اتجهت الابصار مجددا الى الجزائر بعد انتشار اشاعة مرض الرئيس ومغادرته البلاد ، لتخرج تأكيدات من السلطات الجزائرية ان حالة الرئيس الصحية جيدة ومستقرة وسفره الى فرنسا كان بغرض اجراء فحوصات روتينية وقال البعض ان الرئيس ذهب لإحضار شهادة تفيد انه يصلح للترشح ولا مانع صحي لديه! الغريب ليس رغبة الرئيس في الترشح فقط بل دعم الشخصيات الحزبية والسياسية له في هذا الامر لأنه لا يوجد لديه بديل وانجازاته كثيرة وتاريخه لا تشوبه شائبة وهو الامر الذي يدل ضحالة فهم الطبقة السياسية الجزائرية للأوضاع الداخلية والظروف العربية ، فالجزائر تعيش في بيئة عربية قلقة ارتفعت فيها اصوات المطالبين بالتغيير ولم يصمد في وجه هذه الموجه الغاضبة احد ، حتى الجزائر حدثت فيها احتجاجات ساخطة حاولت السلطات افراغها من مضمونها السياسي واعتبرتها مجرد حركة مطلبيه عابرة تهدف لتحسين الاوضاع الاجتماعية وساعدها في ذلك البحبوحة المالية التي من خلالها تعودت شراء السلم الاجتماعي . تلك الاحتجاجات اوضحت للحظة ان الجزائر ليست محصنة بوجود رجل الاجماع المستحيل ، وانه يمكن ان تغمر الجزائر رياح التغيير دون سابق انذار نظرا للوضع المتردي خاصة فيما يتعلق بالفساد الذي يعد الرقم واحد ضمن قائمة التذمر الشعبية ، فان كان الجميع يشهد للرجل بأنه حقق معادلة سياسية صعبة بالمصالحة وإحلال الامن ، واستطاع ان يغير بعض الوجوه القديمة سيئة السمعة ويبعدها عن المشهد السياسي ، لكن الديمقراطية لم تتقدم بوجوده فالوزراء نفسهم لم يتغيروا إلا لشغل مناصب اخرى والشباب مهمش ونفس المشاكل مثل الجهوية ما تزال مستمرة . وبالنسبة لتلك الاجراءات الاصلاحية التي شملت عده مجالات مثل الانتخاب و الاحزاب والجمعيات والبلدية والولاية وترقية المرأة وقانون حالات التنافي مع العهدة البرلمانية وتعديل الدستور ، ان كان الاكاديميون والمحللون يتغنون بها فإن رجل الشارع البسيط لا يفهمها ولا تشكل لدية اولوية وكل ما يراه هو سقطات الوزير الاول اللغوية ، التي تدل على ان الرداءة مستمر وان الانجازات الرئاسية قد تجمدت مع مرض الرئيس ، وصحيح ان الجزائريين قد خرجو من العشرية السوداء مرهقين وعلى الارجح انهم لن يخاطروا بتجديدها بفعل ثوري ،لكن جيل الشباب الذي لا يذكر سنوات الدم يرى ان الجيل القديم المهادن لم يحقق شيئا سوى انه تورط في عجلة الفساد لتتحول الى ثقافة شعبية. لا اقول بكلامي هذا ان ثورة ستندلع غدا بالضرورة في الجزائر ، لكن الطبقة السياسية الطفيلية التي تروج الى عهدة رابعة بحجة انه لا يوجد بديل لا تقرا المؤشرات بطريقة جيدة ولا تقدم نصيحة بناءة ،فبدل ان تحول انجازات بوتفليقة الى مدرسة يتخرج منها سياسيون محنكون قادرون على تحقيق التوازن الصعب ،قامت بتجسيد الفكرة في شخص وصنعت منه صنما ،لأنها تدرك تماما ان بقاء بوتفليقة يعني بقاءها واستفادتها من الوضع نتيجة دعمها وسكوتها ، نفس الامر بالنسبة للرئيس ربما يحتاج لمن يهمس له ان الاوضاع تغيرت كثيرا وان مظهره الضعيف والمتعب ليس لصالحه ويخصم من رصيده السياسي لا يزيده ....اما بالنسبة للجزائر فللكعبة رب يحميها .