يا لها من مفاجأة سارة أن أجد نفسى مرشحاً لخوض مسابقة: من سيربح المليون ،وأن أكون فى ضيافة الاعلامى الأشهر عربياً /جورج قرداحى ، كم انا سعيد برحلة سفرمجانية و إقامة شاملة فى فندق خمس نجوم وكل ذلك على حساب المؤسسة الاعلامية الراعية للمسابقة ، ولعل هذا أكثر ما شجعنى على السفر ،على رأى المثل: أبو بلاش كتّرْ منه ، وأبو فلوس إبعد عنه ! وجدت نفسى داخل ذلك الاستوديو المهيب ذو الأضواء المركزة على أماكن بعينها ،وبقية أركانه يغطيها ظلام حالك، بدأ جورج قرداحى فى شرح نظام المسابقة ،ورغم معرفتى التامة بنظامها إلا اننى أردت سماعه مرة أخرى حباً فى الظهور لأطول فترة ممكنة على الشاشة من جهة ،وكذلك الجلوس فى الاستوديو المكيف من جهة أخرى ! بدأت الاسئلة السهلة فى البداية و التى تشبه أسئلة الألغاز والمسابقات التى تبثها الفضائيات العربية ،والمصرية تحديداً ، أسئلة من نوعية : كم عدد أصابع قدم الانسان ؟ ، ما هى ثمار أشجار المانجو ؟! وإن كنت أتذكر أنها لم تكن بمثل هذه السذاجة والسطحية ، لقد كانت أكثر عقلانية، على أى حال مرت الاسئلة السهلة بأمان، ثم انتقلت الى مرحلة الصعوبة فى الاسئلة ، صحيح أن الاجابات كانت تولد بعد مخاض عسير لفتات الأفكار داخل رأسى ، لكن عموماً كنت أجاوب مرة بالحظ ،ومرة باستخدام احدى وسائل المساعدة ،ومرة اخرى كان كمبيوتر المسابقة يفوّت السؤال ويدخل على السؤال التالى ،وقبل أن تتسرع وتتهم الكمبيوتر بالكوسة والمحسوبية ، أودّ إخبارك بأنه لم يتم برمجته فى مصر ! فجأة وجدت نفسى أمام أخر سؤال للوصول الى المليون ،وأعطانى جورج قرداحى شيكاً بمبلغ نصف مليون ريال ، بدأت الأحلام تراودنى حول ما سأفعله بهذا المبلغ الضخم (على الأقل ضخم بالنسبة لى ، فهو تافه بالنسبة لأخرين) ، وبدأت أشياء كثيرة تلمع فى عيناى: سيارة ، فيلا ، رفاهية ، شركة ، رصيد فى البنك ، سفر للخارج ، ... إلخ وجدت نفسى استنفذت كل سبل المساعدة ، فجمعت بقايا حظى ولملمت شجاعتى وإخترت إحدى الاجابات ثم أكدتها بعبارة (جواب نهائى) ، بدأ المذيع يمارس طريقته الصامتة القاتلة قبل أن يعلن الاجابة ، وبدأت الخلفية الموسيقية المثيرة فى الانطلاق ، وكل الحضور وانا منهم كنا فى حالة ترقب شديدة ، لحظات قليلة تفصلنى عن المليون ..وبينما الجميع فى صمت وصوت الموسيقى يعلو ويعلو .. وجدت شيئاً ما يهزنى .. يهزنى بقوة شديدة لدرجة اننى سقطت من على الكرسى .. صوت مفزع يردد : (أحمد ..أحمد ..إصحى .. الساعة بقت تسعة !! ) فتتحت عيناى لأجد نفسى ساقطاً من على السرير(كرسى المسابقة) داخل غرفتى التى لم تعرف الجو المكيف يوماً (الاستوديو المهيب والمكيف) ، والتى يدخلها ثنايا من ضوء النهار مركزة على أماكن معينة نتيجة كسر فى شباكها المتهالك ، والأغرب هو اننى كنت أمسك فى يدى بفاتورة تليفون بقيمة 500جنيه ، مؤكد أن تلك الفاتورة كانت الشيك الذى أعطانى إياه جورج قرداحى ، قصدى محصل الفواتير !!