«الأعلى للثقافة» يوصي بإنشاء «مجلس قومي للوعي بالقانون»    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    وزيرة التخطيط تشارك في فعاليات النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي «Africa Health ExCon»    بعد 16 عامًا من الانتظار..توجيهات عاجلة من محافظ الأقصر بتسليم مشروع الإسكان الاجتماعي بالطود    محافظ الجيزة: مشروعات حيوية لرفع كفاءة البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات    اعتماد الحدود الإدارية النهائية للمنيا مع المحافظات المجاورة    تعاون بين «التموين» و«القطاع الخاص» لتحديث المنافذ وتحسين سلاسل الإمداد    الواشنطن بوست : الجدل يتصاعد في الكونجرس حول تقييم الضربة الأمريكية للمنشآت النووية الإيرانية    بريطانيا تدرس الانضمام إلى اتفاق جمركى أوروبى لتسهيل سلاسل الإمداد الدولية    زخاروفا: نأمل استمرار وتطور التعاون بين روسيا وإيران في مختلف المجالات    وزير الخارجية ونظيره البولندي يعربان عن تطلعهما لترفيع مستوى العلاقات بين البلدين    روسيا وأوكرانيا تجريان مرحلة جديدة من تبادل الأسرى اليوم    فيفبرو يطالب فيفا بإعادة النظر فى مواعيد مباريات كأس العالم الأندية    صدمة للهلال قبل مواجهة باتشوكا    رونالدو عن تجديد عقده مع النصر: نبدأ فصلا جديدا    بث مباشر الآن مباراة مصر ضد البرتغال في بطولة العالم لشباب كرة اليد    ارتفاع الحمولة.. اندلاع حريق بسيارة محمل بالكتان في الغربية    الباركود كشفها.. التحقيق مع طالبة ثانوية عامة بالأقصر بعد تسريبها امتحان الفيزياء    أم تنهي حياة صغيرها بحبل غسيل في العمرانية وتتخلص من حياتها قفزًا في النيل (قصة كاملة)    ارتفاع شديد في درجات الحرارة.. طقس المنيا ومحافظات شمال الصعيد غدًا الجمعة 27 يونيو    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا تجارة الدولار» خلال 24 ساعة    «الحكاية مصر».. المركز القومي للمسرح ينظم احتفالية حكي غنائي في ذكرى 30 يونيو    ب «حلق» ونظارة شمسية.. عمرو دياب يثير الجدل ببوستر «ابتدينا» ولوك جريء    «الحظ يحالفك».. توقعات برج القوس في الأسبوع الأخير من يونيو 2025    خلال مؤتمر «صحة أفريقيا».. إطلاق أول تطبيق ذكي إقليميًا ودوليًا لتحديد أولويات التجهيزات الطبية بالمستشفيات    فحص 829 مترددا خلال قافلة طبية مجانية بقرية التحرير في المنيا    حلقة نقاشية حول تكامل الرعاية الصحية والتعليم في «Africa Health ExCon 2025»    ميرتس: الاتحاد الأوروبي يواجه أسابيع وأشهر حاسمة مع اقتراب الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية    وفد من مجلس كنائس الشرق الأوسط يعزي بشهداء كنيسة مار الياس في الدويلعة    بلاغة الكتابة السوداء المخيلة .. الرغبة .. المصادرة.. السلطة    شاهد.. أرتفاع إيرادات فيلم "ريستارت" أمس    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    أمانة العمال المركزية ب"مستقبل وطن" تختتم البرنامج التدريبي الأول حول "إدارة الحملات الانتخابية"    الخارجية الفلسطينية: عجز المجتمع الدولي عن وقف "حرب الإبادة" في قطاع غزة غير مبرر    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    أفضل وصفات العصائر الطبيعية المنعشة لفصل الصيف    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    وزير الري يتابع إجراءات رقمنة أعمال قطاع المياه الجوفية وتسهيل إجراءات إصدار التراخيص    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    عصمت يبحث إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة والأنظمة الكهربائية في مصر    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    جوارديولا يكشف تفاصيل إصابة لاعب مانشستر سيتي قبل مواجهة يوفنتوس في مونديال الأندية    انتصار السيسي تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجري الجديد    جهات التحقيق تأمر بتفريغ الكاميرات فى اتهام مها الصغير أحمد السقا بالتعدى عليها    ب 4 ملايين دولار، محمد رمضان يكشف عن سبب رفضه عرضا خياليا للعودة إلى الدراما (فيديو)    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    زيادة جديدة فى المعاشات بنسبة 15% بدءًا من يوليو 2025.. الفئات المستفيدة    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    سحب 897 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    إخلاء محيط لجان الثانوية العامة بالطالبية من أولياء الأمور قبل بدء امتحاني الفيزياء والتاريخ    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السوده و الكوده..؟!
نشر في شباب مصر يوم 27 - 01 - 2014

أصبح السباب ظاهرة تستدعى الدراسة لانتشارها فى أوساط عديدة من خلال حوار لا أخلاقى فتكون مصاحبة للشجار الذى تجده فى الشارع أو على صفحات الجرائد والمجلات وفى الأفلام الساقطة ، وهى فى جملتها الأماكن التى يكثر فيها الصدام لتضارب المصالح الشخصية ولإثبات الذات بأى وسيلة حتى وإن كان بحوار غير حضارى يتميز بالعنف ويخرج عن حدود الأدب كما لو كانت الكراهية قد أصبحت هى التى تحكم علاقات البشر! وربما كان للتحول الرهيب فى المجتمع وانقلاب الموازين والتغير الذى طرأ على طبقات المجتمع له الأثر الفعال فى افتقارالإنسان إلى المنطق والحجة فيلجأ إلى الصوت العالى وعنف الحوار وغليظ الألفاظ حتى أن بعض الشباب الذى كان يستخدم التعبير "يا ابن الإيه" ليبدى إعجابه بمن قام بإنجاز فوق حدود إمكاناته أصبح يهتف "يا ابن المجنونة" ليبدى دهشته وإعجابه! ، ولو كان يعلم أن هذه ال"إيه" فى اللغة المصرية القديمة تعنى البقرة أو العجل ربما استخدم التعبير الأول!..
إن كل شعب من شعوب الأرض له طريقته فى التعبير عن سخريته من الآخرين أو عدم رضاه عن المواقف الغير مريحة فنجد فى الأفلام الناطقة باللغة الإنجليزية كلمة سوقية تلوك بها بعض الألسنة لكنها كلمة وحيدة يرددها أبطال العمل الدرامى عندما يتبادلون العراك الذى يتخلله السباب لكن هذه الكلمة المشينة يتم تبادلها فقط بين الشخصين المعنيين بالحوار السليط ولايتجاوزهما إلى الأب أوالأم أو شجرة العائلة!.. أما بعض الشعوب فى منطقتنا الشرق أوسطية الناطقة بالعربية فالحوار يأخذ شكلا مختلفا عند التراشق بالكلمات فى حالة الشجار وعدم فض الإشتباك ليتجاوز كلمات عهد الجاهلية مثل "خسئت" و"بئس أنت" و"تبا لك" و"ثكلتك أمك" فقد تم تطوير هذه الآليات من خلال قاموس طويل يضم بين كفتيه قائمة من الشتائم ذات المستوى الرفيع يتبادلها المتشاجران ليس فى شخصيهما فقط بل يتعداهما إلى الأب والأم حتى يمتد لسابع جد رغم أن المشكلة بينهما لاتخص أحدا من أفراد العائلة الكريمة حيث يبدأ السباب مباشرة دون مقدمات ب"يا إبن..." ثم يضع فى الفراغ مكان النقط ما يشاء من أسماء الحيوانات الأليفة وغير الأليفة!.. وكما أصاب التطور كل أمور الحياة لم يبخل التطور أيضا من صقل الشتائم والسباب وإعطائها النكهة الحريفة فإذا ما تم تسخين الموقف من قبل المتفرجين بلغة الشباب "إديها جاز" فينتقل الحوار على الفور إلى درجة أكثر سوقية فيجتاز كل الخطوط الحمراء حيث يتم الإنزلاق السريع من أسماء الحيوانات وصفاتها إلى مصطلحات العاهرات ومعلقات حوائط دورات المياه العامة!.. والأغرب من ذلك تجد أحد الخصمين بعد أن يكيل لخصمه نقاوة البذاءة ينفجر فيه قائلا "لولا أدبى وتربيتى كنت وريتك!".. وإذا انتقلنا إلى القاموس المؤنث نجد أن مصطلحاته تتوقف على المستوى الإجتماعى فأحياء الناس الأكابر تفتقر إلى سيمفونيات الهجاء الرخيص وأقصى ما يمكن أن تلاحظه هو استياء إحداهن من تحرش أحد الشباب فتنفجر فيه قائلة "يا إنْتَ"! وبهذه ال"يا إنت" تشعر هى براحة كأنها أزاحت عن صدرها هما ثقيلا لأنها وصفت غريمها بأنه مجرد نكرة!.. وإن احتاج الموقف لشئ من التجاوز والتخلى عن التربية السامية فلا أكثر من كلمة "بيئة" أى أن الخصم ينتمى إلى بيئة أدنى.. فعلا الباشا باشا سيبك انت!.. حتى السباب له مستويات!.. وكل إناء ينضح بما فيه!.. أما إذا انتقلت إلى واحد من الأحياء الشعبية من أهل "القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود" أو ما يطلق عليهم التعبير العصرى "محدودى الدخل" فتجد الواحدة منهن تكيل للأخرى ما لذ وطاب من كلمات منتقاة لاأدرى كيف تم طبخها كأن تقول إحداهن لغريمتها "يا سوده يا كوده يا قرن الخروب" فتنعت غريمتها بسواد البشرة مثل قرن الخروب أما "كوده" هذه فلم ترد معناها فى معاجم السباب فربما تقال لاكتمال الوزن والتفعيلة والقافية!.. أما الخصم فترد على غريمتها بأسوأ منها قائلة "يا إبرة مصدية.. يا حبل المعدية"!.. وهذا التشبيه لايخلو من مكر وسوء نية فالإبرة المصدية كناية عن القدم وعدم الصلاحية أما حبل المعدية فمن أجل أن تعايرها بقوامها النحيل المتماثل الخالى من علامات الأنوثة البارزة وأنها ليست "مربربة" بحسب مقاييس الزمن الذى مضى!.. فعلا البيئة لها الأثر الفعال فى صقل الشتائم فأصبح من السهل تحديد نوع البيئة من خلال كلمات السباب!.. ومما يبرهن على عراقة الشارع فى هذا المضمار أنه منذ ربع قرن صدر حكم قضائى ببراءة متهم بالقذف فى حق أستاذ جامعى قائلا له "يا إبن الكلب"! فاستطاع الأستاذ المحترم أن يتذكر قول الله سبحانه وتعالى "والكاظمين الغيظ" فكظم غيظه لكن ذاكرته خانته ولم يتذكر قول المولى عز وجل "والعافين عن الناس" فتمسك بحقه فى رفع الأمر إلى القضاء لكن القاضى سامحه الله لم ينصفه وحكم ببراءة الخصم إذ جاء فى حيثيات القضية أن مثل هذه الشتائم أصبحت منتشرة فى الشارع المصرى لذا لم تعد تخدش الحياء!!!.. ولو كان هذا القاضى قد حكم على المتهم بما يستحقه دفاعا عن المجتمع لكان ذلك كفيلا بتربية من استعصى تربيته على أهله.
والغريب أننا قديما قد أفردنا للهجاء مساحة لابأس بها وصنفنا الشعر فهذا للغزل وهذا للمدح وذاك للرثاء وآخر للهجاء وهكذا وضعنا شعر الهجاء محل تقدير واهتمام ، وهذه عينة:
ولا يُقًوًم ذيل الكلب لو صنعت***له قوالب ماس حفها ذهب
وهو ترجمة بلاغية للمثل الشعبى "عمر ديل الكلب ما ينعدل ولو علقوا فيه قالب"!
وكأن العرب قد بالغوا فى هذا المضمار حتى أن أحد الشعراء القدامى انزلق إلى الهجاء وهو فى حالة مدح قائلا:
أنت كالكلب فى حفاظك للود***وكالتيس فى قرع الخطوب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.