تتأرجح سياسة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي الليكودي المتشدد نتنياهو بين الأبيض والأسود بهدف إزالة ذلك الكابوس الذي يهدد وجود القوى الظلامية الإسرائيلية وهو السلام، فمجرد تفكير نتنياهو للجلوس على طاولة المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين فهذا يمثل تهديدا مستقبليا لليمين الاسرائيلي المتطرف. ومعلوم أن أجواء العنف والقلق والخوف من المستقبل التي تهدد الكيان الاسرائيلي هي الوصفة السحرية التي تمكن اليمين الاسرائيلي من إحكام سيطرته على المجتمع الاسرائيلي ومصيره. ومن هنا يمكننا إدراك معنى رؤية نتنياهو التي يتثبت بها حيث يتبنى أيدلوجية مؤيدة للاستيطان ومتنكرة بالكامل للحقوق الفلسطينية، والذي يعتبر الضفة الغربية جزءا من «أرض إسرائيل التاريخية»، و «القدس عاصمة موحدة لإسرائيل»، والاستيطان هو «عمل صهيوني ريادي» "من خطابه في جامعة بار إيلان" ومن خلف هذه الرؤية تستمر حكومة الحرب الإسرائيلية في شن حربها المسعورة لتدمير ما تبقى من أوسلو وملحقاتها المادية والبشرية. فإذا كان ما يراه العالم من أعمال قتل جماعي للفلسطينيين وتدمير منهجي لمدنهم وقراهم وبنيتهم التحتية والاستيلاء على أراضيهم وما يتعرضون له من تصعيد عسكري بما في ذلك استخدام الأسلحة المحرمة دوليا ضده مثل اليورانيوم المستنفذ والقنابل الفسفورية والغازات والقذائف المختلفة وحصار المدن والمخيمات والقرى ومحاولة تجويعهم وسرقة أراضيهم من خلال التوسع الاستيطاني وجرح أطفالهم وقتل شبابهم ونسائهم هو خلاصة الجهد الزائف الذي بذلته ماكينة الدعاية الإسرائيلية لإظهار رئيس الوزراء الاسرائيلي "بيبي نتنياهو" كداعية سلام فان تفاصيل الاستعدادات العسكرية والحصار العسكري الاسرائيلي والاقتصادي على الأراضي الفلسطينية ومنع دخول المواد التموينية والمساعدات الطبية وحصار القرى والمدن واعتداءات المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين تجعل الحديث عن السلام مجرد غطاء مكشوف لتمرير الأهداف الإسرائيلية التي أصبحت واضحة المعالم للقاصي والداني، بانحصارها أولا وأخيرا في محاولاته البائسة لتركيع الفلسطينيين وتمرير سياسة الأمر الواقع. إن الوضع الناشئ الذي تبلور بعد إن استقر نتنياهو في رأس المستوي السياسي الاسرائيلي يبرره الانحياز الأمريكي المطلق مع تل أبيب وهذا يترجمه التخبط الأمريكي وتردد الإدارة الأمريكية الجديدة بين الإحجام والإقدام للدخول بقوة لوقف التدهور في المنطقة، ومن هنا تدخلت الولاياتالمتحدة وطرحت مبادرة بين نتنياهو وإدارة اوباما لبدء مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. إن التحليل الأولى لمجريات وتطور الصراع على الأرض بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني يدل على أن الجنرال نتنياهو يدير حربة المجنونة ضد الفلسطينيين على نار هادئة والتوجه نحو التصعد التدريجي للمعركة القادمة مع الفلسطينيين من خلال التسويف والترهيب والترغيب والقوة العسكرية البربرية إذا لزم الأمر، وهذه السياسة العبثية التي ما زال الجنرال نتنياهو بسير على هديها هي انعكاس ظاهري لسوء إدارته السياسية والتي تمثل مدى المأزق الذي يمر به وحكومته اليمينية المتطرفة وهو دليلا ساطع على انه أغلق كل المبادرات السياسية مكتفيا بإطلاق الوعود للإسرائيليين بتحقيق النصر المبين على الفلسطينيين بالقوة العسكرية سيبقى حبيس دائرة الوهم البائسة التي ستغرق الطرفان في بحر من الدماء. وبغض النظر عن أجواء القلق واليأس التي تسيطر على الشارع الاسرائيلي فان نتنياهو ماض على ما يبدو في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة على مراحل دون هدف استراتيجي حقيقي آو يقود للحل المطلوب، وبما ان حزب الليكود الحاكم وبقية الزعران من الأحزاب اليمينية الإسرائيلية المتطرفة يتولون قيادة الكيان الإسرائيلي نحو الحريق، وفي غياب إستراتيجية إسرائيلية شاملة يكتفي نتنياهو بصفته قاتلا كبيرا بامتياز وليس زعيما سياسيا بمواصلة سياسة التصفيات واجتياح المناطق الفلسطينية وهذا يؤكد وبما لا يدع مجالا للشك أن الكيان الاسرائيلي دولة إرهابية وفق كل المقاييس السياسية والأخلاقية وعندما تتجرد القيادة الإسرائيلية من الوعي السياسي فان مستقبل المنطقة يبدو سوداويا. من هنا فالشعب الفلسطيني يعيش لحظات صعبة ومصيرية وتحديات خطيرة وكبيرة لا يمكن مواجهتها والتعامل معها إلا بإتحاد الكل الفلسطيني وبوقفة من جميع الأصدقاء من العالم ليجسد إرادة أمته وعزمه على حل قضيته طبقا لمبادئ الحق والعدل وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. الإعلامي والباحث السياسي