كل لحظة تجد في تاريخنا الذي نسطره بخيباتٍ لا نفارقها وتأبى هي بدورها أن تغادر مسيرة هذه الأمة، تخطّ ملحمة جديدة في وصف حالنا المتدهور، و تطرح تساؤلات ما لها من مجيب ، عن حقائق ملؤوا بها رؤوسنا مذ كنا صغارا ؟؟ متى كنا خير أمة أخرجت للناس ؟؟؟ إنه منطق اجتزاء النصوص، ذلك المنطق الذي حشوا به رؤوسنا وأصلوا من خلاله لنظرية اللاوعي واستباحة فكرنا الواهن ،تركونا حيارى لا ندري عن أي مجد نترنم وما كنا مدركين، غير أننا استمرأنا واقعا يحوي بين طياته الفشل المرير وإن كان ظاهره كبرياء زائف .. تركونا نظن بأنّا من صنع الحضارة وأن الغرب يقتات على فتات ما زهدنا فيه والواقع أن ثوب الحضارة ذاك كان قشرة ذابلة ، وثمرة خواء لا تصلح أن يُستقوى بها ولا أن تكون زاد للمسافر في رحلة الأمجاد الواقعية. تلك الخيرية التي نالتها امة الإسلام كانت إستحقاقًا عن مسببٍ واضحٍ جلي ، ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فأنى لهذه الخيرية أن تبقى لنا ونحن أبعد ما يكون عن المعروف ، أقرب ما يكون من المنكر . إن الأسس التي قامت عليها حضارة الإسلام وبها ازدهرت وآتت ثمارها اليانعة، ما لبثت وأن دخل عليها الصقيع فجمدها وافسد طعمها ولونها وطاقتها المحتواه. ولم يتوقف العلماء والباحثون عن البحث في سبل وعوامل بناء الامة، وفي هذا الصدد اتجه ابن خلدون الى أكثر إلى العوامل السياسية والاجتماعية والدينية لقيام الدول والمسؤولة عن قوتها وتلك المتسببة في ضعفها وانهيارها، وجدد من بعده مالك بن نبي بإعمال فكره ضمن منظور أوسع وبحث في سبل الارتقاء بهذه الأمة إلا أن سلاطيننا وعلماؤهم قد علمونا بأن أولئك ما هم إلا زمرة من التمنطقين فزندقوهم ،وادعوا أصولية ليسوا منها في شيء وصدقناهم فكذبنا أنفسنا. ما لبثنا و أن بحثنا في وهج الفكر المتجدد للإمام بن عبد الوهاب وازدرينا ما سواه ، وحين أطمأنوا لتسليمنا سارعوا بالانتقاء والاجتزاء من جديد ، غير أنّا لم ندرك المعنى الكامن وراء مسعاهم فانطلت علينا الحيلة وعشنا إمعات لمن قصروا الأمر على أهوائهم وأفهامهم القاصرة . من هنا بدأت حكاية العيشة المرّه واحتقار الذات في جدلية أخرى تجعلنا كثور الساقية المغمض العينين يسقي سواه ظنا منه أن لرحلته السرمدية نهاية قريبة. ويبقى السؤال الأكثر إلحاحًا هل نحن خير امة أخرجت للناس ؟؟؟ [email protected]