في الوقت الذي اختفت فيه أسماء كبيرة ورموز لامعة من دعاة وعلماء ومفكرين ومثقفين من ساحة ميدان التحرير بالقاهرة وظهرت فيه أسماء شباب ما كان لأحد في العالم أن يعرف عنهم أي شيء لولا ما خطته دماؤهم وعرق جباههم الطاهرة وقلوبهم الوثابة وطموحاتهم الرائعة على صفحات التاريخ المعاصر ، فكتبت أناملهم الشابة صفحات جديدة ومضيئة لحاضر ولتاريخ مستقبلي لأرض الكنانة وأهلها ، بل لكل العرب والمسلمين وللعالم كافة ، إنه والله تاريخ رأيناه و تابعناه لحظة بلحظة ، وقد قلت لأبنائي منذ التغيرات التي طرأت على أرض تونس الحبيبة وبعدها على الفور أحداث ميدان التحرير إنهم يعيشون كتابة تاريخ سيدرسه أبناؤهم وأحفادهم في المستقبل بإذن الله ، وقد عاشت أجيال سابقة علينا وعاش جيلنا تاريخ سابق وآخر لم نره ولم نعرفه سوى من خلال الكتب ، وليس من سمع كمن شاهد وعاش ، ومعايشة كتابة التاريخ متعة لا يعدلها سوى أن ترى الحق ينتصر والعدل يعلو والأمن يستتب وتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي 0 مصر العزيزة إن كانت أم الدنيا كما تردده ألسنتنا فهي قلب الأمة العربية والإسلامية ، وهي عقلها المفكر ، بل هي تيار الحياة الذي بقدر ما يكون قويا وفاعلا تكون مسيرة الحياة في كل أوصال الجسم العربي والإسلامي ، لأن المصريين كانوا منذ فجر التاريخ أمة علم وفكر وثقافة ، وهم بناة حضارة تحمل بين ثناياها كثيرا من الوعي والريادة ، وكما عرفناهم أساتذة لنا بين جدران مدارسنا منذ نعومة أظافرنا وحتى الجامعة ، عرفناهم عبر وسائل الثقافة والفكر والفن روادا وحملة تنوير سباقين ومؤثرين بعمق وبحب ، ولئن كانت السنوات الثلاثين الأخيرة بالنسبة للمصريين حرمتهم كثيرا من الريادة بل حتى لقمة العيش الكريمة ، فقد حرمنا نحن تلاميذهم المحبين لهم كثيرا من البصمات الجميلة في كل مجالات الحياة ، ولكن لعل الأيام القادمة تحمل كثيرا من الخير والأمن والأمان لأحبابي المصريين ولأبناء أمتهم العربية الذي عايشوهم ثورة ميدان التحرير في كل تفاصيلها ، لأن قلوبهم كانت تنبض بتناغم رائع وجميل مع نبضات أحبابهم المصريين ، عسى الله أن يحقق لنا جميعا كل ما نصبو إليه لأرض الكنانة وأهلها الشرفاء ومحبيهم من كل أنحاء الأرض فالخير الذي سيعم أرض مصر سيتردد صداه في كل زوايا الأرض بإذن الله 0