الكل ينهش فيكِ، الجميع يرفع معاول الهدم، الكلمات المعسولة الجوفاء تُخاطبكِ، والشعارات الرنانة تنتشر بلا وعى أو إدراك ويتجرعها الشعب كالسُمِ فى العسل، حتى أصبحت علقم، الكل يراهن بأنه الأقوى ولكن للأسف يستقوى بمصير أسود، انه الانتحار بعينه، هُنتِ على ولادك فاستباحكِ الأقزام، مصر أكبر من الجميع، إنها الكل، وأنتم الجزء، ارجعوا للتاريخ وستجدون أنها استطاعت أن تستوعبت أعدائها وتصهرهم فيها ونسيهم التاريخ، مصر كبيرة بأبنائها، وأبنائها كبار بها فماذا يفعلون بها، هل أصبحنا عاقين؟ أم هى الحماقة، أم هو العناد، أم الخيانة، لماذا كل هذا البُغض والكراهية التى أصبحت تملئ القلوب، لقد انقسم المصريون الى فريقين يجتمع كل فريق على عكس ارادة الفريق الآخر، بل ويرفض الآخر ويُخوًنه ويُحقر من شأنه ويستصغره، وليت كُلٍ من الفريقين يجتمع على كلمةٍ سواء، فالجميع متفرقون الى شيعٍ كثيرة، والكل مُشتت من داخله، لأنه لا يريد غير مصلحته ولا ينظر سوى الى غايته بعيدا عن الكل، فهناك انسداد فى شرايين الأُفق الموصلة للمفاهيم المحركة بعقول الذين يجرون هذا الشعب الى الهاوية، مُتناسين أنها مركب واحدة إن غرقت غرق الجميع، الكل يضع فى حساباته أنها الفرصة الأخيرة والمعركة الأخيرة للبقاء ويرى أنها خط الدفاع الأخير لاستمرار كينونيته، فيحاول نزع جهاز التنفس الصناعى عن الآخر ولا يدرى أنه نفس الجهاز الذى يتنفس منه هو الآخر، ويتجاهل أن مصر تعيش منذ فترة كبيرة على أجهزة التنفس الصناعى وها نحن بأيدينا ننزع تلك الأجهزة ويرفض إلا أن يفعل غير ذلك ولا يرضى بالمشاركة، ، فهل من وقفة مع الأحداث وتدبر لها واستقراء لواقع وحقيقة الأمور، حتى تنزاح الغُمة، لنعود الى أول الدرب، قبل أن نضله فالطريق طويل ملئ بالتحديات والطعنات مع كثرة تنوعها وشدتها، وأخطرها الذى يأتى من خلفك، ونهايتها التى تأتى من داخلك، آليس فينا رجل رشيد، هل يعى فرقاء الوطن الواحد أن مصر ناتجها القومى نحو 2 تريليون جنيه بموازنة العام المالى الحالى 2013/2014 وأن حجم ديونها يبلغ نفس الرقم، هل نشعر بمدى هذه الكارثة، هل نعلم أن عجز الموازنة الاجمالى سوف يتخطى 300 مليار جنيه بما يعادل نحو 40 % وأن قيمة الأقساط والفوائد تتخطى هذه القيمة، والدعم يلتهم ربع الموازنة دون أن يُتحفنا السادة المسئولين بحلول جذرية عادلة له، وأن الاستثمارات الحكوية تراجعت الى نحو 7 % فقط من إجمالى موازنة هذا العام، لا أحد يتوقف ويستقرأ ماذا يعنى هذا؟ إنه ببساطة شديدة، لا مجال لإحداث أى تنمية ولا خلق لوظائف جديدة مما يزيد من حجم البطالة وزيادة مشاكلها المجتمعية، تلك الموازنة التى وضعها مجموعة من الهواة التقليديين فى ظل حكومة لتقوم حكومة أخرى بتنفيذها، فمن يعى لمثل هذة القنابل، ومن المتسبب فى هذا، الكل يتهم الآخر، ولكن فى النهاية النتيجة كارثية، لا أحد من الفرقاء يريد أن يُصارح الشعب بالحقيقة، فقط يعمل كل فريق على استقطاب أكبر عدد معه، ويتوعد الآخر بالسحق والهزيمة، وينذره بالتهديدات والانذارات، مصر لا تحتمل هذا العبث ولا تحتمل الخطط التكتيكية وسياسات النفس الطويل، فلن ينتصر أحد والكل مغلوب والطوفان قادم ولن يترك أمامه أخضر أو يابس، أيها الأحباب الدنيا وإن طالت قَصُرت، وسوف يقف الجميع وكل من شارك فى انهيار هذا الوطن أمام الخالق ليُكشف عن سرائره على رؤوس الأشهاد وهو مُطأطئ الرأس ذليل نادم على ما اقترفه فى حق العباد يوم لا ينفع الندم، "وما يُحيط المكر السئ إلا بأهله" فآهٍ يا مصر، حماك الله من كل سوء ومن لكِ غيره ليحميك، بعد أن تخلى عنك ولادك وباعوكِ. [email protected]