شاعرنا الكبير إبراهيم ناجي صاحب الأطلال، وقد سبق لكوكب الشرق أم كلثوم، ان كتبت في أوراقها الخاصة، عن هذا اللقاء مع اشعاره كتابه ذو طعم ومذاق خاص ومختلف وايضا لسنا في حاجة إلى أن نكرر ما سبق وذكرناه من أن شاعر الأطلال الدكتور إبراهيم ناجي قد استعاد مجد كلماته، بل واستمر ذلك المجد في تألق دائم حتى يومنا هذا، عندما تغنت سيدة القصيدة العربية بأشعاره.. رغم أن له أكثر من ديوان من الأشعار الجميلة - ومما قالته أم كلثوم عن شاعرنا صاحب الأطلال: "ولا أنسى الشاعر إبراهيم ناجي، وقد رأيته حين كان يزور نقابة الموسيقيين، وكان يبدو بائساً محطماً يجلس إلى الموسيقيين، فتحس أنه يطوي صدره على قصة حب بلا أمل، ولم يتحدث في الشعر مرة واحدة، ولكني كنت أحس فيه رقة المشاعر التي لا بد أن تؤتي ثماراً فنية طيبة سواء شعرية أو موسيقية، وقرأت له ديوانه بعد أن مات ووقفت عند الأطلال: "وهل رأي الحب سكارى مثلنا"!. ورفقت بالقصيدة إلى رياض السنباطي الذي قال: ستكون الأطلال حدثا فنياً لا نظير له ولعل الذي يميز ناجي صدق إحساسه فإن صدق الإحساس هو شرط النجاح في أي عمل فني..". وبخلاف ما ذكرته أم كلثوم عن أول لقاء بها مع احمد ناجي. ترددت أقاويل كثيرة حول هذا التعارف وخصوصاً عن ارتباط أم كلثوم بقصيدته الأطلال.. ومما روته أم كلثوم عن هذه العلاقة نفهم أنها لم تتغن بأشعاره إلا من بعد رحيله، وهو يتساوى في هذه الخصوصية مع أمير الشعراء شوقي.. الذي تقابلت معه أم كلثوم كثيراً من قبل رحيله.. ومع ذلك لم تغن أشعاره إلا بعد الرحيل!!. إذ من المعروف أن الدكتور إبراهيم ناجي قد توفي في عام 1953- أما أم كلثوم فقد غنت قصيدة الأطلال عام 1966! وقد تصادف أن تذيعها كوكب الشرق في حفل عام أقامته بعد رحيل الموسيقار محمد القصبجي، وبالتالي لم يستخدم في لحنها العود وايضا تركت الكرسى الخاص بالراحل خاليا وسط الفرقه الموسيقيه والقصيده وهي من ألحان الموسيقار رياض السنباطي. وتقول كلمات قصيدة الأطلال التي غنتها أم كلثوم: يا فؤادي لا تسل أين الهوى - كان صرحاً من خيال فهوى - اسقني واشرب على أطلاله - وارو عني طالما الدمع روى - كيف ذاك الحب أمسى خبراً - وحديثاً من أحاديث الجوى - لست أنساك وقد أغريتني - بفم عذب المناداة رقيق - ويد تمتد نحوي كيد - من خلال الموج مدت لغريق - وبريق يظمأ الساري له - أين في عينيك ذياك البريق يا حبيباً زرت يوماً أيكه - طائر الشوق أغني ألمي - لك إبطاء المدكي المنعم - وتجني القادر المحتكم - وحنيني لك يكوي أضلعي - والثواني جمرات في دمي - أعطني حريتي أطلق يديا - إنني أعطيت ما استبقيت شيئاً - آه من قيدك أدمى معصمي - لم أبقه وما أبقى عليا - ما احتفاظي بعهود لم تصنها - وإلام الأسر والدنيا لديا - أين من عيني حبيب ساحر - فيه عز وجلال وحياء - واثق الخطوة يمشي ملكاً - ظالم الحسن شهي الكبرياء - عبق السحر كأنفاس الرُبى- ساهم الطرف كأحلام المساء - أين من مجلس أنت به- فتنة تمت سناء وسني - وأنا حب وقلب هائم - وفراش حائر منك دنا - ومن الشوق رسول بيننا - ونديم قدم الكأس لنا- هل رأى الحب سكارى مثلنا - كم بنينا من خيال حولنا - ومشينا في طريق مقمر - تثبت الفرحة فيه قبلنا - وضحكنا ضحك طفلين معاً - وعدونا فسبقنا ظلنا- وانتبهنا بعد ما زال الرحيق - وأفقنا ليت أماّ لا نفيق - يقظة طاحت بأحلام الكرى - وتولى الليل والليل صديق - وإذا النور نذير طالع- وإذا الفجر مطل كالحريق - وإذا الدنيا كما نعرفها - وإذا الأحباب كل في طريق- أيها الساهر تغفو- تذكر العهد وتصحو - إذا ما التأم جرح- جد بالتذكار جرح - فتعلم كيف تنسي- وتعلم كيف تمحو- يا حبيبي كل شئ بقضاء - ما بأيدينا خلقنا تعساء - ربما تجمعنا أقدارنا- ذات يوم بعدما عز اللقاء - فإذا أنكر خل خله- وتلاقينا لقاء الغرباء - ومضى كل إلى غايته - لا تقل شئنا فإن الحظ شاء - هذه الأبيات التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم من كلمات الدكتور إبراهيم ناجي قد نشرها ضمن قصيدة طويلة بديوانه الذي صدر تحت عنوان "ليالي القاهرة".. هذا الديوان نشرت به كذلك مقدمة أوضحت لنا قصة هذه القصيدة.. ومما جاء بها قول الشاعر: إن هذه قصة حب عاثر..! إلتقيا وتحابا.. ثم انتهت القصة بأنها قد صارت أطلال جسد، وصار الشاعر أطلال روح.. وهذه الملحمة.. تسجل كل وقائعها كما حدثت تماماً!. ويتضح لنا من قول الشاعر في المقدمة السابقة بأنها ملحمة أنها قصيدة طويلة.. وهي بالفعل كذلك - إذ يبلغ عدد أبياتها 134بيتاً.. وعدد مقاطعها ست وعشرون مقطعاً.. وكل مقطع يحوي أربعة أبيات، أو أكثر.. كما سوف نبين ذلك حالاً.. ففي المقطع الأول توجد أربعة أبيات، اختارت منها أم كلثوم ثلاثة أبيات فقط.. وهي الأبيات التي تقول في مطلعها: يا فؤادي لا تسل أين الهوى". وبذلك أهملت البيت الرابع الذي يقول فيه الشاعر إبراهيم ناجي: وبساطاً من ندامى حلم- هم تواروا أبداً وهو انطوى - وكذلك بلغت عدد أبيات المقطع الثاني أربعة.. أهملتها جميعا أم كلثوم.. أما عدد أبيات المقطع الثالث فبلغت على غير العادة بالنسبة لهذه القصيدة ثمانية اختارت أم كلثوم منها ثلاثة أبيات فقط.. وهي التي تقول في مطلعها: "لست أنساك وقد أغريتني". أما الأبيات الخمسة التي تركتها أم كلثوم فيقول فيها الشاعر ناجي: يا غراماً كان مني في دمي - قدراً كالموت أو في طعمه - ما قضينا ساعة في عرسه - وقضينا العمر في مأتمه - ما انتزاعي دمعة من عينه- واغتصابي بسمة من فمه - ليت شعري أين منه مهربي - أين يمضي هارب من دمه - هذه أربعة أبيات - أما البيت الخامس في المقطع نفسه فجاء موقعه في ذات المقطع رقم سبعة.. وهو الذي تقول كلماته: آه يا قبلة أقدامي إذا شكت الأقدام أشواك الطريق وفي المقطع الرابع الذي بلغت أبياته أربعة أيضا لم تغن منه أم كلثوم ولا بيتاً واحداً!. وكذلك فعلت مع 3أبيات المقطع الخامس وعددها أيضا أربعة والمقطع السادس وعددها أربعة، والمقطع السابع وعددها كذلك أربعة!!. ثم اختارت أم كلثوم من المقطع الثامن ثلاثة أبيات من أصل أربعة وهي التي تقول في مطلعها: "أين من عيني جيب ساحر"!. ثم أهملت البيت الرابع الذي فيه إبراهيم ناجي. مشرق الطلعة في منطقه- لغة النور وتعبير السماء والملاحظة الهامة الواجب الإشارة إليها في هذا السياق، أن موقع هذه الأبيات السابق الإشارة إليها جاء ترتيبها وفق ما تغنت أم كلثوم أرقام 13، 14، 15، مع أن موقعها بالنسبة للقصيدة التي كتبها ناجي ونشرها في ديوانه المشار إليه أرقام 33، 34، 35!. ومن المقطع التاسع وعدد أبياته أربعة اختارت أم كلثوم ثلاثة منها وهي التي تقول في مطلعها: "أين مني مجلس أنت به"، وقد أهملت بذلك البيت الرابع الذي يقول فيه الدكتور إبراهيم ناجي: وسقانا فانتقضنا لحظة - بضار آدمي مسنا والغريب أن أم كلثوم قد أهملت بعد ذلك كل أبيات المقطع العاشر والمقطع الحادي عشر والمقطع الثاني عشر والثالث عشر، وعدد أبيات كل منها أربعة!. ثم عادت واختارت من المقطع الرابع عشر ثلاثة أبيات من أصل أربعة، وهي التي تقول في مطلعها: "يا حبيبا زرت يوما أيكه"!.. أما البيت الرابع والذي لم تختره فيقول فيه إبراهيم ناجي: وأنا مرتقب في موضعي - مرهف السمع لوقع القدم وقد غيرت أم كلثوم كلمة "أعظمي" واختارت بدلاً منها كلمة "أضلعي"، والتي ذكرها ناجي في البيت الذي يقول فيه: حنيني لك يكوي أعظمي - والثوان جمرات في دمي! كما جاء في موقع هذه الأبيات فيما تغنت به كوكب الشرق مخالفاً لموقعها في القصيدة الأصلية.. حيث جاءت أرقامها 7، 8، 9في حين احتلت هذه الأبيات نفسها أرقام 57، 58، 59 في القصيدة التي نشرها ناجي في الديوان المشار إليه. وكذلك لم تغن أم كلثوم أية أبيات من المقطع الخامس عشر وعددها أيضا أربعة.. ثم عادت واختارت من المقطع السادس عشر ثلاثة أبيات من أصل أربعة وهي التي تقول في مطلعها: "أعطني حريتي أطلق يدي"!. أما في البيت الذي أهملته فيقول فيه إبراهيم ناجي: ها أنا جفت دموعي فاعف عنها إنها قبلك لم تبذل لحي وجاء موقع الأبيات الثلاثة السابقة بالنسبة لم غنته أم كلثوم أرقام 10، 11، , 12.في حين احتلت في القصيدة المنشورة بالديوان أرقام 65، 66، 67!. كذلك لم تغن أم كلثوم آية آبيات من المقطع السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر.. وعدد أبيات كل مقطع منهم أربعة - أما المقطع العشرين الذي لم تغن منه أم كلثوم ولا بيت واحد.. فعدد أبياته ثمانية!!. ومن المقطع الواحد والعشرين غنت أم كلثوم ثلاثة أبيات من أصل 26بيتاً!. وهي الأبيات التي تقول في مطلعها: "أيها الشاعر تغفو".. وبذلك تكون قد أهملت من هذا المقطع وحده ثلاثة وعشرين بيتاً!!. كما جاء ترتيب هذه الأبيات فيما غنت أم كلثوم رقم 26، 27، 28في حين جاء موقعها في الديوان أرقام 95، 96، 97والمقطع الوحيد الذي التزمت أم كلثوم بعدد أبياته، كان هو المقطع رقم , 22وهي الأبيات التي اختتمت بها كوكب الشرق ما غنته من الأطلال.. التي تقول في مطلعها: "يا حبيبي كل شيء بقضاء"! ويبقى بعد ذلك من القصيدة نفسها التي نشرها إبراهيم ناجي في ديوانه المشار إليه أربعة مقاطع أخرى، ولم تغن منها أم كلثوم ولا بيتاً واحداً. كما سبق وذكرنا فإن العدد الكلي لأبيات هذه القصيدة بلغ 134بيتاً غنت منها أم كلثوم 32بيتاً فقط!. وليعلم محبى فن وصوت ام كلثوم ان تلك القصيده سبق وان تناولتها المطربه الفاضله نجاة على وغنتها عام 1956 وايضا اختارت بعض الابيات كما فعلت ام كلثوم فيما بعد وسجلتها المطربه الفاضله نجاة على فى استوديوهات الاذاعه وكانت من الحان محمد فوزى والذى بدوره طبعها على اسطوانات مصنعه ( مصر فون) وكان العمل يحمل عنوان ( حان حرمانى ) وكان ايضا محمد فوزى الملحن على علاقة صداقه مع ام كلثوم والدليل على الصداقه وايضا الارتباط بمحمد فوزى لوجود شراكه بنسبه فى مصنعه لطبع الاسطوانات وايضا هو من اتى بالملحن المطرب ان ذاك بليغ حمدى وهو الذى قدم لها لحن حب ايه - انها قصيده جميله وابيات رائعه وقد احسن الاختيار كل اهل الطرب فى تلحين البعض الاكثر من تلك القصيده والى لقاء اخر \ المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيه ندى وللتواصل 0106802177 [email protected] __________________