رئيس الوزراء يتابع مستجدات الموقف الحالي لبرنامج الطروحات الحكومية    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 5 مايو 2025 .. البلطي ب 100 جنيه    نتنياهو يتوعد اليمن بضربات عنيفة ردا على هجوم مطار بن غوريون    الرئاسة الروسية: سننظر إلى أفعال المستشار الألماني الجديد    موعد صرف 1500 جنيه منحة عيد الأضحى من الحكومة    حار نهارًا على أغلب الأنحاء.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا    جداول الترم الثاني «أبناؤنا في الخارج» لجميع الصفوف    وزير الاتصالات يغادر إلى طوكيو للمشاركة في فعاليات مؤتمر "سوشي تك"    «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» يشارك في معرض أبو ظبي للكتاب    البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب 75 مليار جنيه وسعر الفائدة يصل إلي 26.62%    منتدى الأعمال العُماني الروسي يوقع اتفاقيات تعزيز فرص التعاون التجاري والاستثماري    وزير التعليم العالي يُكرّم سامح حسين: الفن الهادف يصنع جيلًا واعيًا    وزير الخارجية يشارك في افتتاح المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    مؤتمر إنزاجي: لاوتارو لم يتدرب مع الفريق.. وأخطاء الذهاب كلفتنا 3 أهداف    مصدر من اتحاد الكرة يكشف ل في الجول موقف الأهلي من قيد صفقاته قبل مونديال الأندية    أشرف نصار: اسم طارق مصطفى ارتبط بالزمالك منذ تواجده في البنك.. ومعنديش لاعب استخرج تأشيرة أمريكا    تطورات مفاوضات الزمالك لضم المغربي كريم البركاوي    رئيس الاتحاد الدولي للترايثلون: مصر تستحق تنظيم دورة الألعاب الأولمبية    فريق ملاكمة الناشئين بأسيوط يحصد فضيتين وبرونزيتين في بطولة الجمهورية بالإسكندرية    مستشفى قنا العام تنجح في تنفيذ قسطرة مخية لمسنة    وزير الأوقاف: نصطف خلف رمزنا الجليل فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    كأنه هو، أحد تلاميذ الطبلاوي يحاكيه في ذكرى رحيله الخامسة بمدفنه (فيديو وصور)    أفضل الخروجات لموعد غرامي.. هذه الأبراج تفضل الأماكن المفتوحة    الشارقة القرائي للطفل يشهد تكريم الفائزين في مسابقة فارس الشعر 2025    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    شام الذهبي: الغُناء بالنسبة لي طاقة وليس احتراف أو توجه مهني    مدير التأمين الصحي بالقليوبية توجه بالمتابعة وتطبيق المعايير بشكل صحيح لتحسين بيئة العمل    محافظ الجيزة يوجه بصيانة مصعد فرع التأمين الصحي ب6 أكتوبر    الإغاثة الطبية بغزة: وفاة 57 طفلا نتيجة سوء التغذية والجوع فى القطاع    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    ترامب يرسل منظومتي باتريوت لأوكرانيا.. ونيويورك تايمز: أحدهما من إسرائيل    رئيس الوزراء يتابع خطوات تيسير إجراءات دخول السائحين بالمطارات والمنافذ المختلفة    كارول سماحة تقيم عزاء ثانيا لزوجها وليد مصطفى فى لبنان الخميس المقبل    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    إحالة المتهم بالتعدى على الطفلة مريم بشبين القناطر للجنايات    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع -صور    مدرب نيوكاسل: لن ننتظر الهدايا في صراع التأهل لدوري الأبطال    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    فيديو.. ترامب يكشف عن نيته بناء قاعة رقص عالمية في البيت الأبيض    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    «الصحة» تنظم دورات تدريبية للتعامل مع التغييرات المناخية وعلاج الدرن    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    الكرملين: بوتين لا يخطط لزيارة الشرق الأوسط في منتصف مايو    "دينية النواب" تناقش تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    مروراً بالمحافظات.. جدول مواعيد قطارات الإسكندرية - القاهرة اليوم الاثنين 5 مايو 2025    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    بكام الشعير والأبيض؟.. أسعار الأرز اليوم الإثنين 5 مايو 2025 في أسواق الشرقية    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحزبية والرئاسة.. ومطلب دعاة السياسة
نشر في شباب مصر يوم 20 - 04 - 2014

أما أن تكون تعلم، وأما أن ينتظر المرء حتى يتعلم، وإلا فالأحرى بكل ذي جهل ألا يتكلم بشأن- كالسياسة مثلا- وهو الابعد من فكرها وأصولها وتجاربها.. أو أن يسدي النصح للديمقراطية وهو أكثر الناس اغترابا عن ممارساتها.. أو أن يتحدث عن مستقبل العمل الوطني في وقت لا يكاد الحاضر يحفظ له أثرا يذكر تستدل به الجماهير على إخلاص الرأي وصدق النية.
فربما بلغ حجم الإفلاس السياسي عند بعض الأخوة في المعارضة قدرا لا يمكنهم من التمييز بين أبسط مفردات السياسة وبين تعريفاتها ومدلولاتها الفكرية.. فأمسى العمل الحزبي عند رئيس الدائرة السياسية للإصلاح طريقا غير مشروع للوصول إلى رئاسة الدولة.. وعلى الرئيس الذي توصله جماهيره إلى دفة الحكم أن يكفر بتلك الجماهير، ويعلن على الملأ براءته من الانتماء إليها.
فالديمقراطية في شرع بعض الأحزاب تحرم الانتماء السياسي على الرؤساء، بحجة أن ذلك الانتماء سيؤدي إلى ( الخلط بين الدولة والحزب).. وعليه فإن ( الأحزاب العقيمة)- أي التي لا تنجب رؤساء دول يضع تصورا فلسفيا فريدا التجاوز ظاهرة ( الخلط) طبعا الخلط بين الحزب والدولة وليست ( خلطة الحريو) ترى: ( إذا لم يكن من طريقة لإزالة الخلط ألا استقلالية الرئيس عن العمل الحزبي.. فإن مثل هذا الطلب يغدو أمراً ملحاً)
ومع أنني لا ألوم زملائي المحللين السياسيين في العزوف عن الرد- سواء كانوا في الحزب الحاكم أم المعارضة الشريفة الصادقة – لأن دوافع الدائرة السياسية لبعض الأحزاب لمثل هذا المطلب والطرح لا تستحق جهد الخوض فيها.. إلا إن هناك الكثير مما كان ينبغي قوله وتحليله للرد على ( نظرية الأحزاب العقيمة) التي تسوقها اليوم الدائرة السياسية لبعض ضالأحزاب من مخططاتها الجديدة لنسف التجربة الديمقراطية فكريا بعد أن حاولت كثيرا فيما مضى على الصعيد العملي.. وهو الأمر الذي كان يملي على السياسيين والمثقفين في بلادنا التصدي لمثل هذا الطرح الخطير وما قد يترتب على الترويج له أو لمثله من تحريف للفكر السياسي الديمقراطي المتعارف عليه سواء في بلادنا أم غيرها من بلدان العالم، وما يراد به من تضليل لا بناء شعبنا لإقصائهم عن دورهم وطموحاتهم.. وعليه رأينا أن نضع الأخوة في الأحزاب وكل دعاة نظرية ( الأحزاب العقيمة) أمام الحقائق التالية:-
أولا: أن الديمقراطية تعني حكم الشعب لنفسه بنفسه، لكن لم يكن با لامكان بلوغ هذا الهدف بغير خيارات التعددية الحزبية التي يمكن تعريفها بأنها وسيلة لتمكين الجماهير من ممارسة العمل السياسي وإنماء كوادر وطنية مؤهلة لقيادة شئون الدولة وفقا لمعيار المفاضلة بين النخب السياسية عبر صناديق الاقتراع التي يشترك فيها جميع أبناء الشعب.
وعلى هذا الأساس سيكون رأي الأغلبية من أبناء الشعب هو الفيصل في تقرير صيغ الحكم وآلياته وبرامجه من خلال تصويتها لبرامج النخبة التي تمثل أو تكون الأقرب إلى تطلعاتها وأمانيها المستقبلية وهكذا يصبح من الحقوق الشرعية لهذه الأغلبية الشعبية أن تختار رموزها الحكومية وتختار أيضا الرجل المناسب لرئاسة الدولة ممن تثق في إخلاصه وولائه ومهاراته السياسية في ادارة شئون السلطة وتحقيق البرامج التي كانت سببا في كينونة الأغلبية الشعبية والتفافها حول هذا الحزب أو التنظيم خلافا للقوى السياسية الأخرى.
وبهذا يكون وصول فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح إلى الحكم بمثابة تمثيل شرعي لإرادة الأغلبية الشعبية، وهو ملزم دستوريا بالعمل وفقا لبرامجها الوطنية ورؤاها التي تتقدم بها عبر المجلس النيابي أو الخطط التي يقرها مجلس الوزراء.
ثانيا: بناءً على ما سبق من تصورات لدور الديمقراطية في تحديد المعالم العامة لسياسة الدولة فإن الأمر يبدو مستهجنا للغاية وغريبا أن نطالب بقيادة سياسية لا تحترم إرادة الأغلبية بعد أن منحتها الثقة لتبؤ المركز القيادي الأول في الدولة.. ومن جهة أخرى- ألا يعتقد أن أى رئيس فى ظل الديمقراطية أو غيابها هو مواطن مصرى وحاصل على جميع شروط المواطنة ومن حقه قانونا وشرعا أن يتمتع بكل حقوق المواطنة الممنوحة لغيره من أبناء الشعب المصرى - بما فيها الانتماء لحزب أو تنظيم أو حركه، وحق الترشيح، وحق الانتخاب..!؟ فأنني لا أتذكر أن في دستور دولتنا أو شريعة إسلامنا ما يسقط حقوق المواطنة من الفرد إذا ما تولى رئاسة .. وأعتقد أن أي مناقشة لمسألة الانتماء الحزبي لشخص الرئيس يعد تطاولا على حريات الآخرين ولا يليق بمن يكون في موضع رئيس دائرة سياسية لحزب التعرض له في وقت يفترض منه أن يكون الأعرف من الآخرين بالحقوق السياسية للفرد.
ثالثا: الأمر الآخر الذي كان ينبغي على قيادة الإحزاب معرفته هو أن رئيس الدولة السابق باليمن صالح مثلا يعتبر مؤسس الحزب المؤتمر ورئيسه من قبل أن تنتقل اليمن إلى التعددية الحزبية, وليس من قوة سياسية وطنية إلا وتعترف بأن الحزب المؤتمر كان خيارا جماهيريا موفقا لتحقيق الوحدة والديمقراطية، وكما أختار البعض في ظل التعددية الاستقلال بكياناتهم الحزبية أختار الرئيس السابق صالح البقاء في الخندق الأول الذي تنامت في كنفه ممارسات العمل السياسي والتجارب الديمقراطية لجميع القوى.
فبات من حقه أن ينافس ويعمل من خلال تنظيمه السياسي المؤتمر الشعبي العام كما هو الحال في بقية دول العالم ذات الخيارات الديمقراطية..
وعليه فإننا نتساءل يا ترى ماذا لو آلت أمور الرئاسة في يوم ما إلى شخصية تنتمى لحزب أغلبيه أخر، فهل سيطالب الإحزاب باستقالتها من الحزب أيضا؟ وماذا لو كان الرئيس شخصية حزبية فهل سيكون من حق الأحزاب الأخرى مطالبته بالاستقالة من حزبه ونبذ أفكاره؟ خاصة إن كان هو مؤسس للحزب ؟
رابعا: يبدو جليا أن الدائرة السياسية بعض الأحزب تحاول إسقاط فلسفتها الخاصة للحزبية على الساحة الوطنية بأكملها.. فمن خلال السلوك الأخير نفهم أن قيادة الإحزاب العقيمة تنظر للحزبية على أنها مجرد كيان مادي مجرد لا يتعدى امتلاك بطاقة العضوية و إطلاق اللحى وليست مسألة تبني لأفكار محددة وبرامج معينة وأسلوب خاص في العمل السياسي.. ولو أدركت تلك الأحزاب بأن الحزبية هي انتماء فكري سياسي فلا أظن أنها كانت ستطالب من أحد التخلي عن مبادئه وأفكاره.. وهذا التفسير هو سلوانا الوحيدة التي نلتمس بها العذر للدائرة السياسية للأحزاب العقيمة ، وهو ما كان أيضا يؤكده حزبيون في كل تقلباتهم وعدم استقرارهم الفكري السياسي وحتى تقلباتهم في أحكام الدين التي تكفر حزب اليوم وتحالفه غدا كصديق حميم وتنقله من أوصاف الجحيم إلى وصف ( الطواويس) العائدة لأحضان الوطن- على حد تعبير الدائرة السياسية للإصلاح .. وهو ما يؤكد أن العمل السياسي عند الإحزاب العقيمة لا يرتكز إلى أي مبادئ أو ثوابت بقدر ما هو محض اجتهادات موسمية تتربص الفرص وتراهن على مهارة انتهازها لظروفها.
خامسا: أن من يراجع أوراق عهد مبارك لابد وأن تذهله مهارته السياسية في الكيفية التي يوازن بها وجود القوى السياسية على الساحة الوطنية، ويحرص من خلالها على إشراك الجميع في مسيرة البناء والنهوض التنموي عبر الخيارات الديمقراطية المتاحة بنفس القدر للكل.. فليس هناك ما هو أدل على ذلك من الصيغة التي تشكلت بها لجنة الحوار الوطني، ثم في المرونة والشفافية التي كان يتعامل بها مع مختلف الأزمات الداخلية، وفي مقدمتها حرب الانفصال.
الرئيس الأسبق ظل يحرص دائما على ألا يحرم الوطن من أي جهد قد يأتي من بعض أبنائه فكان أن غلب عفوه على عقابه أو سطوته.. وربما بمقدورنا أن نتذكر دائما أن الحوار كان هو اللغة التي سنها الرئيس الأسبق للجميع بين القوى الوطنية المختلفة وحماية وحدة صفها، وهو الأمر الذي لمسناه في عدد هائل من محاضر اللقاءات والتنسيقات بين الوطنى وأحزاب المعارضة سواء فيما يخص الانتخابات أو غيرها من شئون السياسة. ومن المؤكد أن مثل تلك الصيغ لا يمكن أن تكون إحدى صفات الأنظمة الشمولية التي تشغل رأس قيادات الإصلاح هذه الأيام.
سادسا: بلاشك أن عجز الإحزاب عن بلوغ شعبية الحزب الوطنى ، وخوفه من مواصلة الانتكاس في ساحة العمل الوطني هو من دفع بالدائرة السياسية للإحزاب إلى تجاوز مفاهيم العمل السياسي الديمقراطي والخلط بين المطلب السياسي الديمقراطي المشروع وبين صفقات الابتزاز السياسي من خلف ظهر الديمقراطية على غرار ما يحدث عن بعض الأنظمة ممن يدعون الديمقراطية.
وعلى كل حال فإن مطلب الأحزاب العقيمة - والذي وصفته ب (أمرا ملحا) ليس بالأمر المستحيل إذا ما وافقت جميع الأحزاب والتنظيمات على القبول بتوقيع صيغة اتفاق يتعهد بها الجميع بالتحول إلى صيغة ( الأحزاب العقيمة) التي تلزم كل من يترشح للرئاسة بإعلان التبرئة من انتمائه الحزبي ونبذ كل أفكاره وعقائده.. فيتخلى الجميع عن ميثاقهم الوطني، ويتخلى القوميون عن شعاراتهم العروبية والوحدوية .. ويتخلى اليبراليون عن ال (…..) وبهذه الطريقة سنضمن عدم الخلط بين الحزب والدولة لأننا سنبني دولا بلا قيم ولامبادئ، فأحزابنا عقيمة لا تنجب رؤساء يحملون أفكارها أو برامجها.. فهذا هو مطلب ثلة من دعاة سياسة القرن الواحد والعشرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.