كل عمليات التسوية السياسية المزعومة بين الفلسطينيين و الاسرائيليين انتهت بكوارث على المستوى الفلسطيني ، فالمطالب الفلسطينية تراجعت من المطالبة بكل الارض المحتلة الى حدود 1967 ، ومن توقيف الاستيطان بشكل نهائي وتفكيك المستوطنات الى القبول بالوقف الجزئي ثم التفاوض مع استمرار الاستيطان في حالة المحادثات المباشرة في عام 2013 ، والآن هناك تسريبات خطيرة عن توقع الاسرائيليين ان الرئيس عباس قد يقدم تنازلات جديدة بخصوص الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية ، وهو منحى خطير اذ يعني فيما يعنيه نسف قضية عودة اللاجئين وتنظيف صورة دولة عنصرية بمنحها شرعية زائفة . كل المفاوضات السابقة انتهت الى ما انتهت عليه بسبب تعجل الفلسطينيين على تحقيق مكاسب وهمية ،والحكم الذاتي على القطاع والضفة كان من بينها اضافة الى تحرير الاسرى الذي وان كان ضروريا الا انه تم استعماله بصورة بديل عن حل القضايا الرئيسية العالقة ،وهو الامر الذي ما يزال مستمرا حتى اللحظة فهدف اسرائيل من استئناف المفاوضات الحصول على رصيد دولي جديد وتحسين صورتها بعد فشل سياسية السلام الاقتصادي وظهورها بمظهر متعنت غير متعاون ، لكنها ليست ملتزمة بإنجاح المفاوضات ولا تقديم تنازلات حقيقية للجانب الفلسطيني ولا تنفيذ القرارات الدولية ، ولا حتى توقيف اعتدائها المستمر على الفلسطينيين في غزة والضفة . عيوب هذه المفاوضات مثل غيرها لم تتغير فميزان القوى لم يتغير ومازال يرجح الى الجانب الاسرائيلي ،وحالة البيئة العربية الفوضوية تمنع من توفر دعم او غطاء سياسي او دبلوماسي للفلسطينيين ، اذن لم يبق الا الضغط الاوروبي والامريكي الذي هو اساسا منحاز بشكل فاضح للإسرائيليين ، كما ان حالة الانقسام ورفض الفصائل للمفاوضات اضعف موقف عباس كثيرا ، ماعدا الدعم الاخير الذي جاء من طرف حماس التي اثنت عدم استجابته للضغوط الاسرائيلية الامريكية لتسجيل تنازلات جديدة ، ومن ضمن الامور التي ينبغى معالجتها ايضا هي المعايير الامريكية التفاوضية التي لا تعد مقبولة مطلقا في أي مفاوضات سليمة لكنها تصر على تسويقها في كل مرة على حساب الفلسطينيين . اضافة الى انه لم يتفق الطرفين _حتى الان _ على المبادئ العامة او الاطار الذي يجب ان يحكم هذه المفاوضات ومخرجاتها ، هذه المنظومة المعيبة جعلت مهمة الفلسطينيين مستحيلة فهم مطالبين بتقديم المزيد من التنازلات فقط لأنهم الطرف الضعيف ، حتى وان كانت قضيتهم عادلة ، والمصيبة ان هذه التنازلات تتحول الى اتفاق مرجعي سيحكم مصير أي اتفاق قادم ، فكومة الاخطاء التي ارتكبها الفلسطينيون في المحادثات والمفاوضات السابقة لا يمكن التخلص منها او تعديلها . ربما من الاسلم ان ينسحب وفد المفاوضات الفلسطينية محتجا على الظروف المجحفة التي تتم عليها المفاوضات بدل التورط في اتفاق جديد لا يحقق أي شيء للفلسطينيين بل من الممكن انه سيسيء الى قضيتهم والى حقوقهم التاريخية .