دكتور/ محمد زين العابدين عبد الفتاح تقوم الأسرة بدور هام في عملية التنشئة الاجتماعية وبالتالي في تربية المواطنة، وذلك لكونها المحيط الأول الذي ينشأ فيه الطفل ويقضي فيه معظم وقته إن لم يكن كله، فعن طريق الأسرة يبدأ الطفل التعرف على ذاته الاجتماعية، ومنها ينطلق إلى إشباع حاجاته العضوية والاجتماعية، ومنها يبدأ تكوين علاقاته الاجتماعية داخل نطاق الأسرة مع إخوانه وأخواته، وهنا تحدث عملية التنشئة الاجتماعية للطفل، وفي الأسرة يكون كل من الأب والأم عاملين هامين ورئيسيين في مسألة التنشئة وغرس القيم والسلوكيات الايجابية في حياة الطفل، وتعتمد التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة على عدة عوامل منها: المستوى التعليمي للأبوين، المستوى الاقتصادي، والمستوى الاجتماعي، جميع هذه العوامل تؤثر تأثيراً فاعلا في فاعلية التنشئة الاجتماعية إيجاباً أو سلباً. (الحامد، 1415ه). كما تعتبر الأسرة المؤسسة الاجتماعية التي تعنى بالتماسك الاجتماعي لكونها النواة الأولى لتكوين الشخصية والانتماء والولاء للدين والوطن، والهوية الإنسانية والوطنية والداعم ولممول للمثل السلوكية والتكيف مع المجتمع، من خلال الدور الذي تقوم به في تربية الأطفال. ومن أهم مسؤوليات الأسرة إعداد الفرد نفسياً وجسمياً وعاطفياً واجتماعياً، وذلك بواسطة تغذيته بالأسس السليمة للحياة، وتزويده بالمهارات والمواقف الأساسية التي يحتاجها، للتفاعل مع متطلبات ومحددات الثقافة المجتمعية، لكي يستطيع الفرد أن يتعايش في مجتمعه عن طريق كسب الاحترام الاجتماعي له، ومن هنا يبدأ فيه غرس الانتماء إلى بيئته الأوسع وإلى مجتمعه ووطنه من خلال الترابط بين ما اكتسبه في بيئته الأولى وهي الأسرة وبين المكنونات المجتمعية لهويته الدينية والثقافية والاجتماعية المرتبطة بوطنه، ومن ثم يبدأ في التكيف السلس والسهل مع مسئولياته الوطنية. ولا يجوز للأسرة الاتكال على المدرسة أو على المؤسسات التربوية الأخرى في توجيه أبناءها وغرس مقومات المواطنة الصالحة فيهم، فلابد للأسرة من تخصيص الوقت الكافي لتنشئة الأبناء التنشئة الصالحة، لكي تتكامل في المجتمع مسؤوليات الأسرة مع مسؤوليات مؤوسسات المجتمع التربوية الأخرى. ومن أهم المجالات التي يجب على الأسرة التركيز عليها لتعزيز تربية المواطنة الصالحة في أطفالها تشير شكيب (2002م) إلى ما يلي: أولا: ربط الطفل بدينه، وتنشئته على التمسك بالقيم الإسلامية، والربط بينها وبين هويته الوطنية، وتوعيته بالمخزون الإسلامي في ثقافة الوطن باعتباره مكونا أساسيا له. ثانيا: تأصيل حب الوطن والانتماء له في نفوس أطفالنا منذ الصغر، ويتم ذلك من خلال تعزيز الشعور بشرف الانتماء للوطن، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، والدعوةةإلى إعداد النفس للعمل من أجل خدمة الوطن ودفع الضرر عنه، والحفاظ على ممتلكات الوطن ومكتسباته، والمشاركة الفاعلة في خطط تنميته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ثالثا: حثه على التحلي بأخلاقيات المسلم الواعي بأمور دينه ودنياه. رابعا: تعزيز الثقافة الوطنية عن طريق نقل المفاهيم الوطنية للطفل، وتوعيته بتاريخ وطنه وإنجازاته، وتثقيفه بالأهمية الجغرافية والاقتصادية للوطن. خامسا: تعليم الطفل المعاني التي يرمز لها "علم بلاده"، وقيمة النشيد الوطني في نفوس الأفراد، واحترام قادة الوطن وولاة أمره. سادسا: حث الطفل على احترام الأنظمة والقوانين التي تنظم شئون بلده، وتحافظ على حقوق المواطنين وتسير شؤونهم، والتقيد والالتزام بها. سابعا: تربية الطفل على حب الآخرين والإحسان لهم مهما كان أصله أو فكره أو معتقده، وأن الأخوة بين المواطنين. ثامنا: تشجيع الأطفال على العمل الجماعي المشترك، ومساعدة المحتاجين، والتعاون والتكافل والألفة بين كافة شرائح المجتمع. تاسعا: تعزيز الوحدة الوطنية في نفوس الأطفال، وحب كل فئات المجتمع بمختلف انتماءاتهم، ونبذ الفئوية والعرقية والطائفية الممقوتة، مع التأكيد على الفرق بين الاختلاف المذهبي المحمود وبين التعصب الطائفي المذموم. عاشرا: غرس حب المناسبات الوطنية الهادفة والمشاركة فيها والتفاعل معها، والمشاركة في نشاطات المؤسسات الأهلية وإسهاماتها في خدمة المجتمع، عن طريق المشاركة في المناسبات التي تدل على تعاون المجتمع، كيوم الشجرة ويوم المرور، ونظافة المساجد والشوارع وغير ذلك من النشاطات التي تعود بالنفع على المجتمع المحل وبالتالي على الوطن ككل. حادي عشر: تشجيع الأطفال عل التعاون مع أجهزة الدولة ( أمن عام، دفاع مدني، مخابرات عامة غير ذلك) على الخير والصلاح، مع التأكيد على الابتعاد عن كل ما يخالف الأنظمة من سلوكيات غير وطنية، ومفاسد إدارية ومالية، ومقارعتها والسعي للقضاء عليها. ثاني عشر: غرس حب الوطن والدفاع عنه ضد كل معتد عليه بالقلم واللسان والسلاح. ثالث عشر: اغتنام الفرص للحديث المباشر مع الأبناء حول مقومات المواطنة الصالحة. رابع عشر: ترديد الأناشيد التي تدعو إلى فعل الخيرات وحب الوطن والاعتزاز به، والسعي لخدمتة. خامس عشر: تزويد مكتبة المنزل بكتب وأدبيات وأشرطة صوتية تحتوي على المفاهيم المعززة للمواطنة الصالحة. والمشاركة مع الأبناء في رسم صور حول منجزات الوطن، ولصقها على جدران غرفهم، ورواية القصص المحفزة لحب الوطن والتي من شأنها غرس المواطنة الصالحة في نفسالطفل. سادس عشر: تعليم الأطفال تاريخ وطنهم وجغرافيته وبيان أهميته محليا وإقليميا وعالميا. وأخذ الأبناء في رحلات ترفيهية سياحية تعرفهم بصروح الوطن ومواقعه التاريخية والتراثية والمتاحف والأثرية. سابع عشر: تنشئة الأبناء على العادات الإيجابية والسلوك المستقيم للمواطن الصالح المخلص لبلده، مثل: احترام قواعد وأنظمة المرور، الحفاظ على الأمن والسلامة العامة للوطن، الدفاع عن ممتلكات ومكتسبات الوطن. ثامن عشر: تعريف الأبناء بالرموز الدينية والوطنية الذين تفانوا في خدمة الوطن في الماضي في المجالات العلمية والدينية والاجتماعية وغيرها، وإشراكهم في الزيارات الاجتماعية التي يقوم بها الأهل لأفراد المجتمع بجميع فئاته، لتشجيعهم على مشاركة الآخرين أفراحهم وأتراحهم.