تقطعت أحبال أصواتنا، نداءات إلى الساسة، إلى المفكرين إلى الأدباء، إلى الشعراء، إلى الكتاب، إلى كل القوى الوطنية والثورية، إلى القادة، إلى كل من يحيا على أرض هذا الوطن -حكومة ومعارضة وشعباً- تعالوا إلى كلمة سواء إذا كنا -حقا- نريد أن نعبر النفق الضيق حيث التشاجر والتناحر والانفلات الأمنى والبلطجة وحالة السباب والشقاق والنزاع على أرض هذا الوطن والمظاهرات الفئوية وغير الفئوية ومظاهرات ضد الرئيس المنتخب -بدعوى أخونة الدولة- ناهيك عن التآكل فى نسيج الوطن إلى براح ساحة التقارب والتكامل لا التآكل والقضاء على البلطجة والانفلات الأمنى وتوحيد الكلمة قبل توحيد الصف وأن ننهض ببلادنا فى كافة المجالات، علينا أن نتحد على كلمة سواء بحيث نجتمع فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه -إلا فى مسلمات الاعتقاد- إذا كنا نريد -حقا- أن نبنى وطنا نحيا عليه كراما فلا بد أن ندرك أننا جميعا أصحاب مشروع وطنى واحد وأن هذا البلد وطننا جميعا وأى جرح به سيؤلمنا جميعا وسنتداعى له بالسهر والحمى وسيلاحقنا -دوما- سوط التنازع بيننا. إلام الخلاف بينكم إلاما وهذى الضجة الكبرى علاما وفيم يكيد بعضكمو لبعض وتبدون العداوة والخصام وأين الفوز لا مصر استقرت على حال ولا السودان دام فلا الإخوان يعجبون اليسار ولا اليسار يعجبون الإخوان -والكل بيخبط فى بعضه- والسوءة الكبرى هو أن كل فريق يعتقد أنه صاحب الرأى الصواب والحجة الدامغة ولا نفهم فقه الخلاف وآدابه ولله در الشافعى حينما قال: (رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب) لم لا يدرك الجميع أنه بنفسه لا شىء وأن قوته الحقيقية بالجماعة وأنه لا بد أن يضرب كل فرد منا بسهم لبناء هذا الوطن وليس هدمه. فمتى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنى وغيرك يهدم لو كان سهما واحدا لاتقيته ولكنه سهم وثانى وثالث لكننى دوما ما أتساءل: ما دافع كل هذا الخلاف هل هو فعلا الدعوة المزعومة بالخوف على هذا البلد والحرص عليه وحب هذا الوطن الذى ننشده صباحا ونتغنى به فى المساء إذا كان ذلك -حقا- فقد نسينا أو تناسينا أن للحب قانونا وضابطه (أن تنفعل لمراضى محبوبك وان كان مخالفا لهواك) فأين كل من يدعى ذلك الحب من هذا أم أن دافع هذا الشقاق هو الحقد والغيرة فإذا كان ذلك (فكل يصالح إلا الحاقد فالصلح معه أن تتخلى عن نعم الله عليك وتلغى خصائصك ومواهبك فلعله يرضى على مضض) كما قال عائض القرنى وهذا هو داء الداء والنتيجة التى أود أن أصل اليها هو أنه لا بد أن نجلس لنبنى هذا الوطن معا لا يزايد أحدنا على وطنية الآخر، فليتنا نتعلم من مانديلا هذا الشيخ الفتى الذى جرؤ على الحلم وجرؤ على تحقيقه الذى قبع فى السجن عشرة آلاف ليلة وبعد أن خرج منه عفا عن كل من ظلمه ليشارك الجميع فى بناء الوطن ولينزع الحقد والغل من الصدور مع تذوقه مرارة الظلم حقبة من الزمن ولكن مصلحة الوطن -عنده- كانت مقدمة على ما سواها فشهدت جنوب أفريقيا فى -عهده - نهضة اقتصادية كبرى واستقرارا سياسيا غير مسبوق وقد لخص لنا الأسقف ديسموند توتو إنجازات مانديلا بقوله: ( إنه نجح فى أن يحول جنوب أفريقيا دون حقد ديموقراطية مستقرة متعددة الأعراق ) قائلاً: (إنه أضحى رمزا عالميا للمصالحة) فياليت شعرى من هو ذلك الشخص فى بلدنا ليكون ذلك الرمز الذى نحلم به جميعا لنجتمع معا -حكومة ومعارضة وشعبا- على كلمة سواء تلفظ الشقاق وتجمع الفرقاء لتحقيق النهضة الشاملة التى طالما داعبت خيالنا ردحا من الزمن.