يتناول هذا الكتاب الدور السياسي والحضاري لقبيلة هوازن من فجر الإسلام إلى نهاية العصر العباسي الأول(8-232ه / 629 – 846م) ترجع أهمية هذا الكتاب لأهمية هذه القبيلة التي كانت تعد إحدى القبائل العدنانية الكبرى التي كانت لها إسهامات بارزة ودور كبير في الحياة السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال تلك الفترة موضوع الكتاب. لعبت قبيلة هوازن دوراً بارزاً في مجرى الأحداث السياسية في الدولة الإسلامية خلال تلك الفترة، وكان لرجالها إسهامات بارزة في الناحية الإدارية، فكان منهم الولاة وأصحاب الشرطة، كما برز منهم عدد كبير من الكتاب والقضاة، وكان لرجالها دور كبير في النشاط الاقتصادي فنشطوا في الزراعة وبرعوا في صناعات وحرف عديدة، كما ساهموا بدور كبير في النشاط التجاري. وظهر دور هوازن جليا في الحياة الاجتماعية وتمثل ذلك في عاداتهم الاجتماعية ونظمهم المختلفة وتأثيرهم في الأماكن والأقاليم التي استقروا فيها. أما عن الناحية الثقافية فقد ظهر منهم علماء في علوم مختلفة مثل العلوم الدينية واللسانية فنبغ منهم شعراء وظهرت مجموعة من العلماء في علم النحو، كما نبغ الكثير منهم في غير ذلك من العلوم مثل الطب والتاريخ. ومن هنا كانت أهمية هذا الكتاب هذه القبيلة من خلال المصادر التاريخية والأدبية والجغرافية لجمع المادة العلمية اللازمة، وجمع ما تفرق واختلط من أخبار قبيلة هوازن وأحوال أبنائها، وذلك على الرغم من الصعوبة البالغة في تتبع حركة القبائل وتأثيرها. ولا شك أن دراسة الأنساب تعد من الدراسات الشاقة، فهي تحتاج إلى التحقيق والتدقيق في جمع المادة العلمية خاصة أن فترة الدراسة هي فترة طويلة زمنيا بحيث يكاد في آخرها أن تختفي وتختلط الأنساب ويتخلى الرجل عن النسب لقبيلته وصار ينسب إلى بلدته أو حرفته مما زاد من صعوبة الدراسة. ومما زاد من صعوبة البحث أن المصادر التاريخية المعاصرة لهذه الفترة أو اللاحقة لها لا تتحدث عن قبيلة هوازن إلا ضمن الحديث عن مجرى الأحداث العامة في الدولة الإسلامية، مما جعل المعلومات الخاصة بالدراسة قليلة جداً ومتناثرة في ثنايا الكتب التاريخية. ومن الصعوبات التي واجهتني في هذا الكتاب أن شخصيات من أبناء هوازن قامت بأدوار متعددة مما اضطرني إلى تكرار بعض النصوص في أكثر من موضع لتتبع أخبار كل شخصية. وقد قسم هذا الكتاب إلى دراسة تمهيدية وأربعة فصول وخاتمة بالإضافة إلى الملاحق. فتناولت في التمهيد نسب قبيلة هوازن، وموطنها الأصلي والحالي وديانتها، وعلاقاتها بالقبائل المجاورة لها، وأحوالها الاقتصادية والاجتماعية قبل الإسلام. أما الفصل الأول فتحدث عن هوازن في العهد النبوي وبيّن موقف هوازن من الدعوة الإسلامية، وانتشار الإسلام بين هوازن. وتناول الفصل الثاني دور قبيلة هوازن في الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، والأمويين، وفى العهد العباسي الأول حيث كان الحديث عن فتح العراق والشام ومصر وبلاد ما وراء النهر، مع تتبع دور أبناء هوازن في هذه الفتوحات. وناقش الفصل الثالث دور هوازن في الأحداث السياسية في الأمصار الإسلامية في العهد الراشدي والعهد الأموي، ثم في العهد العباسي الأول، فتم إبراز دورهم في الفتنة الكبرى ومعركة الجمل وصفين كذلك دورهم في محاربة الخوارج في العهد الأموي ثم دورهم في إخماد الحركات المناهضة للدولة الإسلامية في العهد العباسي الأول. أما الفصل الرابع فقد تناول الدول الحضاري لقبيلة هوازن في الأمصار الإسلامية من الناحية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفى الخاتمة تم ذكر أهم النتائج التي توصل إليها البحث. أما ملاحق الدراسة فقد اشتملت على الأشكال التوضيحية للبطون والعشائر التي تنتمي للقبيلة، وشملت كذلك الخرائط الخاصة بالأماكن الأصلية للقبيلة والأماكن التي استقروا فيها، وكذلك صور للعملات والمساجد.