بدء الجلسة الافتتاحية لمجلس الشيوخ لدور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعى الأول    "المنشاوي" يهنئ جامعة أسيوط بحصولها على الفئة الفضية بمسابقة الأفضل بالأنشطة الطلابية 2024/2025    حقيقة فتح مفيض توشكى والواحات لتصريف مياه سد النهضة.. توضيح من خبير جيولوجي    قبل فتح باب الترشح السبت.. الشروط والمستندات المطلوبة لعضوية مجلس النواب    ارتفاع الدولار يكبح موجة صعود قياسي لأسعار الذهب    أغنى رجل في العالم.. ماسك يقترب من لقب "أول تريليونير في العالم"    أسعار الخضروات اليوم الخميس 2-10-2025 في الدقهلية    منال عوض تعلن عن إطلاق مشروع تقليل المخلفات بمحافظة بورسعيد بالتعاون مع هيئة الجايكا اليابانية    قبل اجتماع البنك المركزى.. توقعات بخفض الفائدة وتغيير العائد على شهادات الاستثمار    بينهم جريتا ثونبرج.. إسرائيل تعتقل 200 من المشاركين فى أسطول الصمود    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    ترامب يمهل حماس للرد على خطته وإسرائيل تجدد رفض قيام دولة فلسطينية    فيفا يُنعش آمال الأهلي والزمالك قبل كأس العالم للأندية 2029 بقرار تاريخي    هالاند: 7 لمسات فقط في الشوط الأول ضد موناكو؟ دوري لا يقتصر على لمس الكرة    أرتيتا: جيوكيريس يتحسن باستمرار حتى وإن لم يسجل    دي بروين: لا توجد أي مشكلة مع كونتي.. أريد اللعب وصناعة الفارق    أمطار ورياح مثيرة للأتربة.. الأرصاد تكشف توقعات طقس اليوم الخميس    ضبط 100 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 11 مليون جنيه خلال 24 ساعة    الداخلية تضبط 100 حالة تعاطٍ للمخدرات وقرابة 100 ألف مخالفة مرورية في 24 ساعة    تفاصيل مشاركة رئيس صندوق التنمية الثقافية في مهرجان العمارة العربي ببغداد    "الثقافة" تختتم ملتقى "نحو تنمية الأسرة المصرية" بإقليم القاهرة الكبرى    من الهند إلى المدينة.. رحلة شيخ القراء في المسجد النبوي الشيخ بشير أحمد صديق    عاجل- رئيس الوزراء يُوجه بتعزيز آليات رصد الاستغاثات الطبية وتوسيع نطاق الاستجابة    بعد سحب أدوية من السوق.. هيئة الدواء توضح آليات إعدام الأدوية المغشوشة    الزمالك يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية للاستثمار في وثائق صناديق الملكية الخاصة ورأس المال المُخاطر    القبض على سيدة تهدد زوجة شقيقها بأعمال السحر والشعوذة في الشرقية    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    عاجل- تعليم الجيزة: فتح فصل حالات الإصابة بفيروس HFMD الأحد المقبل بعد استكمال التعقيم    سبب تعرض كبار السن للنسيان والاكتئاب.. طبيبة توضح    لماذا يحدث الإغلاق الحكومي الأمريكي؟    مقتل شخصين في اليوم الخامس من الاحتجاجات في المغرب    راموس بعد إسقاط برشلونة: نحن الأبطال ويجب أن نثبت ذلك في الملعب    مصطفى عبده يكشف تفاصيل اجتماع الخطيب مع لاعبي الأهلي قبل القمة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    وزراء مالية دول "مجموعة السبع" يتفقون على تكثيف الضغط على روسيا بشأن أوكرانيا    «المستشفيات التعليمية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الجديدة لتدريب طلاب الطب    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 13 آخرين جراء قصف إسرائيلى وسط غزة    جنة أم نار.. هالاند يتحدث بصراحة عن خوفه من الموت    مصرع وإصابة 11 شخصا إثر حريق هائل يلتهم عقارًا في فيصل    بقرار جمهوري، مجلس الشيوخ يفتتح اليوم دور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعي    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    مصرع شخص وإصابة 5 في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    الإغلاق الحكومي الأمريكي، هل يطيح بالدولار وتصنيف واشنطن؟ «فيتش» تجيب    معركتك خسرانة.. كريم العدل يوجه انتقادات حادة لمخرج فيلم «اختيار مريم»: انتحار فني كامل    البابا تواضروس الثاني يترأس قداس تدشين كاتدرائية الأنبا أنطونيوس والأرشيدياكون حبيب جرجس بأسيوط الجديدة    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    الدكتور محمود سعيد: معهد ناصر قلعة الطب في مصر وحصن أمان للمصريين    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    الحمل بيحب «الروايات المثيرة» والحوت «الخيالية».. ما نوع الأدب الذي يفضله برجك؟    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب الانتفاضة الشعبية مضاعفة في العراق
نشر في شباب مصر يوم 17 - 02 - 2011

(ليس السؤال "لماذا" لم يصل الغضب الشعبي العربي إلى العراق بعد، بل هو "متى" سوف ينفجر هذا الغضب ليكنس الاحتلال وكل ما جاء به؟)
بقلم نقولا ناصر*
الانتفاضة التونسية تعربت، بالرغم من أن القوى الدولية المهيمنة على الوضع الاقليمي الراهن لا تريد لها أن تتعرب لأنها لا تريد أي تغيير في الوضع الراهن، لكن الصدى التونسي الذي يرتفع صوته مدويا الآن في مصر وغيرها من أقطار الوطن العربي لم يتردد بعد في العراق تحت الاحتلال أو هو ما زال خافتا، مع أن كل الدلائل تؤكد بأن أسباب الانتفاضة التونسية والمصرية مضاعفة فيه، غير أن السؤال الصحيح ليس "لماذا" لم يصل الغضب الشعبي العربي إلى العراق بعد، بل هو "متى" سوف ينفجر هذا الغضب ليكنس الاحتلال وكل ما جاء به؟
في خضم الدفق الإعلامي المنشغل بمتابعة تفاصيل الانتفاضة الشعبية في تونس وفي مصر متابعة بالكاد تترك وقتا لالتقاط مؤشرات هامة إلى متغيرات جذرية خلقتها هذه الانتفاضة، تكاد تغيب عن المراقب حقيقة أن الانتفاضة قد كنست في طريقها "الفتنة الطائفية" التي حاول مفجرو كنسية القديسين في الاسكندرية النفخ في نارها بقدر ما كنست الانتفاضة التونسية في طريقها الثقافة السياسية المستمدة من ثقافة "الحرب على الارهاب" الأميركية التي تصور الصراع الاجتماعي بانه صراع بين "إسلاميين" و"إرهابيين" وبين علمانيين ديموقراطيين "مسالمين" وهي الثقافة التي كان يروج لها نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن على والتي حولها، كما هو الحال في مصر، إلى "عقيدة" عسكرية لأجهزة الأمن الوطني ترى "العدو" في الاسلاميين والارهابيين فقط، وهي الثقافة نفسها التي تعمق الانقسام الوطني الفلسطيني في الوقت الحاضر كمثال حي على تحريف معادلة الصراع العربي الضاري على الوجود ضد الاحتلال والهيمنة الأجنبيين.
وربما يجد البعض في الاعتقاد الخادع بأن هذه الثقافة الطائفية نفسها قد ترسخت في العراق حد أن تستبعد أي وحدة وطنية شعبية تكرر في العراق انتفاضة مماثلة للانتفاضتين التونسية والمصرية تفسيرا لعدم ظهور مؤشرات إلى انتفاضة عراقية مشابهة، فالطائفية التي نصبها الاحتلال الأميركي حاكمة في بغداد مستفحلة حقا وهي تنفخ في نار الفتنة الطائفية كلما لاحظت أن النزعة الوطنية العراقية المجربة تاريخيا تكاد تطغي عليها لتوحد الشعب العراقي على ما توحد عليه أشقاؤه في مصر وتونس من أهداف الحرية والتحرر الاقتصادي والسياسي.
ومن المؤكد أن أنصار هذه الثقافة الطائفية التي تحرف الصراع الحقيقي عن مساراته الطبيعية يجدون، مثلا، في "مؤشر الديموقراطية" السنوي الذي تنشره وحدة الاستخبارات الاقتصادية للايكونوميست البريطانية حجة تدعمهم، ففي العام الماضي صنف هذا المؤشر كل أنظمة الحكم في الدول العربية بأنها أنظمة فاشية مستبدة باستثناء لبنان ... والعراق، مما يعطي للمحافظين الجدد لإدارة الرئيس جورج دبليو. بوش الأميركية السابقة مادة يسوغون بها غزوهم للعراق واحتلاله ليستدلون بمثل هذه "المؤشرات" المضللة على "النجاح" الذي حققوه فيه بدليل أن "الحريات" التي يتمتع العراقيون بها تحت الاحتلال الآن تحميهم من أي انتفاضة تكرر القدوة التونسية أو المصرية، ومن يتابع التعليقات والتحليلات في الاعلام الأميركي بشأن الانتفاضتين التونسية والمصرية سيجد كتابات بهذا المعنى لا تجد وسائل إعلام رئيسية أي حرج في نشرها.
لكن كل هؤلاء لا يخدعون أنفسهم بقدر ما يحاولون خداع الآخرين كي يؤجلوا إلى أطول فترة ممكنة امتداد الانتفاضة الشعبية العربية في تونس ومصر وغيرهما إلى العراق، حيث الأسباب التونسية والمصرية للغضب الشعبي والانتفاضة مضاعفة.
فإذا كانت الانتفاضة في تونس ومصر موجهة ضد حكمين مدعومين من الولايات الأميركية، فإن الحكم الراهن في العاصمة العراقية صنيعة أميركية من ألفه إلى يائه لا يستطيع الاستمرار دون دعمها. وإذا كان الحكمان في البلدين شريكين للولايات المتحدة في حربها العالمية ضد "الارهاب" فإن الحكم المنبثق عن الاحتلال في بغداد قد حول العراق بكامله إلى ساحة لهذه الحرب وقاعدة أميركية لها. وإذا كان الحكمان "شريكين" لأميركا في "عملية السلام" مع دولة الاحتلال الإسرائيلي فإن العراق منذ غزوه فاحتلاله عام 2003 قد تحول إلى ساحة يصول ويجول فيها التجار والجواسيس الإسرائيليون دون حسيب او رقيب، ناهيك عن إعلان الحكم الأميركي بالوكالة في المنطقة الخضراء ببغداد عن انضمامه إلى "مبادرة السلام العربية". وإذا كان الرئيسان بن علي وحسني مبارك قد تبنيا النموذج الأميركي للتنمية فحولا البلدين إلى حقل تجارب للانفتاح الاقتصادي والخوصصة والحرية المنفلتة للتجارة ورهنا اقتصادهما الوطني لوصفات البنك وصندوق النقد الدوليين ومواصفاتهما مما حول معظم البلدين إلى مناطق مهمشة نتيجة لتركيز رأس المال واستثماراته في العاصمتين حيث تتحصن البطانة الحاكمة اقتصاديا وسياسيا وخلق جيوشا من العاطلين عن العمل أطاحت بحكم الأول بينما تهز حاليا أركان حكم الثاني، فإن البطالة المستشرية الناجمة عن الفوضى الاقتصادية الراهنة في العراق قد خلقت جيشا عرمرما من العاطلين عن العمل ضاعف عديده قانون "اجتثاث البعث" وحل الجيش الوطني وتدمير الدولة الوطنية والفتنة الطائفية التي اقتلعت قرابة أربعة ملايين عراقي لاجئ ومهجر من مواطن عيشهم ومصادر رزقهم. والقاسم غير المشترك الأساسي بين الوضعين هو أن الولايات المتحدة قد نجحت في تجنيد عهدي بن علي ومبارك في جبهة "المعتدلين" العرب ضد إيران لكنها تغض الطرف، كبالع السكين، عن الحكم الإيراني بالوكالة في بغداد حتى الآن لأنه الأقدر على تبني الأجندة الأميركية في العراق وتنفيذها، ولو إلى حين.
حسب آخر تحديث في 30 كانون الأول / ديسمبر 2010 لكتاب الحقائق العالمي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه" على موقعه الالكتروني على شبكة الانترنت، بلغ تعداد قوة العمل العراقية ثمانية ملايين و (175) ألفا، أي ما يقارب ثلث السكان، وحسب تقرير للأمم المتحدة (2009) فإن أكثر من (450) ألف عراقي يدخلون سوق العمل سنويا "معظمهم لن يجد وظائف آمنة دون جهد منسق لتعزيز القطاع الخاص"، حسب التقرير، وفي الوضع الأمني السائد في العراق لن يقف القطاع الخاص العراقي على قدميه فرأس المال الخاص "جبان" بطبيعته. وحسب التقرير نفسه فإن الاقتصاد العراقي في حالته المزرية تحت الاحتلال "عاجز" عن تشغيل (28%) من قوة العمل، و(18%) منها عاطلة عن العمل و(10%) بطالة مقنعة تعمل بدوام جزئي، "وتتركز البطالة وهي في ازدياد" في الشباب بين سن (15 – 29) لترتفع إلى (28%)، وتمثل المرأة (17%) فقط من قوة العمل. وإذا اعتمد المراقب أرقام الأمم المتحدة هذه، وغض النظر عن الأرقام المضاعفة من مصادر عراقية، فإن معدل البطالة العراقي يزيد خمس مرات تقريبا على المعدل العالمي، ويبلغ ضعفي معدل البطالة في الوطن العربي حسب التقرير السنوي للتنمية البشرية العربية، في عراق يعاني من "أزمة إنسانية" حيث يعيش (54%) من أهله على دولار واحد في اليوم (برنامج الغذاء العالمي).
والمفارقة أن الاحتلال الأميركي ووكلاءه وجدوا حلا لمشكلة البطالة في التجنيد الواسع النطاق في "قوى الأمن" حتى بلغ تعدادها حسب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن حوالي (700) الف، بينما كان المطلب الأميركي الرئيسي من الحكم الوطني العراقي بعد وقف إطلاق النار في الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 يركز على "تضخم" الجيش الوطني ويدعو إلى خفض كبير في عديده. وهذا هو مصدر نسبة ال(60%) التي يشغلها "القطاع العام" من قوة العمل التي "تضاعفت منذ عام 2005" كما ورد في تقرير الأمم المتحدة.
وحيث أن مهمة الدفاع عن الحدود الوطنية العراقية موكلة أساسا إلى قوات الاحتلال الأميركي وحيث حصر وحاصر الدستور الذي فرضه الاحتلال على العراقيين بعد الغزو "الجيش العراقي الجديد" بمهمة "دفاعية"، فإن الجيش الجديد العرمرم يتحول عمليا إلى بطالة مقنعة مسلحة مهمتها الرئيسية قمع المقاومة للاحتلال من جهة ومنع أي انتفاضة شعبية توحد جيش العاطلين عن العمل والمهمشين والمهجرين قسرا من جهة ثانية.
ومن المؤكد ان هذه البطالة المقنعة سوف يتم الاستغناء عنها وتسريحها بعد أن تستقر الأوضاع للاحتلال والنظام المنبثق عنه، فتقليص "بيروقراطية" القطاع العام في الدول النامية هي من التوصيات والشروط الرئيسية لصندوق النقد والبنك الدوليين اللذين يشرفان الآن على تخطيط الاقتصاد العراقي في المستقبل.
إنها حقا سياسة في منتهى الدهاء والمكر تجند بعض جيش العاطلين عن العمل ضد بعضه الآخر خشية أن يتوحد هؤلاء في انتفاضة تكرر انتفاضة أشقائهم في تونس ومصر. إن المليشيات الطائفية التي تستقوي بها قوى "العملية السياسية" التي هندسها الاحتلال ضد بعضها البعض تلعب دورا مماثلا بشقيه: ضرب الوحدة الوطنية الشعبية بالفتنة الطائفية وضرب وحدة العاطلين عن العمل ضد أعدائهم بالتجنيد.
أما الفساد الذي بادر المنتفضون في تونس ومصر إلى إحراق ونهب أو تدمير مصالح رموزه فحدث عنه ولا حرج في العراق، الذي احتل المرتبة الرابعة بين (180) دولة في مؤشر فساد منظمة الشفافية الدولية عام 2009، وقد شهد شاهد من أهله (مركز العقد الاجتماعي التابع لمركز معلومات رئيس الوزراء) مؤخرا على استفحاله في الحكومة المركزية في المنطقة الخضراء بين "كبار قادتها ومسؤوليها"، والأمثلة كثيرة على الميادين التي يسرح ويمرح الفساد فيها دون حسيب أو رقيب من خطة الاسكان الخمسية وتهريب النفط ومنح عقوده واختفاء مليارات الدولارات من عائداته ومشتريات الأسلحة وسرقات المصارف.
وإذا كان من الطبيعي والمتوقع من أطراف "العملية السياسية" العراقية أن يستشعروا الخطر من أي تغيير في مصر ينقلب على الاعتراف المصري بهذه العملية وعلى التعامل معها كممثل شرعي للشعب العراقي يتبادل معها التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفارة والقنصلية ويساهم في تدريب جيشها "الجديد" ويتقدم الصفوف العربية في الاستجابة للحث الأميركي على إضفاء شرعية عربية على هذه العملية بعقد مؤتمر القمة العربية المقبل في بغداد، فإن خلو الصفحة الرئيسية للموقع "الرسمي" لهيئة علماء المسلمين في العراق على شبكة الانترنت، حتى كتابة هذا المقال، من أي إشارة إلى الانتفاضة في تونس ومصر (باستثناء مقال يتيم عن تونس) يثير التساؤل المستهجن، بخاصة لأن رئيس الهيئة الشيخ حارث الضاري، "شيخ المقاومة العراقية" هو الناطق الرسمي والممثل السياسي لمجموعة فصائل مجاهدة ضد الاحتلال، ولأن للمقاومة العراقية كل المصلحة في تغيير في مصر يغير السياسة المصرية الراهنة تجاه الاحتلال والمقاومة، سواء بقي النظام الحالي أم رحل.
وقد كانت الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية بقيادة عزة إبراهيم الدوري نائب الرئيس العراقي الشهيد صدام حسين واضحة تماما، على موقعها الالكتروني، في موقفها من الانتفاضة التونسية، بينما عبر عن موقفها من الانتفاضية المصرية خضير المرشدي، المتحدث باسم حزب البعث الفصيل الرئيسي في الجبهة، عندما أعلن عن "تضامن البعث وقيادته المجاهدة ومقاومته الباسلة مع خيارات شعب مصر" من أجل "إعادة دور مصر الكبير والفاعل والمعهود والمحوري في أمتها والعالم بعد أن غاب هذا الدور طيلة عقود من الزمن" ليخلص إلى القول: "نحن في العراق .. بحاجة كبيرة .. لمصر الحرة العربية .. لتكون معنا في إسقاط الاحتلال ومشروعه". وقد أعربت عن الموقف نفسه قوى يسارية عراقية مصطفة إلى جانب المقاومة الوطنية مثل الكادر واللجنة القيادية الشيوعيين.
* كاتب عربي من فلسطين
[email protected]*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.