دكتور/ محمد زين العابدين عبد الفتاح تعد المدرسة المؤسسة الرسمية التي أنشأتها الدولة لتقوم بتربية وتعليم النشء مبادئ العلوم والأخلاق والقيم والاتجاهات، وتنشئتهم التنشئة الصالحة التي تخلق منهم مواطنين يسهمون في خدمة أنفسهم ومجتمعهم وأمتهم، ويؤكد علماء الاجتماع أن المدرسة مؤسسة تربوية واجتماعية تعنى بتنظيم وضبط سلوك الجماعة بطريقة منظمة وحضارية مخطط لها مسبقا، وهي كذلك تقوم بتبسيط التراث الثقافي وخبرات الكبار، كما أنها تقوم بتنقية ذلك التراث وتطهيره مما هو عالق به من عادات وقيم سلبية لا تلائم العصر الذي نعيش فيه. ويجمع التربويون على أن المدرسة تقوم بدور فاعل في المجتمع، بل إنها في بعض المجتمعات وخاصة الريفية منها تكون هي المحور الذي تتركز فيه نشاطات المجتمع المحلي لاسيما الشباب، فالمدرسة هي المكان الذي تمارس فيه النشاطات الرياضية و الاجتماعية والتربوية، وعليه فإن بقاء المجتمع واستمراريته مرهون بمدى تفاعله مع المؤسسات التعليمية، وهناك ثلاثة اتجاهات ترسم العلاقة بين المدرسة والمجتمع: الاول: المدرسة تعد المصدر الأساس للتعلم مدى الحياة وتقديم العديد من الخدمات للمجتمع. الثاني: المجتمع بالرغم من كل تعقيداته يظل هو المنهج المدرسي، إذ إن الطلاب يجمعون معلوماتهم ومعارفهم من تفاعلهم داخل المجتمع. الثالث: المدرسة تعد البيئة التي تطور المهارات الاجتماعية وعليه فإنها تتعرف على الاحتياجات الكامنة في المجتمع وتحاول توفير الأعمال التي تلبي تلك الاحتياجات.(Naval, et.al, 2003). وتعد تربية المواطنة هدفاً هاماً للمؤسسات التعليمية التي تعنى بإعداد الأجيال كي يصبحوا متعلمين مدركين لواجباتهم وحقوقهم الوطنية، ومتفاعلين مع مجتمعهم محققين لأهدافه وطموحاته، وفي إطار المدرسة يتم تحصيل المعارف والمهارات والقيم اللازمة لتربية المواطنة، وهذا يعني أن التعليم يؤدي إلى الوصول للقيم والاتجاهات الوطنية. فهناك من يتصور أن المدرسة ماهي إلا غرف صفية يتلقى فيها الطلاب دروس واجبات ومناهج، فالأمر أكبر من ذلك بكثير، فالمدرسة مجتمع صغير له نظام اجتماعي يشترك فيه الكبار ممثلين بالهيئة التعليمية من معلمين وإداريين والصغار الذين هم الطلاب، والمجتمع المحل وهم أولياء الأمور، وتنشأ في هذا النظام لمتكامل مجموعة من العلاقات الاجتماعية التي تؤثر في صياغة فكر وثقافةأبنائنا. فالمعلم يقوم بدور هام في تفعيل تربية المواطنة، وغرسها في نفوس الطلاب، فمنه يتلقون التربية والتعليم، ويقتدون به في الخلق والسلوك السوي، يبين لهم حقوق ربهم، وحقوق ولاتهم وعلمائهم، ويبين لهم تميز وطنهم وفضله عليهم، ويؤكد عليهم معرفة حقوق الآخرين في المجتمع، ويدعوهم إلى الترابط والبعد عن الانحراف والفتنة، ويحذرهم مما يضرهم أو يضر وطنهم، فمهمه المعلم لم تعد مقتصرة على إيصال المعلومة أو المهارة إلى الطالب فحسب، بل هي أكبر من ذلك بكثير، فعلى المعلم أن يعمل على زرع الإخلاص والشعور بالمسؤولية في نفوس الطلاب، ويؤكد عليهم أن لكل منكم دوره في تطور الوطن وتقدمه، ولابد أن يعتمد في ذلك على مجموعة من الطرق والاستراتيجيات التي تلعب دورا مهماً في هذه الناحية، ولابد له أن يكون من حملة المعتقدات السليمة، وأن يحمل مخزوناً ثقافياً واجتماعياً كبيرا حول أهمية التعليم في توطيد الأمن الفكري للشباب، ولابد للمعلم أن يسهم في غرس روح الولاء والانتماء للهوية الوطنية والسياسية، ولابد للمعلم أن يكون واثقا من نفسه ومن معلوماته، مبدعا في أفكاره مرنا في سلوكه مجددا لآرائه مرشداً لطلابه؛ في كيفية اكتساب مبدأ التعاون والعمل الجماعي وتوطيد حب الطالب لمجتمعه وتعزيز الانتماء والشعور بالمسؤولية المشتركة في الحفاظ على أمن وسلامة واستقرار الوطن من العبث والفساد. ( العرادي، 2004). ومن مستلزمات حب الوطن أن تؤكد المدرسة على الطلاب المحافظة على مرافق الوطن وممتلكاته وموارده الطبيعية البشرية، كموارد المياه والطرقات والمباني والأشجار والمدارس والمصانع والمزارع وغير ذلك، وتحذرهم من الفوضى والتخريب وأن ذلك إفساد في الأرض يستوجب العقوبة الصارمة التي ذكرها الله سبحانه عن المفسدين.