صعود التيار الإسلامى، الذى صاحب ثورات الربيع العربى، وتحقيق الإسلاميين السلفيين والإخوان - أغلبية كبيرة داخل البرلمان، كلها تدفعنا لطرح السؤال: "ما هو مستقبل القومية العربية فى ظل الأممية الإسلامية".. محاولات الإجابة على هذا السؤال الملتبس كانت موضوع المائة المستديرة التى جاءت ضمن فعاليات معرض الكتاب وشارك فيها: الكاتب الصحفى محمد القصبى ود. سهير المصادفة التى أدارت الندوة. كان من المنتظر حضور عدد كبير من نواب البرلمان هم: د.عمرو حمزاوى ود. عمرو الشوبكى ود. وحيد عبد المجيد ود. ايمن نور د.معتز عبد الفتاح ولكنهم سافروا الى بور سعيد فى لجنه تقضى الحقائق. وقبل الدخول إلى موضوع الندوة قدمت د. سهير المصادفة تعازيها لأهالى شهداء "موقعة بورسعيد" وطلبت من الحضور الوقوف دقيقة حداد على أرواح الضحايا.. مؤكدة إن الطريق إلى الحرية دائما ما يكون محفوف بالمخاطر، فمنذ 11 فبراير ونحن ننتقل من مجزرة إلى أخرى، لكن مصر فى النهاية ستأخذ مكانها الذى يليق بها وستكون دماء شبابها الثمن الذى ندفعه لتحقيق هذا الهدف. وعن موضوع الندوة بدأت د. سهير كلامها بالتساؤل: هل يمكن أن تصبغ هوية مصر بالصبغة الإسلامية.. لتكون مجرد جزء من كيان كبير هو الخلافة الإسلامية التى تضم كل المسلمين حول العالم؟!!.. وهل يمكن أن يكون المسلم الباكستاني أقرب الى المسلم المصرى من جاره المصرى المسيحى.. كما قال المرشد العام السابق للإخوان المسلمين؟!!.. السؤال أصبح ملحا الآن بعد فوز الإخوان بأغلبية فى البرلمان المصرى. وأجابت لقد خرج المصريون فى ثورة يناير رافعين شعار "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".. فهل يمكن أن تقودنا الثورة لما ردده المرشد من قبل؟! وأضافت: د. سهير مصر التى استوعبت كل الحضارات الإنسانية القديمة والحديثة وكل الثقافات وأذابتها وجعلتها جزء من شخصيتها الفريدة العبقرية - كما قال د. جمال حمدان - كيف تكون مجرد ولاية أو جزء من دولة إسلامية؟! من جانبه قال الكاتب الصحفى محمد القصبى: البعض يعتقد أن مستقبل القومية العربية مهدد فى ظل المد الإسلامى، الذى استطاع أن يسيطر على القاع المصرى، مؤكدا أن كل الأطروحات الفكرية لها مستقبل إذا تمسكنا بالخيار الديمقراطى، قد لا تكون الديمقراطية هى العصا السحرية لحل كل مشكلاتنا ولكنها الاختيار الأمثل والأكثر أمانا إذا أردنا النهوض ببلادنا. واستعرض محمد القصبى بدايات ظهور فكرة القومية العربية فى بلاد الشام عام 1847 فى محاولة للوقوف فى وجه القومية التركية والحكم العثمانى ذو الصبغة الدينية الإسلامية، الحكم العثمانى الذى تعامل مع الولايات العربية خاصة فى الشام بجاهلية شديدة أدت تشكيل خلايا سرية للخلاص من الحكم التركى، ترفع لواء القومية العربية.. وقال: لكن الشارع العربى لم يشعر بالقومية العربية إلا فى عهد عبد الناصر رغم أنه فى البداية انطلق من خلفية وطنية بحتة ثم تبنى فكرة القومية العربية للوقوف فى وجه القومية التركية والحركة الصهيونية و الإيرانية و كل هذه القوميات حليفه للغرب ومن بينها إيران فى ذلك الوقت. وتساءل القصبى : هل نحن مازلنا فى حاجه للخيار القومى خاصة أن الإسلاميين ينظرون الى فكره القومية العربية بتشكك شديد والعكس، وهذه إشكالية كبرى لأن بعض الإسلاميين يلجأون لقبول التمويل الخارجى من بعض الدول الإسلامية بدون أى إحساس بالحرج أو تأنيب الضمير لأنه تمويل إسلامى والمسلمون أخو' وأقرب الى المسلم من غير المسلم الذى يعيش معه فى الوطن!! ولا ينظر الى أن هذا التمويل يخدم مصالح الدولة الممولة التى تتعارض معنا.. وطالب القصبى بالبحث عن أرضية مشتركة بين الإسلاميين والقوميين وأن نعترف بأن هناك خلاف، ولكن لا يجب ان يتحول الى صراع خاصه ان هناك تحديات تهمنا جميعا كمشكلات التنمية والعدالة الاجتماعية و الوقوف أمام المحاولات الإقليمية والعالمية للسيطرة على القرار المصرى، لذا فمصر لن تتقدم الا بالديمقراطية وعلينا ان نعى حقيقه مهمة هى كلما قامت مصر قادت. وأضاف: الديمقراطية كما تعلمنا من التاريخ لم تكن الخيار الحقيقى للتيار القومى أو التيار الإسلامى بل على العكس كانوا دائما ضدها لذا فعلى كل منهما ان يراجع أولالوياته و لا يقدس الفكر، فكل فكر له ايجابيات وسلبيات باستثناء النصوص المنزلة وكذلك عدم تقديس الاشخاص فهم ليسوا أنبياء والاهتمام بمشكلات المجتمع وإصلاح المنظومة التعليمية والثقافية التى أدت الى كوارث مثل انتشار ثقافة التسول و كارثة مباراة مصر والجزائر واعتبار مباراة كرة قدم مهمة قومية. واختتمت د.سهير المناقشه قائلة العبأ الكبير يقع على عاتق وزارة الثقافة التى كانت تعمل فى النظام السابق كوزارة إعلام ولكن دورها الحقيقى أن تكون وسيط بين المبدع والقارئ وتقديم كل التيارات الفكريه والرد على الفكرة بالفكرة.. نريد أن تعود المؤسسة الثقافية لما كانت عليه من قبل كما كان يحدث قبل 60 عام عندما كان هناك كتاب بعنوان "لماذا أنا ملحد" وكتاب للرد عليه بعنوان "لماذا هو ملحد" وآخر "لماذا أنا مسلم".. هذه التعددية هى التى يمكن أن تخلق جيلا واعيا ينهض بمصر من كبوتها حتى تكون دولة عظمى كما نتمنى جميعا.