صدر حديثًا عن المركز القومي للترجمة ضمن سلسلة ميراث الترجمة النسخة العربية لكتاب "حرية الفكر" تأليف جون بانيل بيوري ، تعريب محمد عبد العزيز اسحاق، تقديم الدكتور إمام عبد الفتاح إمام. ويقول د. إمام عبد الفتاح إمام في مقدمة الكتاب ،أنه عندما كان في العشرينيات من العمر،كيف عثر أحد أصدقائه على هذا الكتاب وكان كتابًا مشهورًا بخطورته، فقد كانت بعض الفئات تحاربه وذلك لأنه كان يتعرض لحرية الفكر ويؤرخ لها عبر العصور. كما نجد محمد عبد العزيز في صدر الكتاب يوجه كلماته إلى الشباب حيث يقول"هذا كتاب للشباب..كتاب كتبه مفكر حر لا يقيم وزنًا للفوارق بين الأجناس ،ولا للخلافات بين العقائد. ومن بين هذه المبادئ الأساسية جاء الكتاب في ثمانية فصول يعرض فيها المؤلف في البداية معنى "حرية الفكر"والقوى التي تناصبها العداء.فيرى أن حرية الفكر لا تعني أن يفكر المرء كيفما أراد في حدود مواهبه الخاصة،فهذه الحرية الفكرية الطبيعية لا تجدي على صاحبها و لا على الناس شيئًا ما دام الإنسان المفكر لا يستطيع إيصال أفكاره للاّخرين، فحرية الفكر تعني بإختصار"حرية التعبير". يتكون الكتاب من ثمانية فصول ويقع في 177 صفحة من القطع الكبير، تأتي الفصول بعنوان الفكر الحر وأعداؤه،ثم يتناول الفكر الطليق عند الإغريق و اليونان وإبداعهم ،أيضًا حرية الحوار و المناقشة،فقد كانت أثينا في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد اقوى المدن الإغريقية،وأعظمها،كما كانت ديمقراطية بمعني الكلمة،ويقارن المؤلف بين هذا الفكر الحر الطليق و الفكر في الاغلال في عصر الظلمات(العصور الوسطي). كما يتناول المؤلف تباشير الخلاص في عصر النهضة والاصلاح الديني وهكذا نصل "إلى عصر التسامح الديني" في القرن السابع عشر ونمو المذهب العقلي و إزدهاره،وأخيرًا ينهي المؤلف كتابه ،في الفصل الثامن بالحديث عن قيمة الفكر، ويرى أن ما حدث طوال التاريخ كان مؤامرة مشئومة على الرقي البشري قام بها السلطان المستبد. بيوري قد تتبع في هذا الكتاب سيرة العقل في أوروبا من الإغريق وحتى الاّن،كما نرى مظاهر النشاط العقلي من علم وفن وفلسفة تصارع خصومها من ذوى السلطة الدينية والسلطة الزمنية فتصرعهم حينًا ويصرعونهًا حينًا اّخر،ولكن البشرية قد شاء لها جهاد أبطالها ان يفوز العقل في النهاية وأن يستقر ثابت الأقدام في تلك البلاد التي بذلت دمائها في سبيل الحرية. ويضيف بيورى أن سبب تقديمه هذا الكتاب هو أن يدرك الشباب أى سبيل وعر هم مقدمون عليه،وأى عقبات ضخمة تستطيع الإرادة البشرية ان تمحوها و تنفذ في النهاية ما تريد. جدير بالذكر أن جون بانيل بيوري-مؤرخ بريطاني، ولد في أيرلندا ،و أصبح أستاذًا في جامعة كيمبردج،ومن أهم مؤلفاته "تاريخ اليونان حتى الأسكندر الأكبر"،"مؤرخو اليونان القديمة"،"فكرة التقدم".