أسعار الذهب اليوم 24 أبريل وقعت في الأرض.. هبوط مفاجئ هذا سببه    بعد انتشار "خليه يعفن".. أهم الأسئلة حول حملة مقاطعة الأسماك؟    تزايد الدين العام يهدد التصنيف الائتماني لفرنسا    بقيمة 300 ألف يورو.. الإعداد للبدء في تحسين كفاءة استخدام الموارد المائية كمنحة من الشبكة الإسلامية لمصر    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مساعدات لحلفاء واشنطن ب95 مليار دولار    أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا    بسبب الحرب على غزة.. كل ما تحتاج معرفته عن احتجاجات الجامعات الأمريكية    تشاهدون اليوم .. ليفربول يصارع إيفرتون في ديربي الميرسيسايد ومواجهات قوية بملاعب العالم    خلال 48 ساعة.. الداخلية تضبط قضايا غسيل أموال بقيمة مليار جنيه    عاجل:- تطبيق قرار حظر الصيد في البحر الأحمر    الصحة: فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    وكيل وزارة الصحة تتفقد سير العمل بالقافلة الطبية المجانية بالتل الصغير بالإسماعيلية    مفوض حقوق الإنسان أكد وحدة قادة العالم لحماية المحاصرين في رفح.. «الاستعلامات»: تحذيرات مصر المتكررة وصلت إسرائيل من كافة القنوات    الصوامع والشون بالمحافظات تواصل استقبال القمح من المزارعين    احتفالات مصر بذكرى تحرير سيناء.. تكريم الشهداء وافتتاح المشروعات التنموية والثقافية    لازم ياخد كارت أحمر .. ميدو يهاجم التحكيم في مباراة العين والهلال    مرشح لخلافة علي معلول.. مفاجأة جديدة لجماهير الأهلي    التشكيل المتوقع لباريس سان جيرمان ضد لوريان في الدوري الفرنسي    اليوم.. «خطة النواب» تناقش موازنة مصلحة الجمارك المصرية للعام المالي 2024/ 2025    8 مليارات دولار قيمة سلع مفرج عنها في 3 أسابيع من أبريل 2024.. رئيس الوزراء يؤكد العمل لاحتياط استراتيجي سلعي يسمح بتدخل الدولة في أي وقت    شروط تقديم الأعذار المرضية قبل بدء امتحانات نهاية العام 2024.. التفاصيل والضوابط    تفاصيل الحالة المرورية في القاهرة والمحافظات.. كثافات أعلى كوبري أكتوبر    علاقة مُحرّمة.. فصل جديد في قضية مقت.ل طبيب بالتجمع الخامس.. بعد قليل    تاريخ مميز 24-4-2024.. تعرف على حظك اليوم والأبراج الأكثر ربحًا للمال    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    بينهم نتنياهو.. تخوفات بإسرائيل من صدور مذكرات اعتقال دولية بحق مسؤولين كبار    الكرم العربي أعاق وصولها للعالمية، "بيتزا المنسف" تثير الجدل في الأردن (فيديو)    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    عتريس السينما المصرية.. محمود مرسي تزوج مرة واحدة وتوفى أثناء التصوير    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الكونجرس يقر نهائيا قانونا يستهدف تغيير ملكية تطبيق التواصل الاجتماعي تيك توك    الشيوخ الأمريكي يوافق على 95 مليار دولار مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا    الصين تعارض إدراج تايوان في مشروع قانون مساعدات أقره الكونجرس الأمريكي    الكونجرس يقر مشروع قانون يحظر «تيك توك» بالولايات المتحدة    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    يقترب من بيراميدز.. تفاصيل رحيل محمد صبحي عن الزمالك    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    خطر تحت أقدامنا    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    تنخفض 360 جنيهًا بالصاغة.. أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    شربنا قهوة مع بعض.. أحمد عبدالعزيز يستقبل صاحب واقعة عزاء شيرين سيف النصر في منزله    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل قتلتَ يوماً شاعراً كبيراً؟
نشر في شموس يوم 12 - 11 - 2020

دائماً، أفكر بهذه المسألة على نحو جَدّيّ جدّاً، أمتعض إذا ما وصفني قارئ بأنّني نزاريّ السمت والأسلوب والنهج، أصاب بالخنَس في داخلي، كيف لي أن أُبْعد نزاراً أو درويشاً أو أدونيس أو أيّ شاعر على شاكلة هؤلاء عن حوافّ قصائدي وأن أتخلّص من وهجهم الشعريّ؟ ليس بُغضاً لهم أو كرهاً لشعرهم، بل حبّاً لذاتي، وتقديراً لمشروعي الشعريّ الذي أمضيت زمناً طويلاً وأنا أدافع عن أحقيّة وجوده في سياق الشعر الحديث.
قد يشعر بعض الشعراء بالزهو، وقد تمّ تشبيههم بأدونيس، أو درويش، أو نزار قبّاني. يبدو هؤلاء الشعراء هم وحدهم مقاييس الشعر في العصر الحاضر. بشكل عامّ لا أرى في صالح الشاعر أن يقال له إنّك تشبه أدونيس أو درويشاً أو نزار قبّاني. هذا يدلّ على التقليد وفقدان الشاعر لصوته، فلم يكن ناجحاً كشاعرٍ بالقدر الكافي؛ ليكون هو نفسه مدرسة خاصّة متفرّداً بصوته، ولم يستطع بشعره أن يُنسي القارئ تلك الأصوات الراسخة في عالم الشعر. إنّه وجهٌ آخر مخفيٌّ من وجوه الرداءة.
ربّما الجهل بعوالم الشعر هو الدافع لتأطير الشاعر الجديد في قوالب قديمة، أو مدارس معروفة، أو لعلّه الاستسهال وعدم الاطلاع الكافي. كيف لشاعرٍ أن يشبه شاعراً آخر؟ لا أظنّ أنّ الفكرة مقبولة، كأنّ الشعراء نُسَخ عن أصل. لن يكون الأمر في صالح الشاعر المنسوخ، فهو ليس منسوخاً فقط، بل سيكون ممسوخاً أيضاً. نعم إنّه ممسوخ، فمَن مِن الشعراء يرضى لنفسه أن يكون منسوخاً ممسوخاً عن أيّ شاعر، ولو كان شاعراً عظيماً؟ إنّ أسوأ طعنة في قلب الشاعر أن يقول له قارئٌ إنّك تشبه درويشاً أو أدونيس أو نزاراً أو لوركا. إنّها طعنة مسمومة ليس لها شفاء إلّا بالصمت المطبق. من وجد ذلك فليبتعد عن لغته القديمة، ويفتّش له عن لغة جديدة وبحر جديد يغرف منه جنونه العبقريّ. أو فليصمت، ولا يعيد إنتاج اللغة ذاتها أو الصورة عينها، لأنّه لن يكون ماهراً إلى حدّ إخفاء الأصل، سيكون عمله تشويهيّاً من طراز قلّ نظيره.
الشاعر الحقيقيّ هو من إذا قرأه القارئ يُحدث لديه غربة ودهشة وضياعاً في اللغة والصورة؛ تُنسي المتلقّي كلّ الدراويش الدرويشيّين والأدونيسيّين والنزاريّين. كأنّه يَقُدّ لغة جديدة، غريبة عن كلّ لغة معروفة. لغة له وحده، من صخره هو، من منجمه، من معمله، من تجاربه، من لحمه الحيّ؛ فيها رائحته هو، وبصمته هو، لا يسير على منوال أحد، بل يخترع له طريقاً بكراً معتمة تضيئها عيناه، وتحفر مسربها يداه. يشقّها بالمغامرة، فيكون قائداً، ولا يهمّه بعدها من سار فيه وتبعه. فمن رضي أن يكون تابعاً في الشعر، فإنّه سيظلّ ذليلاً بين أيدي القرّاء وعقولهم وتصنيقاتهم وأوصافهم العابرة، سيعيش شاعراً مُقزَّماً، ومصنّفاً. إنّ خير الشعراء شاعر أربك المشهد والنقّاد جميعاً، واحتاروا أين يضعونه، وفي أيّ تصنيفٍ يحشرونه، وعلى أيّ منهجٍ بحثيّ يقلّبون قصائده، ليولد وحْدَ نفسه، لا شريك له في شعره لا من قريب ولا من بعيد، كافراً كفراً مطلقاً بشركاء الصنعة الشعريّة.
ليس هناك ما هو أخطر على الشاعر من شعر غيره. على الشعراء أن يفرّوا من الشعر، ولا يقربوه، إذ ليست مهمّة الشاعر أن يقرأ شعر غيره. ولا أن يتذوّق قصائد غيره، ولا أن يتأمّل مجازات غيره، بل إنّ الشعراء مفسدة لذائقة الشاعر الخاصّة، فكلّ قصيدة مكتوبة هي اقتراح جماليّ للغة أصبح باهتاً بمجرّد ولادته، لا يُلتفت إليه عند الولادة القادمة ولا يُحفل به، ولا يطمح إليه شاعر حقيقيّ ليكون له؛ لئلا تختلط مع ذائقته الصانعة شوائب صنعة غيره في كلّ اقتراح جماليّ مولود، فيتوه، ويُصاب بالدوار وبالصرع، والمسّ المرَضيّ، ويصبح لا شعراً أعطى ولا بيتاً أبقى!
هؤلاء الشعراء الثلاثة (أدونيس، درويش، نزار قبّاني) شكّلوا مدارس راسخة في الوعي الجمعيّ للقارئ في فترة زمنيّة ممتدّة لأكثر من نصف قرن، كيف للشاعر الجديد أن يتسرّب إلى الوعي الجمعيّ ليزحزح أولئك الشعراء عن مركز تفكير القارئ، وأن يُوجد له مقعداً بجانبهم؟ عليه أن يفكّر بالكرسيّ/ الشعر الذي سيتركه في العقل، ليكون شاعراً راسخاً يُشار إليه، أسوة بهؤلاء "المدارس" من الشعراء. فلا تترك صورة هشّة للكرسيّ في عقل القارئ، فإنّك عندئذ لن تستطيع الجلوس على كرسيّ هشّ موضوع في عقل قارئٍ اطمأنّ إلى ما لديه من كراسي الشعراء الراسخين.
كم يحتاج الشعراء الجدد إلى قتل الشعراء الكبار، ليولدوا بحرّيّة دون قيد أو شرط أو تصنيف عرّضيّ ظالم. ولكنْ، هل سيعرف الشعراء الجدد كيف يُقتل الشاعر الكبير؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.