المقريزي وخطط على مبارك و قصص الحب الفرعوني غائبة من المدارس إذا كانوا يتهمون عالمنا العربي بالتخلف ذلك لأنه منقطع عن الترجمات المهمة التى تبنى جسر التواصل بيننا وبين المنجزات الحديثة سواء الفكرية منها أو الأدبية أو العلمية أو حتى الإجتماعية، فنحن في حاجة دائمة وعطش متجدد إلى التعرف على كل ما يحدث حولنا من أجل الوصول إلى صيغة تجعلنا نرتدى زى التطور، خاصة وأننا نحمل جينات حضارية عمرها سبعة آلاف عام تسمح لنا بأن نكون شركاء حقيقيين في حضارة كنا يوم بُناتها. وحول معوقات الترجمة دارت جلسة اليوم في المائدة المستديرة التى وضع فيها الضيوف أيديهم على الجرح وناقشوا اسبابه وكتبوا روشتة للعلاج فكان عنوان اللقاء "الترجمة كأزمة من أزمات التطور الحضارى في العالم العربي" وأكدت د. سهير المصادفة أن الترجمة كانت الرسول الأول عندما اخترعوا الكلام، وليست هي الترجمة التى نعرفها من البرديات، وإنما هي اختراع مبكر جدا وغير مدون بين ملوك هذا العالم، ولا ننكر أنه في الآونة الأخيرة تحتاج إلى اقامة بنية تحتية من جديد، حتى تقوم بدورها المنوط بها، فالترجمة دورها الرئيسي أن تنقل للحضارة التى ماتت بذور من الحضارة التى بذغت في مكان ما. وأوضحت د. سامية رمضان أن الترجمة هي بالفعل جسر الحضارات وهي العامل الوحيد الذي يحقق مبدأ العولمة وأن العالم كله قرية صغيرة كما يقال، ولكن يجب عندما نترجم عمل من أى لغة إلى العربية أو العكس فلابد من أن يكون هناك فريق عمل من البلدين، فمثلا اذا كان هناك عمل سيترجم من اللغة العربية إلى الانجليزية فيجب أن يكون بجانب المترجم الإنجليزي خبير باللغة العربية حتى يتحقق الهدف من الترجمة وهو نقل العادات والتقاليد والحضارة كما هي بحيث لا يتم ترجمة أى كلة بالتقريب دون أن تعطى المعنى المقصود منها وتصبح مفرداتنا الخاصة معروفة لدى الغرب وهذا هو تناقل الحضارات. وضربت سامية مثالا بدولة أيرلندا التى استعمرت أكثر من 50 سنة إلى أن تم محو لغتها نهائيا واحتقروا الديانة الكاثولوكية فيها حتى أن أى شخص كان يحب أن يتعلمها يبيدوه وينفوا من يتحدث اللغة الأيرلندية، ولكن بعد أن رحل الأستعمار وترك الناس في مستوى متدنى من العلم واللغة والدين، دأب الشعب على أن يستعيد لغته وتم ذلك عن طريق طلاب العلم، الذين أطلقوا عليهم لقب "طالب العلم الحافى" وسافروا من بلد إلى أخرى يتعلمون الديانة الكاثوليكية من أسبانيا وفرنسا ثم يعود إلى دولته ويبنى كُتاب ويعلم فيه أهل بلدته، وبهذه الطريقة بنت أيرلندا نفسها من جديد، فهى عانت أكثر بكثيرر من معاناة المصريين على يد الإنجليز. وقالت سامية أن البلاد المستعمرة تمر بثلاث مراحل تبدأ بنزول الحيش إلى البلد يلتهم كل مقدراتها، والمرحلة الثانية وهي اشتباك الطبقات التى لها مصالح مع الجيش التى دائما ما تكون هذه العلاقة بالمال، وفي هذه الحالة يتكلمون لغتهم ويلبسون ملابسهم، وينسوا الطبقة الفقيرة، أما المرحلة الأخيرة وهي التى يبدأ فيها الفنانين الملل وطلب الرجوع إلى الجذور فيبدأون في بس روح القومية ويتم التوحد حول فكرة واحدة حتى تأتى المقاومة الفعلية وتطرد هذا المستعمر. وأضافت: ما يحدث أن هذه الدولة تنغلق على نفسها حتى تعيد إعمار بلدها وهذا يعقبه مرارة تحمل الذات القومية، وتبدأ تخلق لنفسها تراث، وتحاول تحمل التعددية في الثقافات، كل ذلك يجب أن تقوم الدولة بالعمل عليه حتى تصل إلى بناء الدولة الحديثة ولكن هذا لم يحدث حتى الآن في مصر وأكدت سامية رمضان أننا لو لم نعرف أصول لغتنا لا نستطيع التأثير في المشهد العالمى من خلال الثقافة، لابد ان نعيد ترجمة تراثنا العربي وأن نعلمه لشبابنا في المدارس والجامعات، فنحن لا نرى المقريزي ولا خطط على مبارك ولا قصص الحب الفرعوني في المدارس، فكيف يكون لهؤلاء الشباب رؤية أو ثقافة، هل يكون لهم أرضية يستطيعون أن يختلفوا عليها، لابد أن نسعى بالتنقيب في التراث العربي العظيم وأن توطد الصلة التى تربطه ببعض، في سبيل ذلك نحن في حاجة إلى الإستعجال وترتيب الأولويات ويرى المترجم د. مصطفى رياض أن الثقافة العالمية تقابل تعدد الثقافات، وكانت أوروبا هي القبلة عنها حتى وقت قريب ولكن الأمر لم يعد كما كان فمنذ تعددت الثقافات فأصبح لدينا تعدد في الأعمال المعروضه للترجمة ومن ثم تعدد الحضارات التى نأخذ عنها، ولا ننكر أننا الآن نعاني من فجوة حضارية والحل الوحيد للخروج منها هو الترجمة، ويجب على الثقافة المصرية أن تتطور حتى تلحق بركب التعددية الثقافية. وأضاف: قديما كنا أتباع الثقافة بمعناها الواسع المتطور، والآن حل محلها فكرة تعدد الثقافات، وعندما أنشأنا مجلة "واصلة" كان كل ما يهمنا أن نذهب لتلك الثقافات ولا نميز واحدة على الأخرى، نأخذ مؤلفاتهم ونقدمها نحن بترجماتنا، وما في هذا المجلة يعتبر تغيير نوعي عن التصور الذي قدمه واحد من روائد التنوير في الغرب، ولكننا قدمناها على خط واحد وهذا الفعل ينبغي اتباعه إذا أردنا الحصول على ثمرات تلك التعددية الثقافية ومن ناحية أخرى فقد شرح المترجم على البعلاوى الدور الذي يقوم به تجاه الشباب الجدد الذين يمارسون مجال الترجمة، فقال: "تبنيت الكثير من الشباب وقمت بتدريبهم على الطريقة المثلي للترجمة وما يجب أن يكونوا على علم به، فنحن جميعا نعلم أن المأساه التى نعاني منها ضعف مستوى المترجمين، لذلك فإنه من الضروري أن تقوم الدولة بالدور الذي أقوم به حتى يرتفع مستوى المترجمين. وطرح البعلاوى مثالا عن ما يلاقيه المترجم من صعوبات في الترجمة، فهناك الكثير من المقالات النى ترجمت لتعكس تجربة أمريكا اللاتينية في هذا المجال، وعندما نقرأها نشعر بصدمة لأنها تختلف كثيرا عما عرفناه وتعلمناه في بلدنا، لذلك فإن التواصل بين الثقافات أمر له أهمية قصوى والترجمة هي الجسر الذي يربط البلاد بعضها البعض.