اندثار تراث سيوة ومعمارها التاريخى.. وتأثير الحركات الدينية الصوفية الرئيسية عل سكان الواحة .. إلى جانب شهادات من ميدان التحرير.. ودور الثقافة فى تدعيم الثورة.. وتطوير وتطهير الإعلام.. كانت الموضوعات الرئيسية التى جرى مناقشتها فى المقهى الثقافى الذى شهد حضور أحمد مجاهد رئيس الهيئة ود. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة فى اللقاء الذى أعده المقهى للإعلامى حافظ الميرازى. فضمن أنشطة المعرض وداخل المقهى الثقافى أقيمت ثلاثة لقاءات ثقافية مهمة بدأت بندوة عن التنوع الشعبى.. دارت محاورها حول واحة سيوة وشارك فيها عدد كبير من الكتاب والباحثين وأدارتها د.علية حسين التى أشارت فى بداية اللقاء إلى أهمية موضوع الندوة خاصة وأنها تدور حول مجتمع مصرى له طبيعته الخاصة وتراثه المتميز ويتعرض لمشاكل كثيرة.. مطالبة كافة الجهات التحرك لإنقاذ تراث سيوة الذى يتعرض للاندثار. كما تواجه الواحة مشكلات أخرى، بعضها مرتبط بمشكلات التنوع الأحيائي التي تشترك معها بيئات عديدة بسبب النشاط الإنساني، سواء المحلي أو ذلك الناتج عن السياحية، وكذلك مشكلات متعلقة بالهوية الثقافية لسكان الواحة. ومن بين هذه المشاكل قالت د.علياء: مشكلة تسويق المنتجات من أبرز المشاكل التى تواجه واحة سيوة، خاصة مع قدوم الأجانب لشراء منتجات الواحة ثم تقليدها، وهو ما يفقدها ميزة كبيرة تنطوى على تسويق المنتجات التى تتميز بها الواحة.. كذلك هناك مشكلة أخرى تتعلق بالتركيبة السكانية من ناحية الجذور العائلية.. ومشكلة تتعلق باللغة وتهدد اللهجات. وأضافت: ومن سمات مجتمع واحة سيوة هو ضيق المنازل ولعل مرجع ذلك أن الملكية هناك تقاس بملكية الأرض والمياه.. أيضاً عمارة سيوة المميزة صارت عرضة للاندثار وبدأت تظهر العمارات لتحل محل السقيفة التى كانت مكان يجمع أهل الواحة صيفاً وشتاءً، وأكدت د. علية حسين على ضرورة الاهتمام بهذه الواحة قبل فوات الأوان. جدير بالذكر أن الواحة على مر تاريخها كانت مجتمعا منعزلا منغلقا يتصف بنظام اجتماعي مستقر له تقاليد وعادات خاصة، إلا أن الانفتاح الذي شهدته في العقود الأخيرة بسبب السياحة أحدث تغيّرات في الأنماط السلوكية السائدة بين الأجيال الحديثة، وهو ما يهدد تراث عظيم بالضياع. أما الفنان عز الدين نجيب فقد تناول المعمار فى واحة سيوة مؤكدا تفرد الأنساق المعمارية بواحة سيوة بشكل جمالى وحضارى ومناسب للبيئة المحيطة به. أيضاً أشار الباحث عبدالوهاب حنفى إلى تأثير الحركات الدينية الصوفية الرئيسية عل سكان الواحة بطريقة جعلتهم منقسمين إلى سنوسى ومدنى. كذلك قدم الباحث د. سميح شعلان قراءة فى العادات والتقاليد الخاصة بواحة سيوة من خلال أكثر من نظرية علمية مطالباً بضرورة الاهتمام بهذا التراث الثقافى المهم لأنه يعتبر حائط صد ضد كل محاولات الهيمنة والتغريب. أما الباحث حسين محمد ربيع فقد طالب بضرورة تفعيل العلاقة مع هذه المجتمعات ودعمها ككيانات مصرية ذات طبيعة سكانية وجغرافية واجتماعية خاصة اعتماداً على مواردها الذاتية فهى أماكن غنية تراثياً وثقافياً وفلكورياً وفى نهاية اللقاء قدم عدد من الحاضرين العديد من المداخلات ألقت الكثير من الضوء حول طبيعة المجتمع السيوى وظروفه العامة. أما اللقاء الثانى من لقاءات المخيم فقد تم تخصيصه لتقديم شهادات حية عن ثورة يناير شارك فيها عدد كبير من المفكرين والكتاب إلى جانب جمهور غفير من رواد المعرض وفى بداية الندوة أشار الشاعر إبراهيم عبدالفتاح إلى دور الثقافة فى تثوير الجماهير ودفعهم نحو الفعل الثورى بما يحقق التغيير الإيجابى المنشود ولقد تبدى ذلك جلياً خلال أيام لثورة يناير المجيدة حيث رأى بنفسه الشباب الثائر يتغنى بأشعار فؤاد حداد وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم ولقد فطنت الطغمة الفاسدة لدور الثقافة فراحت تعتقل المثقفين وتنكل بهم ناهيك إلى اتهاماتها الجاهزة للشباب بقلة الوعى وعدم الاهتمام بالثقافة.. وقال: من خلال حوارى مع شباب الثورة فوجئت بمدى اهتماماتهم الثقافية وحبهم للفنون والآداب بوجه عام. وأضاف: لقد ابتكر الثوار وسائل جديدة يمكن ان نطلق عليها وسائل الميدان الحديثة فى إحداث التغيير مثل الفيس بوك وتويتر واليوتيوب التى استخدمها المثقفون للتواصل ونشر زفرات الغضب من جراء الأوضاع السيئة، .. لكن علينا أن نعرف ان هذه الوسائل بدون مخزون ثقافى تصبح عديمة الجدوى فما ساهم فى تفعيل هذه الوسائل هو البعد الثقافى وألإبداعى عند هؤلاء الشباب. وأشار الشاعر إبراهيم عبدالفتاح إلى العديد من المواقف التى حدثت له خلال أيام الثورة وتؤكد على أصالة الشعب المصرى ثم ألقى بعض من قصائده القصيرة التى تحمل معنى الثورة وتبشر بها. بعدها تحدث الشاعر زين العابدين فؤاد عن ارتباط الفن بالثورات فالمثال محمود مختار خلد أبطال ثورة 1919 وقام بدفع التكلفة الفلاح المصرى الذى لم يعتبرها أصناما.. فالموسيقى والفن التشكيلى والشعر وكل أشكال الفنون لديها ارتباط خاص بالثورة.. و ذكر الشاعر زين العابدين فؤاد التطور التاريخى لميدان التحرير منذ أن أنشأه الخديوى إسماعيل وتعود تسميته بهذا الاسم لقيام مظاهرة نسائية انطلاقاً منه يوم 9 سبتمبر 1919 وطالبت بخلع اليمشك هذا الزى التركى المفروض من تركيا كما تحدث الشاعر زين العابدين فؤاد عن ذكرياته أيام الثورة ولقائه بالعديد من أبناء مصر الذين تعرضوا للقهر على أيدى النظام فمثلاً عم أحمد الذى أتى من قنا للمشاركة فى المظاهرات بعد غرق ابنه فى العبارة واحتراق ابنه الثانى فى القطار فقد جاء حتى يرحل النظام الذى كوى قلبه وحتى يتمكن ابنه الثالث من العيش بسلام. ولقد أكد الشاعر زين العابدين فؤاد على دور الفن التشكيلى خاصة فى الثورة مشيرا إلى ما انتجه الفنانون من اعمال جسدت مشوارهم خلال 18 يوما نجحوا خلالها فى خلع الرئيس السابق. أما الفنان مجاهد العزب فقد أشار إلى دور مقاهى وسط البلد فى تشكيل وعيه وإثراء تجربته كما ذكر العديد من مشاهد الثورة ثم رجع بذاكرته إلى حادث كنيسة القديسين وما حدث خلالها من فتنة مدبرة بين المسلمين والمسيحيين. أما اللقاء الثالث من لقاءات مخيم المقهى الثقافى فقد خصص لإجراء حوار مفتوح مع الإعلامى حافظ الميرازى، أداره الكاتب الصحفى ياسر عبد العزيز وحضره بين الجمهور، الدكتور أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب ود. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة. فى البداية تحدث ياسر عبد العزيز مبديا سعادته لإقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب بعدما ترددت أنباء عن تأجيله أو إلغاؤه مشيرا لأهميته كملتقى ثقافى وفكرى كبير.. خاصة وأنه يأتى بعد ثورة يناير التى أصبغته بالحرية والتنوع كما أن جمهور المعرض له سمات خاصة فهم متابعين جيداً للأحداث. ثم قدم ياسر عبد العزيز ضيف اللقاء قائلا: ضيف الندوة هو مقدم البرامج والإعلامى حافز الميرازى صاحب البرامج المتميزة والذى لمع اسمه منذ أن عمل مراسلاً لقناة الجزيرة عاصر خلالها العديد من الأحداث، كما عمل أيضاً بقناة العربية وهى قناة إخبارية تغطى الدول العربية.. وهو حالياً بقناة دريم يقدم برنامج «بتوقيت القاهرة» الذى توقف لأسباب يعرفها هو.. سبق هذا المشوار تجربة طويلة بالإذاعة قبل لسفره إلى أمريكا كانت تنم عن شخصية إعلامية كبيرة ومختلفة.. ونحن ننتهز الفرصة لنسأله عن دعاوى تحرير الإعلام ودعاوى تطهير الإعلام وغير ذلك لاسيما وأن الإعلام صار مصدراً لتساؤلات عديدة. تحدث الإعلامى حافظ الميرازى بعد ذلك مشيراً إلى أهمية معرض القاهرة الدولى للكتاب وما يحمله من معان وذكريات وقال: كنت أتمنى أن يعقد المعرض بمكانه القديم بدار الأوبرا حتى يتمكن ثوار التحرير من التردد عليه بسهولة ويسر.. وحكى الإعلامى حافظ الميرازى عن علاقته بالمعرض أثناء دراسته الجامعية مشيرا إلى أنها كانت محدودة بسبب التعتيم الذى كان سيد الموقف آنذاك. وحول الدعاوى المطالبة بتطهير الإعلام قال: حافظ المرازى موضوع تطهير الإعلام أصبح الشغل الشاغل لدرجة أن مبنى ماسبيرو قد صار فى نظر الناس بمثابة رمز للنظام السابق وممثل له وعليه تتبدى أهمية الإعلام لاسيما أن الدولة كانت على مدى عمرها تعتمد نظاماً مركزياً صارماً تتحكم فيه الحكومة وهذا يدفعنا للتساؤل لماذا يهرب الناس من القنوات الحكومية إلى القنوات الخاصة، رغم ما يبذله العاملون بالتليفزيون مجهودات لتطوير أداء الإعلام الرسمى. وأرجع الميرازى السبب فى انصراف المشاهدين عن الإعلام الرسمى إلى سيطرة الحكومة عليه وأكد أن ذلك يرجع للعام 1934 تاريخ إنشاء الإذاعة المصرية حيث وضعت الحكومة المصرية يدها عليها بعد إلغاء الأهلية ومن هنا ارتبط الإعلام بالحكومة ومع التطور عرفت دول كثيرة قنوات عديدة خاصة تم بثها من لندن وباريس حتى جاءت قناة الجزيرة وكانت أكثر شجاعة حيث بدأت البث من قطر وصار لها مشاهديها وتفوقت على إعلامنا الرائد الذى انصرف عنه المشاهدين عندما شعروا أنهم مجبرين على المشاهدة غصباً. ومع ظهور الدش والأطباق انصرف جمهور المشاهدين تماماً .. والتفوا حول بعض القنوات الخاصة التى لمسوا فيها الحياد والموضوعية.. وبالرغم من محاولات حكوماتنا العربية الحد من الإرسال كما حدث فى الجزائر عندما تم قطع التيار الكهربائى عن الجزائر بالكامل بعدما أذاعت إحدى القنوات التليفزيونية حواراً مع معارض جزائرى، وبالرغم من محاولات التشويش المعتمد من قبل الحكومات على الفضائيات إلا أن هذه العمليات أو الإجراءات تبدو قاصرة أمام تكنولوجيا البث الحديثة. وهنا أود أن أشير إلى أن الإعلاميين ناضلوا كثيرا من أجل تصحيح مسار الإعلام الرسمى ولكن ضاعت مجهوداتهم ومطالباتهم سدى.. فمثلاً القناة الخاصة بجنوب الصعيد ومثيلتها من قنوات لا تتمكن من الوصول إلى الجماهير المستهدفة. وعن مدينة الإنتاج الإعلامى تحدث الإعلامى حافظ الميرازى مؤكداً أننا تعاملنا معها كمنطقة حرة بمفاهيم استهلاكية نمطية وهناك إلى جانب ذلك بعض الإذاعات التى تتسم بالتحرير وهى محطة FM الإذاعية مثلا وعموماً ترخيصها قد أوشك على الانتهاء. وأرى أنه مع العهد جديد وظهور سياسات جديدة يتبناها مجلس الشعب الجديد يجب إعادة النظر فى أداء التليفزيون المصرى حتى نصلح ما فسد عبر عقود طويلة.. وأقترح عمل أربع شبكات قومية بمشاركة القطاع الخاص واعتقد أن تجربة الإعلام المحلى لابد من تطبيقها فى مصر لاسيما أن الترددات موجودة ويجب أن يشمل ذلك الإذاعة أيضاً. وأضاف الميرازى: لابد أن يتخطى العمل مفهومى التطوير والتطهير لأن ذلك يفترض أن لدينا إعلام مع أن الحقيقة خلاف ذلك.