يحلو لنا الحديث عن الراحلين والمقتولين والمخلوعين والمعزولين ...أما فى حياتهم فكلنا منافقون لهم ... نمطرهم بعبارات الاعجاب والاستحسان وفى انفسنا نكتم عبارات اللعن لهم...نقف امامهم صامتين منصتين لكلماتهم ونجلس بالساعات نستمع لخطبهم الجوفاء ونحن نلعنهم فى السر ولا نبوح.... نعلق براويز صورهم فى مكان مميز كى تقابلنا فى اولى خطواتنا داخل مقرات اعمالنا... ونظراتنا لهم تكتم غيظا من قبحهم .... تتوقف الحياة عندما يمرون بشوارعنا .. نرفع ايدينا ملوحين ومصفقين نرسم الابتسامة على شفاهنا .. ونخبئ غيظا بداخلنا مما يفعلون.... نسير فى ركابهم طائعين .. وبداخلنا غير راضين.... حالنا مع كل من ساقته الاقدار ليكون على رؤسنا حاكماً .. لا نتحدث عنه فى حياته ما دام معتليا رقابنا ...بل ندع الحديث عن فسادة .. الكره والبغض يبقى مكتوم فى صدورنا .. فما هذه الا جينات تكونت عبر اجيال منذ الفرعون الاول الى اليوم ...ولاننا شعوب حُكمت برجال متسلطة على رقابنا دون رحمة فاعتدنا ان نكون صامتين طائعين مهللين مصفقين لهم ... من زاغ عن طريقهم هلك لا محالة فآثرنا السلامة لنبتعد عن المقصلة التى لا ترحم... وما خنوعنا هذا الا فرصة عظيمة استغلها حكامنا كى تشتد ضراوتهم علينا ... فقد علم حكامنا اننا شعوب تجمعها (صافرة.. وتفرقها عصى)!! فلم يهتموا بنا كثيراً بل سادوا فى غيهم فهم لا يعقلون... فى بلادنا نؤخر الحديث عن فساد حكامنا الى يوم يرحلون ولانهم لا يرحلون الا عن طريق عزرائيل فكل شئ مؤجل الى حين ....وهذا فى اعتقادى نوع من انواع الجُبن الشعبى الذى ورثناه ممن سبقونا وكانوا خانعين لحكامهم.. قليلون هم الذين يجاهرون فى وجه الحاكم ، ربما لايزيدون عن اصابع اليد الواحدة، قد ينالهم البطش من الحاكم عن طريق بطانته ..فلا يجد المجاهر الا نفسه وحيداً وقد لاذ من حوله بالفرار خوفا من قوته .. مختبئا خلف الابواب يسبح بحمد الحاكم ، لانه لا يستطيع المجاهرة والمصارحة ... بل هو يلوك حديثه فى الخفاء وقد يكون خائفا ترتعد فرائصه من عين ترقبه فى الخفاء...!! فما تمتد يد عزرائيل لتنى حياة الحاكم الا ويخج المخبتون الخائفون المستترون المسبحون بحمد حاكمهم 00 وقد فكوا عقال ألسنتهم ليبدأ مسلسل كئيب من التشهير تارة والتجريح أخرى واظهار كل نقيصة ويقسمون انه كان حاكما ظالما فاسدا .... لا نقوى على ان نقول للاعور فى وجهه انت اعور ... امام الحاكم بالامس مهطغين خانعين واليوم ننعق كالبوم فى يوم نحس... فهل من شيم الرجال ان يكون بالامس مهللا له واليوم شامتا فيه؟ هل من النخوة ان لا نكشف فساد حاكم فى وجهه ونسره الى يوم الرحيل ؟ سألت ذات يوم واحداً منهم: لماذا لم تقل هذا الذى تقوله فى حياة وجودالحاكم؟ فلم يزد عن كلمتان خفيفتان: لكل مقام مقال.....ثم اصابه الخرس بعدها .... هؤلاء الذين يفعلون ما يفعلونه بعد موت او عزل او سجن الحاكم ليسوا بالرجال التى تبنى بسواعدهم الاوطان ....بل هم متسلقون .... متزلفون 0 فما ياتى آخر الا وغضوا الطرف عن فساده وانضموا الى القطيع المهلل المصفق للحاكم الجديد..... هذه مصيبتنا التى أضاعتأمة ما كان لها الا ان تكون فى القمة لا فى الذيل ... وما اضاعنا الا امثال هؤلاء بجهل قد اطبق على عقولهم فصورت لهم انهم على الحق المبين وهم على خطى الشيطان الرجيم.... لماذا لا نجهر بفساد حاكم وهو بين اظهرنا ونؤجل الجهر الى ما بعد الرحيل؟ ... الاسباب متعددة ولعل اولها التعليم فنحن جاهلون امييون لا ثقافة ولا تعليم لدينا .... فقد استغل الحكام جهلنا واميتنا وزادوا عليها باعا طويلا كى لا نقف فى وجه فسادهم واطماعهم ....واغتنموا الفرصة ليفعلوا بنا ما يحلوا لهم دون معارضة من حزب او جمعيات مدنية ولا حقوقية فقد اطبق الجهل وربيته الامية على الجميع الا من رحم ربى... مع انطلاقة الحرية فى تكوين وانشاء الاحزاب فى بداية حكم السادات راودنا امل جلل فىوجود معارضة قوية .. تسطر معارضتها بحروف من نور فى سجل التاريخ... وحلمنا بتداول السلطة ... وبرلمان اقل ما يوصف انه تعبير حقيقى عن ضمير كل مصرى ... ومع تكوين الاحزاب انطلقت دعوات وشعارات عدة على راسها وذروة سنامها (الديمقراطية ) ... وتداول السلطة فلا احتكار للسلطة ... واستشعرنا بخير قادم من هذه الاحزاب فسيولد جيللا قادرا على تحمل التبعات الوطنية ان حكم وان عارض ويكون بمثابة الحارس الامين على مصالح الوطن وتكون المعرضة حائط الصد ضد توغل الحاكم وحاشيته.... فالحكام يهابون المعارضة الجادة التى تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتزف مصالحها الشخصية الى القبر ... بنصر اكتوبر 1973م احتوى السادات الاحزاب التى تشكلت احتواءً كليا وجزئيا ... ولضمان الدعم المالى الحكومى التى كانت الاحزاب فى اشد الحاجة اليها لتحقق القيادات بالاحزاب مآربها.... وألقت الاحزاب بمصالح الوطن بعرض الطريق .... فاستطاع النظام ترويض الاحزاب وكبح جماح من يجنح منها لتظل فى السير عبر الخط الذى رسمه النظام... لتظل الاحزاب مهيضة لاحول لها ولا قوة!!! تحولت الاحزاب خلال حقبة السادات الى دكاكين فى شوارع جانبيه لا يسعى احد اليها وخنعت هى فلم تسعى الى احد.... فاغلقت على نفسها ابوابها واكتفت بالظهور خلف الحاكم فى صورة المعارضة التى تبدو للرأى العام انها معارضة ولكنها مسيسة ومرسوم لها خطوط السير فلا تتعداها قيد انملة. فلم نجد معارضة خلال عهد الحكم الساداتى سوى كلمات جوفاء فى صحيفة الحزب ... اما قيادات الاحزاب فقد انشغلت بما افاء عليها السادات فراحت تنهل من البيزنس الذى فتحت ابوابه لهم ... ورضيت بان تكون ذيل ذليل للنظام .... ولم يضعهم السادات فى حساباته يوم وقع مع اليهود معاهدة العار الكامباوية 00 فهو يعلم ان لا صوت ولا معارضة من هؤلاء على الاطلاق فنفذ ما اراد دون خوف من معارضة ... جاء حسنى مبارك ليرث الارث كاملا وزاد عليه قليلا ... وان كنا لا ننكر محاربته الشديدة للارهاب الذى استمر لسنوات من هؤلاء المتأسلمين ... وايداع كثير منهم السجون وقتل اخرين ... الا ان مبارك ساهم بشكل كبير فى ازدياد البلاهة الحزبية فلم يترك لهم مساحة للعمل لعلمه بهم انهم لا يسعون للمعرضة من اجل الوطن ولكنهم يسعون لمصالحهم الخاصة وليذهب الوطن الى الجحيم... فاستمر المسلسل الهزلى بين المعرضة والنظام وتحكمت امن الدولة فى الاحزاب ونسبة الاعضاء بالبرلمان ... وسوقالاعلام الحكومى الذى هو ذيل من ذيول النظام ان المعرضة قوية وان النظام يحسب لها حسابا 00 وتصور العوام ان مصر بها معارضة حقيقية... غير ان الواقع لا معرضة ولا يحزنون انما هى مصالح بين النظام والاحزاب قبيل 2011 وجدت على الساحة احزاب قاومت النظام لتحصل على حقها من اجل التواجد على الساحة السياسية غير انها لم تجد من الاعلام ما ينصفها ويدمها فى صورتها الحقيقية وتعمد النظام اهمالها كى لا تقوى شوكتها وتؤلم ظهر النظام الخاوى .... منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 الى اليوم لا احد يتكلم فى الحاضر بل الجميع فلت عقالة واصبح لا يرى اليوم بل هو فى الامس يغيش فلا حديث الا مبارك وفساده والاخوان وخيانتهم.... لا ننكر ان الكثير من الساسة والعوام على حد سواء تحدثوا فى وجه السلطة الاخوانية خلال عامهم الاسود الا ان الكثير لا يزال يلوك فى مبارك وثلاثينه السوداؤ.... اين كان هؤلاء خلال سنوات حكم مبارك ؟... اين كان السائق والحلاق ومهندس الفراش الخاص بالقصور....؟؟ اين كان الصحفيون والساسيون فى وجود مبارك هل كانت على اعينهم غشاوة وازيلت بعد رحيل مبارك ام ان السنتهم كانت ملتصقة بحناجرهم واجريت لهم عملية فك ارتباط برحيل مبارك... لا انكر اننا فى حاجةلمعرفة كل صغيرة وكبيرة منذ ان تولى هذا الفاسد مقاليد الحكم الى يوم رحيله... غير اننا فى وطن لا يهتم بذلك خوفا00 اهمالا .. صمتا.. اخفاء... لا ندرى فالوثائق التى قيدت تحت بند( سرى للغاية) ... و ( الامن القومى) يحتفظون بها لانفسهم اما الشعب فقد اسقطوه من حساباتهم...!!! واخير ليس آخرا.. هل ستنجح ثورة يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو فى كسر حاجز الصمت وتولد لدينا معارضة جادة قوية لاتسير فى ركاب الحاكم ولا تصمت عن فساد تراه ؟؟؟ هل سنجد رجالا لا ينتظرون رحيل الحاكم لتلوك ألسنتهم ما كان منه ومن بطانته ومن قبل كانوا فى كهف نائمون ؟؟؟ علي كواهلنا همٌ ثقيل هم وطن اضاع حكامه سنوات من عمره فى الرجوع به للخلف ولم يتقدم به واحدا منهم خطوة للامام .. فلا يجب ان نختار حاكما ونترك له الحبل على الغارب يصنع ما يشاء دون حسيب او رقيب ..فالمهادنون الخانعون مهيضى الجناح الاكلون على موائد الحكام لا مكان لهم بيننا اليوم ... فاما مجابهة ومجاهرة فى وجه الحاكم ان اخطاء واما ان يغلقوا دكاكينهم ويرحلوا بعيدا عنا فلسنا فى حاجة الى دولة لا يقل فيها الرجال كلمة حق ... ولا مكان بيننا لمن يجلس منتظرا رحيل الحاكم كى ينطق 00 فالصامتون اليوم ملعونين اينما ثقفوا..... وباؤا بغضب منا الى يوم الدين.............. [email protected]