعينيَّ. - 3 - لا تصنع بهيجة البقالي صورها الجمالية عن سابق إصرار على الشاعرية و ترصد لتلوينات العبارة. بل تزاول هذا الصنيع بتلقائية انهمارها الفني و بسجية وقت الكتابة. لذلك تأتي صورتها و هي مرحة، إنسيابية، مغسولة من التكلف و التصنع، مثل فراشة ملونة ضبطها الحقل و هي تغازل هذه الزهرة و تغمز تلك ... ما قتل العاشق جريمة ... الجرم بعدك عنّي و الهجر تسجله عليّ. إن الشاعرة غيرُ ميالة نحو الصور الشعرية المثقلة بالأبعاد و التراكيب المجازية. ربما لكون إحساسها الجمالي يعثر على ما يجانسه في الصورة الفنية التي تتخذ سمة البرق الخلب. لا يمنح من وميضه إلا بقدر ما تسعه أحداق إعجابنا. - 4 – محظوظة أنا في العشق... قلبي ملكي و مفتاحه لديّ . ما سُرقت أبداً ابتساماتي... فسعادتي منّي و إليَّ. هي ذي الأوتار التي تلامسها بهيجة البقالي . هي ذي المنابع التي تمتح منها الشاعرة. إنها تشبه صورها الإبداعية. ما من مسافة بين الليونة التي تتدثر بها الشاعرة على صعيد المعجم اللغوي و الانسيابية التي تضيء بها قصيدتها : في صورها اللعوب. و أفقها الجمالي الغاص في قرارة الوجدان المتّقد. - 5 – أيا قاتلي في العشق... كيف تقتلني؟...فداك روحي... طالما روحك رحلت عنك ... و أتت..إليّ. إنها صورة متنقلة عبر زمن الشعور: تمتطي صهوة الروح و دفقَ الكلام و شهوة الوجد. ثم تغادر وقت القصيدة و تمارس ترحالها داخل وقتِ التلقي مزهوةً بهذا السفر العشقي الذي لا وعثاء فيه. أجل هي صورة تعكس مضمراتِ الشاعرة. كما تكشف حيويةَ خيارها الجمالي. و تؤكد خاصيات شاعرية الصورة في الإبداع الأنثوي. - 6 – كلّما كان الحرف صبوحاً ، أسفرتِ الصورةُ عن كنهها. كلّما أقامتِ الصورةُ في مفترق المعاني ، ازداد عمر الحرف. و بهيجة البقالي في " كما العشق " التي أعتبرها من أجمل و أجود قصائدها ، تنحو هذا المنحى كلّما رتبتِ الكلام على هواها و اختارتِ الكتابة في المسافة الفاصلة بين الواضح و الغامض.