وكنت بين وقت واخر اعبر النيل بالمراكب الشراعية حيث قرية توشكي غرب حيث نصف عائلتي هناك وكان اقرب الناس الينا جدي حسن حاج ابن عمة والدي وعم والدتي في نفس الوقت والتاجر المعروف وكذلك العم مختار حسن هاشم زوج عمتي .. واذكر ان اجرة الانتقال كانت قرش صاغ وكنت اجد في ذلك نوعا من المتعة لأن طبيعة الانتقال من الشرق الي الغرب وبالذات في فصل الشتاء حيث يتسع النيل الي ثلاث اضعاف المجري الرئيسي كانت تعتبر متعة حقيقية حيث ان المركب كان يمر عبر النخيل التي ثلثها تقريبا مغمورة بمياه النيل بعد قفل بوابات خزان اسوان لحماية اراضي الشمال وكذلك اشجار السنط الضخمة وقد كانت هناك نباتات لبلابية تنمو في اراضينا الزراعية التي تغطيها مياه النيل تعيق حركة المراكب قليلا . اما المجري الرئيسي للنهر فكان يبدو صفحة نقية تتلألأ النجوم عليها ليلا حيث النقاء لخلوه من الامواج كما وصفها الفنان وردي في رائعته الطير المهاجر(وان جيت بلادنا وتلقي فيها النيل بيلمع في الظلام زي سيف مجوهر بالنجوم من غير نظام)ومن كثرة التنقل سواءا مع الاهل او مع خالي المرحوم انور امام الذي يصغرني سننا تعرفت علي المراكبية وكيف يتعاملون مع المركب الشراعي وفن قيادتها وفك شراعها ثم طيها مرة اخري عند الوصول الي المرفأ وبمنتهي خفة الحركة كنت تراهم وهم يصعدون الي قمة العمود الذي يحمل الشراع دون استخدام سلالم . وهناك اسماء لايمكن ان تمحي من الذاكرة منهم علي سبيل المثال المرحوم وهبي عابدين وكان ايضا مطربا وصابر قمصان وعبده عراب وعبدالحفيظ حاكم وفنيني وعبده زينب وعبدالعزيز بلال رحمهم الله جميعا وكنت امكث في الغرب اياما وبالذات في الاعياد حيث ان جدي حسن رحمه الله كانت عيديته اكبر عيدية احصل عليها عشرة قروش بالتمام والكمال في وقت كانت الاسرة النوبية تصرف في الشهراقل من خمسون قرشا . واذكر ان خالنا محمد حسن حينما تزوج مكثنا اسبوع بالكامل في الغرب حيث معالم الفرح كانت تعم القرية باثرها واستقدم من ابوسمبل فنانين كبار مثل الفنان حسن برسي وعلينتو رحمهما الله والفنان علينتو يرتبط بصلة قرابة بأقاربنا احفاد حاكم عواض في ابوسمبل واذكر حينما تغني الفنان حسن برسي وقال (حسن برسيغا اوغيرا كن غوردننغا وونور امنتيروس ايغا) اي يارب ارني اليوم الذي افرح فيه ويشاركني فرحي حسن برسي و(برسي ) تعني بالنوبية توأم او التوم كما يطلق عليه الاخوة في السودان ….#يحيي_صابر