بعدما سئم المصريون من حكم الرئيس الأسبق المخلوع مبارك، وخاصة في آخر 15 عاما من حكمه، عندما انحرف هو ونظامه عن خدمة المصريين، بل لجأ إلى الأنانية والاستبدادية والديكتاتورية، ومارس القمع بل تلذذ به تجاه المصريين، فتدهورت الحالة الاقتصادية، وانحرفت الأخلاق، وتم تجريف بحر السياسة، فبعد هذا الظلام الحالك، قرر المصريون أن يثوروا على هذا الظلام الحالك، ليحولوه إلى نور مشرق، فقدموا وضحوا بأغلى ما لديهم من فلذات أكبادهم، حتى نجحوا، وأبهروا العالم بسلميتهم وتحضرهم، وأجبروا العالم أيضا على احترامهم، فأصبحوا قدوة وأسوة، وقرروا بمشاركة المجلس العسكري أن يؤسسوا دولة جديدة وفعلوا أيا كان الرأي حول مدى إجادة المجلس العسكري في إدارة تلك المرحلة الانتقالية، حتى وصلوا إلى انتخاب رئيس للبلاد، آملين أن يقود الثورة، ويحقق مطالبها، ولا ينحرف عن مسارها، لكن خيب الرئيس ظنهم، بعد عام من الحكم، فقرر جزء من الشعب، ليس محسوبا كله على الثوار، لكنه مصري مما شك فيه، وقرر النزول للميادين، مطالبا بانتخابات رئاسية مبكرة، وقرر وزير الدفاع للقوات المسلحة، أن يساعده، وأن يحقق آماله ومطالبه فعزل الرئيس، ووضع خريطة الطريق، يشرف هو عليها، مطالبا كل المصريين بالتنفيذ أيا كانت المبررات، فثار جزء آخر من الشعب، وقرر التظاهر والاعتصام، وانقسم العالم بين مؤيد ومعارض لما فعله وزير الدفاع، فوجدنا أنفسنا أمام سؤال انقسم المصريون والعالم حول إجابته، فكانت له إجابتان ألا وهو : ما حدث في مصر ثورة أم انقلاب؟؟ وبعد هذا الصخب الكبير والحيرة التي وقع فيها الشعب المصري وجد نفسه أمام زواج على ورقة طلاق، لأن الزواج يعنى السكينة والاستقرار والبناء والقبول والتوافق والتشارك والتعاون، لكن ما وجده المصريون بعد 30 يونيو وإعلان وإشهار الزواج يوم 3 يوليو حيرة وانقسام وفوضى، واختلاف وخلاف بين المصريين، فخرجت وتخرج المظاهرات رفضا لهذا الزواج معتبرة ذلك زواجا عرفيا غير شرعي، وخرج ويخرج علينا إعلام يعتبر ذلك زواجا شرعيا مكتمل الأركان، مدافعا عن هذا الزواج دفاع المستميت وواصفا رافضي هذا الزواج بالإرهابيين والفسدة والخونة، ووجدنا أيضا مؤيدي هذا الزواج يستحلون ويعطون الزوج تفويضا على بياض يفعل ما يشاء حتى لا يفسد العرس، أما رافضو هذا الزواج، أعلنوا ويعلنون ليل نهار أن هذا الزواج باطل، وأنه غير شرعي، لاجئين إلى المحاكم المحلية والدولية، والميادين الشعبية، حتى يخلعوا هذا الزوج، ويتخلصوا من تلك الزيجة، يريدون الخلع، وإعادة الزوج الشرعي والأصلي من وجهة نظرهم إلى عرسه. لكن ما يحزن ويدمي القلوب أننا نسينا وتناسينا ثورة 25 يناير والكل أصبح مشغولا بهذه الأحداث وهل ثورة 30 يونيو ثورة ولا انقلاب؟ وإعلان الحرب على الإخوان، سواء في الإعلام أو في القضاء وساحات المحاكم، لكن من منا الآن يتكلم عن القصاص من قتلة فلذات أكبادنا في 25 يناير!! ومن منا يتكلم في مكتسبات ثورة يناير؟ ومن منا يطالب بتحقيق ما نادى به ورفعه شبابنا من شعارات "عيش حرية عدالة اجتماعية" ولهذا أين ثورة يناير؟ من قرارات الحكومة؟ وما يدمع العين ويجلب الحسرة والندم أن الإعلام وجزء من المصريين يتكلم ويذكر ثورة 30 يونيو أكثر من 25 يناير لدرجة أننا وجدنا كثيرا من المصريين يرون أن ثورة 30 يونية هي الثورة الحقيقية، وليس موجة من ثورة يناير، بل ذهب البعض واعتبر يناير حركة احتجاجية فقط، لا غير، وأنه لا يصح أن نطلق عليها ثورة أبدا، بل غالى البعض أيضا كرها في الإخوان وحقدا على شباب يناير أن يدّعوا أن يناير حركة فوضوية استغلها الإخوان لصالحهم، وكذلك وصل الأمر إلى أناس أن يدعوا ويفتروا على يناير ويصفوها أنها من صنع المخابرات الأمريكية والأجنبية الإسرائيلية. فأين ثوار يناير من الساحة الآن؟ وأين شباب يناير من الإعلام؟ فأيا كان الرأي تجاه 30 يونيو مؤيدا أو معارضا لا يجوز البتة أن ننسى ثورة يناير، فيا شباب يناير أين أنتم؟ لا يجب أبدا أن تتخلوا عن ثورتكم، أو تتركوا ثورتكم فينحرف مسارها فيضيع مجهودكم وتنسى دماء شهدائكم، ونرجع مرة أخرى إلى المربع صفر، ولهذا أقول لا بد وفى أسرع وقت ممكن أن نقرر ونحكم على 30 يونية هل هي ثورة أم لا؟ فإذا كانت ثورة حقيقية فنندمج معها، ونتكاتف مع صناعها كي نحقق أهدافنا من عيش حرية عدالة اجتماعية، وإن كانت موجة ثانية من ثورة 25 يناير، فنفيق ولا ننسى الأصل ونزيد وترتفع أصواتنا بأهدافنا ومطالبنا ونتعامل مع 30 يونية على أنه موجة لا أكثر ولا أقل، وإن كانت 30 يونية انقلابا من وزير الدفاع، فينبغي أن نراجع موقفنا، ولا نسمح بعودة الاستبداد والقهر مرة أخرى، وإن كانت ثورة مضادة، فلنعد العدة حتى لا ينتصر علينا أعداء ثورتنا من الذين قمنا نحن عليهم بثورة كي نزيل ونقضي على طغيانهم وفسادهم ونهبهم،.ولهذا وجب علينا أن نفيق لثورتنا وإرجاعها مرة أخرى لمسارها الصحيح، قبل فوات الأوان، فيتمكن أعداؤنا من إجهاض ثورتنا، فنندم كل الندم على ما اقترفناه من ذنب!!.