أدان مجلس الأمن الدولي إطلاق قذائف سورية على تركيا فيما أطدت أنقرة أنها لا تريد حربا مع سوريا، وذلك بعد أن أذن البرلمان التركي لحكومة رجب طيب أردوغان القيام بعمليات عسكرية خارج الحدود. اكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الخميس ان بلاده "لا تنوي خوض حرب مع سوريا"، وذلك بعدما اذن البرلمان التركي للحكومة بتنفيذ عمليات عسكرية في سوريا ردا على سقوط قذائف سورية الاربعاء في بلدة تركية حدودية ادت الى مقتل مدنيين. وقال اردوغان في مؤتمر صحافي مشترك في انقرة مع نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي "كل ما نريده في هذه المنطقة هو السلام والامن. تلك هي نيتنا. لا ننوي خوض حرب مع سوريا".واضاف ان "احدى افضل الوسائل لمنع الحرب هو الردع الفاعل"، موضحا ان تصويت البرلمان التركي يهدف الى تحقيق هذا الردع. ولكن اردوغان حذر دمشق من مغبة اختبار صبر تركيا. وقال "ان الجمهورية التركية دولة قادرة على حماية مواطنيها وحدودها، فلا يخطرن ببال احد ان يختبر عزيمتنا في هذا الشأن". واعتبرت الولاياتالمتحدة الخميس ان رد تركيا على اطلاق قذائف سورية على اراضيها "ملائم" و"متكافىء"، داعية مع ذلك الى تفادي التصعيد بين الدولتين. واعلنت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند "من وجهة نظرنا، الرد التركي ملائم"، مشيرة الى ان انقرة حذرت مرات عدة من انها سترد على اي انتهاك لاراضيها. وكانت تركيا اوقفت في وقت سابق الخميس قصف مواقع عسكرية سورية، فيما اعلن نائب رئيس الوزراء التركي ان موافقة البرلمان على تفويض الحكومة شن عمليات داخل سوريا "لا يعني الحرب". تزامنا، استهجن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الخميس هجوما سوريا بقذيفة مورتر على بلدة تركية أودى بحياة خمسة مدنيين وطلب "وقف مثل هذه الانتهاكات للقانون الدولي فورا وألا تتكرر." وجاء البيان الصادر عن المجلس والذي استهجن الهجوم "بأقوى عبارات" بعد ان رفضت روسيا نصا أوليا عن الحادث الذي وقع يوم الأربعاء واقترحت نسخة مخففة تدعو تركيا وسوريا كلتيهما إلى التحلي بضبط النفس. واعترض الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن على النص الذي اقترحته موسكو لكنهم عدلوا المشروع المبدئي للبيان ليراعي بعض تحفظات روسيا. والوصول إلى اجماع على أي شيء متصل بسوريا أمر غير عادي وكان المجلس قد وصل الى طريق مسدود بسبب الخلافات بشأن الصراع الدائر في سوريا منذ 18 شهرا. وكانت روسيا والصين ترفضان الدعوات إلى فرض عقوبات على حكومة دمشق. ودعا نص البيان النهائي لمجلس الامن المؤلف من 15 دولة "الحكومة السورية إلى ان تراعي تماما سيادة جيرانها وسلامة أراضيهم." وطالب "أن تتوقف على الفور كل الانتهاكات للقانون الدولي. وألا تتكرر." وقال المجلس في بيانه "شدد أعضاء مجلس الأمن على أن هذا الحادث أبرز العواقب الوخيمة للأزمة في سوريا على أمن جيرانها وعلى السلام والاستقرار الإقليميين." وبدلا من دعوة تركيا وسوريا صراحة إلى التحلي بضبط النفس نصت الجملة الأخيرة من البيان على ان "اعضاء مجلس الأمن يدعون الى التحلي بضبط النفس." وكانت روسيا اصرت على حذف جملة في مشروع البيان الأصلي تصف الهجوم السوري بأنه "خطر شديد على السلام والأمن الإقليميين." واشار البيان الوسط بدلا من ذلك الى "المخاوف فيما يتعلق بأثر الأزمة في سوريا على جيرانها وعلى السلام والاستقرار الإقليميين." وفي وقت سابق يوم الخميس قال المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نسيركي ان الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون "يشعر بالانزعاج من تصاعد التوترات على الحدود بين سوريا وتركيا" وقلق من تزايد خطر نشوب صراع إقليمي أوسع. فقد ابلغ مصدر امني تركي وكالة فرانس برس بعد الظهر توقف القصف المدفعي التركي لمواقع تابعة للجيش السوري، ردا على سقوط خمسة مدنيين اتراك الاربعاء بقذائف اطلقت من سوريا وسقطت في قرية اكجاكالي الحدودية التركية. وقال المصدر الذي رفض كشف اسمه انه بعد الرد التركي الاول في الساعات التي اعقبت سقوط القذائف السورية الاربعاء، استانف الجيش التركي رده فجر الخميس وواصل القصف حتى الساعة 6,00 ت غ. واكد سكان في اكجكالي لفرانس برس ان المدافع التركية المنتشرة على طول الحدود مع سوريا اوقفت القصف صباحا، بعدما تأكيد مسؤول تركي ان القصف "لن يكون متواصلا. لقد حصل وسيحصل وفق الضرورة". واستهدف الجيش التركي منطقة معبر تل ابيض الحدودي لا سيما مواقع القوات النظامية السورية في رسم الغزال، ما ادى الى مقتل "العديد من الجنود السوريين" بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وكان نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي اعلن ان دمشق اقرت الخميس بمسؤوليتها عن سقوط القذائف، مقدمة اعتذارا لانقرة عن سقوط ضحايا اتراك. واتت تصريحات اتالاي بعد موافقة البرلمان التركي في جلسة طارئة الخميس على طلب الحكومة منح الجيش اذنا لشن عمليات في سوريا "اذا اقتضى الامر" بأكثرية 320 نائبا في مقابل 129 (من اصل 550 نائبا). وسارع اتالاي الى التأكيد ان هذا التفويض "ليس تفويضا بشن حرب"، بل سيكون بمثابة "رادع" لعدم تكرار هذا الحادث الحدودي. في هذا الوقت، تظاهر مئات الاتراك في ساحة تقسيم في اسطنبول بدعوة من احزاب يسارية، رفضا لاحتمال اندلاع حرب مع سوريا. وكتب على لافتة عملاقة رفعها المتظاهرون "لا للحرب". وكانت الحكومة التركية طلبت من البرلمان منحها هذا التفويض بعد جلسة استثنائية عقدتها مساء الاربعاء اثر وقوع الحادث الحدودي. وفي موازاة ذلك، اكد الحلف الاطلسي دعم تركيا، الدولة العضو فيه، بعد اجتماع طارىء في بروكسل ليل الاربعاء. وتتعرض قرية اكجكالي والمناطق المحيطة بها منذ اسابيع لنيران عشوائية من الجانب السوري، لا سيما بعد سيطرة المقاتلين المعارضين على معبر تل ابيض الحدودي ومحاولة النظام استعادة السيطرة عليه. والحادث هو الاخطر بين البلدين منذ اسقاط الدفاعات الجوية السورية مقاتلة تركية دخلت فترة وجيزة المجال الجوي السوري في حزيران/يونيو الماضي، ما ادى الى مقتل طياريها. في نيويورك، دان مجلس الامن الدولي في بيان تبناه الخميس "باقسى العبارات القذائف التي اطلقتها القوات السورية" على بلدة حدودية تركية وادت الى مقتل خمسة مدنيين الاربعاء. وطلب اعضاء مجلس الامن ال15 في بيانهم "وقف مثل هذه الانتهاكات للقوانين الدولية فورا وعدم تكرارها". كما طالب البيان "الحكومة السورية بالاحترام الكامل لسيادة جيرانها وسلامة اراضيهم" داعيا الى "ضبط النفس". وردا على سؤال حول هذه النقطة، اوضح سفير غواتيمالا غيرت روزنتال الذي تترأس بلاده مجلس الامن لشهر تشرين الاول/اكتوبر انه طلب "موجه الى البلدين". واوضح ان "هذا الحادث يجسد الاثر الخطير للازمة في سوريا على امن جيرانها والاستقرار والسلام في المنطقة". واكد السفير السوري لدى الاممالمتحدة بشار الجعفري للصحافيين ان سوريا "لا تسعى وراء التصعيد مع اي من جيرانها بما في ذلك تركيا". واضاف الجعفري "في حال وقوع حادث حدودي بين دولتين، يجب ان تتحرك الحكومتان بطريقة حكيمة وعقلانية". وصدرت سلسلة مواقف دولية تدعو الى ضبط النفس، ابرزها من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي اعرب عن "قلقه حيال تصعيد التوتر على الحدود"، وطالب "كافة الاطراف المعنية بالتحلي باقصى درجات ضبط النفس"، كما اعلن المتحدث باسمه مارتن نيسيركي الخميس. المصدر: فرانس 24 - وكالات.