بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    إدارة الطوارئ الأمريكية: انقطاع كبير للتيار الكهربائى فى سان فرانسيسكو    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    سبرتاية مشتعلة تسفر عن حريق بشقة وإصابة 3 أطفال بالطالبية    أمن الجيزة يضبط المتهم بالاعتداء على طفلة في كرداسة    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    محمد صبحي: فيلم «الست» عبقري ورائع وصناعه عظماء قدموا عملا يكرم أم كلثوم.. وهذا سبب اعتراضي    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    رئيس صندوق التنمية الحضرية: حولنا حدائق الفسطاط من مقلب قمامة إلى أبرز معالم الشرق الأوسط    نجوم هوليوود يتخلون عن الرومانسية: هل فقدت الشاشة السحر؟    إخلاء سبيل إبراهيم سعيد بعد سداد نفقة المصروفات الدراسية لابنتيه    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    تأجيل محاكمة عصام صاصا وآخرين بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي بالمعادي    النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركزي إصلاح وتأهيل وادي النطرون و«أبي زعبل 1»    مصرع شاب بالقليوبية أثناء اللعب بسلاح شقيقه الضابط    مطارات مصر بين الخصخصة والأمن القومي.. لماذا يندفع ساويرس نحو السيطرة على البوابات السيادية؟    خلاف علني بين رئيسي البرازيل والأرجنتين بسبب حصار فنزويلا    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    فيديو جراف| بشرى سارة.. مترو الأنفاق سيصل هذه المناطق قريبًا    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    وزير البترول: مليار قدم مكعب حجم الغاز القادم من إسرائيل عبر الأنابيب.. فيديو    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    وزير الطيران:إجمالي عدد الركاب بكافة المطارات المصرية 60 مليون راكب بنهاية العام الجاري    الاحتلال يتوغل في ريف القنيطرة الشمالي بسوريا    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    إيمي سمير غانم: كنت بقفل بالمفتاح على أبويا وأمي وقت كورونا    تامر حسنى يشكر راعى مصر فى ختام حفل عابدين    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    أميرة الإيقاع نسمة عبد العزيز تشعل مسرح أوبرا الإسكندرية بحفل فني مميز    «كتاب جدة» يقرأ ملامح الفنون السعودية المعاصرة    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    اتحاد الكرة: حسام حسن وعدنا بلقب أمم إفريقيا.. وفينجر رشح مدير فني لتعيينه    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    محمد صبحي: المقاومة الفلسطينية لن تموت.. والمعركة على الوجود الفلسطيني كاملا    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    «المنشاوي» يستقبل أسامة الأزهري وزير الأوقاف بجامعة أسيوط    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان المسلمون ميراث مكبّل في واقع سياسي جديد
نشر في شباب مصر يوم 20 - 03 - 2011

يجرى اليوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مصر وسط حالة غير مسبوقة من الاهتمام الشعبي، والأهم من ذلك الاصطفاف السياسي الواضح. ولا مشكلة تماما في الاصطفاف السياسي في ذاته، طالما أنه نابع عن قناعة شخصية. ولا مشكلة أيضا في أن تمارس القوى السياسية المختلفة الدعاية والإقناع لكي تعبئ الجماهير في صفها أو في صف الخيار السياسي الذي تتبناه. لكن المشكلة، كل المشكلة، تكمن في استخدام أساليب غير ديمقراطية في تعبئة المواطنين لهذا الاختيار السياسي أو ذاك، كما تفعل جماعة الإخوان المسلمين هذه الأيام للتأثير على رأي الناخبين للموافقة على التعديلات.
أول هذه الأساليب غير الديمقراطية، والذي يعتبر من ميراث عهد الاستبداد، يتمثل في تخوين الآخرين ورميهم بالخيانة أو العمالة أو تنفيذ أجندات أجنبية. أقصى ما وصلت إليه القوى السياسية غير الإخوانية في وصف موقف الإخوان المسلمين هو أن الإخوان يتملقون المجلس العسكري بصفته الحاكم الحالي لمصر، أو أنهم يستعجلون إجراء الانتخابات قبل أن تستعد القوى الأخرى لكي يضمنوا أكبر عدد من المقاعد، أو حتى أنهم يفرطون في دم الشهداء بموافقتهم على التعديلات الدستورية ودفعهم في اتجاه الموافقة عليها. لكن الإخوان، في المقابل، استخدموا خطاب النظام البائد في تخوين خصومه ومنافسيه، حيث خوّنوا الطرف الرافض للاستفتاء والتعديلات ووصفوه- كما جاء على لسان القيادي الإخواني عصام العريان- بأنه ينفذ أجندة أمريكية. وهكذا بعد أن كان الإخوان هدفا لهذا الخطاب التخويني على مدى عقود، أصبحوا هم يمارسونه، دون استحياء، في حق الآخرين.
من المفترض أن تنتهي عمليات الدعاية وتعبئة الناخبين قبل يوم الانتخابات أو الاستفتاء لتجنب استخدام أي شكل من أشكال القهر، سواء كان معنويا أو ماديا أو ماليا. فللقوى السياسية أن تحاول قدر استطاعتها أن تعبئ المواطنين لحسابها قبل يوم الانتخابات دون قهر أو استخدام للقوة أيا كان شكلها. لكن في مخالفة صريحة لهذا المبدأ، وإعمالا لثقافتهم وممارساتهم الانتخابية المعهودة والمتوارثة، لجأ الإخوان لاستخدام الدين، فضلا عن الممارسات المتخلفة التي لم تعرف إلا عنهم وعن حليفهم الحالي في هذا الاستفتاء: الحزب الوطني.
ففي يوم الاستفتاء أخذ الإخوان يوفرون الأتوبيسات والسيارات لنقل الناخبين من الأحياء والبيوت إلى مقار لجان الاستفتاء. ولو اقتصر الأمر على ذلك لوقفنا للإخوان احتراما لأنهم ييسرون على الناس الوصول على مقار لجان الاستفتاء، بما يعنيه ذلك من دعم للمشاركة الانتخابية. لكن أن يقوم الإخوان بذلك من أجل ترجيح خيار واحد- هو في حالة الاستفتاء الحالي الموافقة على التعديلات- فإن ذلك يعتبر شكلا من القهر في حق المواطنين من جانب، وتجاوزا على حق أصحاب الرأي المخالف من ناحية أخرى. وقد كان حري بالإخوان أن ينأووا بأنفسهم عن ممارسات الحزب الوطني، لكن كيف وهم يتحالفون معه في الاستفتاء الحالي؟ وكيف وهم كانوا ينافسون الحزب الوطني في استخدام هذه الممارسات من جانب آخر؟
لم يقف الإخوان عند حد القهر المادي، متمثلا في جمع "قطعان الناخبين" في السيارات والأتوبيسات، بل تعدوه- كعادتهم- إلى استخدام الدين في تعبئة المواطنين في صف خياراتهم. ونظرا لأن الاستفتاء لا يفاضل بين أشخاص أو سياسات أو برامج سياسية، فلم يستخدم الإخوان شعارهم الخادع "الإسلام هو الحل"، وإنما استخدموا كذبة فاضحة مؤداها أن الموافقة على هذه التعديلات تعني الإبقاء على المادة الثانية من الدستور المتعلقة بدين الدولة. وكأن رفض التعديلات، طلبا لدستور ديمقراطي جديد تماما يعني بالضرورة عدم اشتماله على هذه المادة! وكأن الطرف الرافض للتعديات لأنه يطلب دستورا ديمقراطيا جديدا الآن وليس غدا يرفض التعديلات رفضا لوجود المادة الثانية!
وهذه الأخيرة- التشويش على الخصوم والمنافسين وخلط الأوراق- أحد وسائل الإخوان الدائمة في الانتصار على منافسيهم. فبدلا من تفنيد رأي الرافضين للتعديلات والاستفتاء من أصله والرد عليها كما يطرحها هؤلاء الرافضين، تجدهم يقوّلون الرافضين أقوالا لم يقولوها ويضعوهم في مواقف لم يختاروها. فتجدهم يحولون المسألة إلى الإبقاء على المادة الثانية من الدستور المعطل، وكأن هدف الرافضين للتعديلات هو حذف هذه المادة. وهذا التلبيس والتشويش وخلط الأوراق يفيد كثيرا مع شعب متدين ولا يجرؤ على أن "يرفع عينه" فيمن يتلفظ بكلمة "الله" أو "الإسلام".
كل ذلك في استفتاء على تعديلات دستورية لن يضير الإخوان كثيرا أن يرفضها الشعب. فتأخير الانتخابات البرلمانية والرئاسية بضعة أشهر إذا رفض الشعب التعديلات وتطلب الأمر وضع دستور جديد قبلها لن يؤخر الإخوان كثيرا على سلم القوى والأحزاب السياسية المصرية. وإذا كانت الحال كذلك، فماذا سيفعل الإخوان في انتخابات برلمانية أو رئاسية ينافسون فيها غيرهم؟ لا شك عندي أنهم سيستخدمون أساليبهم القديمة كلها، بما فيها من قهر مادي ومعنوي، التي تتجاوز استخدام الدين والشعارات الدينية إلى استخدام البلطجة والعنف السافر.
يفترض أننا على مشارف مرحلة جديدة، تحتاج قبل كل شيء إلى ثقافة سياسية جديدة، ثقافة تقبل الاختلاف والرأي الآخر ولا تأخذ المنافسة في الانتخابات باعتبارها "حرب وجود"، ثقافة تنأى عن استخدام القهر مع الناخبين، وعلى رأسه استخدام الدين والشعارات الدينية، ثقافة لا تخوّن الآخر أو تخرجه من الملة والدين، وقبل كل شيء ثقافة تحترم المواطن وعقله وخياراته، فتفرق بين الدعاية والقهر.
لكن هل ينبئ الاستفتاء الحالي عن وجود هذه الثقافة؟ لا شك أن هذه الثقافة تتبلور حاليا، ولولاها لما قامت ثورة 25 يناير ولا نجحت، لكن العقبة تكمن في القوى القديمة، وعلى رأسها الإخوان المسلمين، التي تأتي من الماضي الاستبدادي بممارساتها القديمة نفسها وعقليتها القديمة ذاتها. ولا شك أنها تمثل التحدي الرئيس لبناء مصر الجديدة: مصر الديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.