البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    نقيب الصحفيين: لابد من إصدار قانون حرية المعلومات والمستشار محمود فوزى: محل توافق    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    الآن يرتفع في 8 بنوك.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 10 يونيو 2024    محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    الحج السياحي | 1298 شركة تتنافس لتقديم خدمات مميزة للحجاج    أمر ملكى سعودى باستضافة 1000 حاج من ذوى شهداء ومصابى غزة استثنائياً    قوات الجيش الإسرائيلي تعتقل 4 أطفال فلسطينيين من الخليل والقدس    سقوط 150 شهيدا.. برلمانيون ينددون بمجزرة النصيرات    زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان: مستعدون لتولى السلطة    صافرات الإنذار تدوى فى عكا وبلدات عدة شمالى إسرائيل    القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة منتخب مصر.. معلق وتاريخ مواجهات ونتائج الفريقين    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    رئيس منظمة مكافحة المنشطات يكشف آخر مستجدات رمضان صبحي: يخضع للتحقيق    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات فيتوريا    استعدادا ل«يورو 2024».. سلوفاكيا تكتسح ويلز برباعية وديا    حقيقة اقتراب مروان عطية من الدوري السعودي    منتخب فرنسا يسقط في فخ التعادل مع كندا    مجدي عبد الغني: الفوز على غينيا لا يُقرب الفراعنة من التأهل لكأس العالم    بالأسماء.. إصابة 14 شخصا في انفجار أنبوبة بوتاجاز بالمنيا    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    برقم الجلوس.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الترم الثاني محافظة الفيوم (استعلم الآن)    خبير تربوى يقدم نصائح لطلاب الثانوية: نم مبكرا وابتعد عمن يبثون طاقات سلبية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: هدوء ما قبل الموجة الحارة (تفاصيل)    «مصطفى مش متحرش».. مفاجأة في نص أقوال الفنانة هلا السعيد بواقعة «سائق أوبر» (مستند)    «بعد قلم عمرو دياب».. عمر كمال ينشر فيديو ساخر لطريقة تعامل الفنانين مع الجمهور    عمرو الفقي: المؤسسات العالمية نقلت عن القاهرة الإخبارية تغطيتها لأحداث غزة    لميس الحديدي تعلن إصابتها بمرض السرطان منذ 10 سنوات.. التفاصيل    عمرو الفقي: نخطط للاستثمار في السينمات و80% من إيراداتها تخص 13 سينما فقط    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    حلو الكلام.. إنَّني أرقص دائمًا    «بنضم للمنتخب عشان صاحب صلاح؟».. عمر جابر يخرج عن صمته بتعليق ناري    دعاء تيسير الامتحان.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    بعد وفاة 40 مواطن لارتفاع الحرارة.. نائبة تطالب بوقف تخفيف الأحمال في أسوان    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    انتحار مديرة مدرسة بحبة حفظ الغلال بالمنوفية    الكويت وقطر تبحثان القضايا الإقليمية والدولية والحرب على غزة    50 مليون جنيه سنويًا.. حوار بين خالد البلشي وضياء رشوان حول زيادة بدل الصحفيين    قنصلية فرنسا تطلق مشروع الاقتصاد الدائري بدعم الاتحاد الأوروبي    كوريا الجنوبية تستأنف البث الدعائي ضد حملة "بالونات القمامة" لكوريا الشمالية    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    "ابدأ": 70% من المشكلات التي تواجه المصنعين تدور حول التراخيص وتقنين الأوضاع    مصرع طفل في حريق سوبر ماركت بالفيوم    دعاء وفضل العشر الأوائل من ذي الحجة    الأول على الإعدادية الأزهرية بالإسماعيلية: مثلي الأعلى عمي وأتمنى أن أصبح طبيبا للقلب (فيديو)    العاهل الأردني: صمدنا في مواجهة التحديات بالعزيمة والصبر    الكشف على 1346 مواطنا بقافلة طبية مجانية بقراقص في دمنهور    الإفتاء توضح أعمال الحجّ: اليوم التاسع من ذي الحجة "الوقوف بعرفة"    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    زيادة أكثر من 200 جنيه، ارتفاع سعر دواء شهير لعلاج مرضى الصرع    كم عدد أيام التشريق وحكم صيامها؟.. تبدأ من مبيت الحجاج بمنى    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيجان المدن في المغرب العربي
نشر في شباب مصر يوم 29 - 12 - 2010

عرفت دول المغرب العربي ثورات لم يسبق للمنطقة أن عرفتها منذ أزيد من عشرين سنة تقريبا, بل وبلغت حدة الثورات الأخيرة مستوى عدواني خطير جدا.
لم يكتفي الثائرون بالمطالبة بحقوقهم بل هاجموا في اغلب دول المغرب العربي ممتلكات الدولة التي طالها الحرق والتخريب, تثور مدن بشبابها ورجالها ونسائها.
ما الذي حرك تلك الثوراث في الدول الثلاث في وقت متزامن تقريبا؟ هل يعتبر الفقر والعوز والبطالة وحدها المحرك لذلك الهيجان الشعبي؟ أم أن له مبررات ودوافع أخرى؟ هل انهارت الحالة الاقتصادية والمعيشية لبلدان المغرب العربي على ما كانت عليه سابقا؟ هل اصبحت العديد من المدن تضم الكادحين فقط؟ اين يكمن الخلل؟
الذي تغير بالدرجة الأولى في دول المغرب العربي هو رغبة المواطن في قطع المراحل وبسرعة, والسعي الحثيث لتحسين وضعيته, ومقارنة واقعه بواقع أقرانه ممن غامروا بقطع البحر والحصول على دخل مرتفع في دول أوروبا, هذا من جهة.
من جهة أخرى عرفت العشر سنوات الأخيرة, سعي الحكومات لتقنين كل شيء, لدرجة تدخلت معها في قطع أرزاق المواطنين. كمثال بسيط, يشغل قطاع البناء مئات الآلاف من المياومين في كل دولة وأحيانا في بعض الجهات داخل الدولة الواحدة, ومع تقنين البناء وقطاع العقار عموما, قطعت أرزاق المياومين الذين لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع قطاع البناء.
التقنين المتسارع والغير المواكب لقطار التنمية, حرم أولائك المياومون من مورد رزقهم, ولم يجدوا ملاذا لهم غير الصبر حتى فاض صبرهم وتحول إلى نار محرقة ومستعدة لإهلاك كل من يقف في طريقها.
عرف المغرب مثلا انتشار أحياء الصفيح في أغلب المدن المغربية الكبيرة, كالدار البيضاء والرباط ومراكش وفاس ومكناس وأكادير وغيرها, تعايشت تلك المدن مع أحياء الصفيح التي تأوي ساكنة هي أقرب لثلث سكان المدينة.
كان ساكنو أحياء الصفيح عمالا في المعامل والأوراش, واستفادوا من تعليم أبنائهم الذين ولجوا المدارس والجامعات والمعاهد, وحسنوا من مستواهم المعيشي والأسري.
مع ازدياد وثيرة التقنين, صادق المشرع على قوانين زاجرة لأحياء الصفيح, فعوض البعض من ساكنيها والبعض قبل على مضض مساحة ضيقة رغم أنه كان يقطن هو وأسرته المتكونة من زوجات وأبناء وزوجاتهم وأبنائهم, منحوا ما لم يرضيهم.
قنن قطاع البناء, قنن قطاع النقل, قننت الأحوال الشخصية, وقنن كل شيء تقريبا, أحس المواطن أنه مضيق عليه في كل شيء. برزت قوانين لا تتوافق مع الحالة المادية والمعنوية والواقعية لمجتمعات المغرب العربي.
المنطقة تعرف تعدد الزوجات بشكل كبير, اصبح التعدد شبه محرم حاليا, تعرف زواج الفتاة من سن الخامسة عشر, وحاليا أصبح ممنوعا, تعرف الزواج في يوم واحد أو حتى في ساعات, وحاليا أصبح الزواج شأنه شأن الطلاق من لم يكن ذا نفس طويل لا يمكنه أن يتزوج.
مدونة السير, طبقت القانون السويسري على المغرب, حيث لا يصح أصلا وجود قانون في بعض مناطقه التي تعرف طرقا غير صالحة للمرور, تعرف انعدام المواصلات. شبكة طرقية مهترئة في الغالب, وسائل النقل العمومي هي الأخرى محطمة ومهترئة, الشاحنات لقيت التضييق.
أما أوراش العمل بجميع اصنافها, فكانت تعرف نشاطا وحيوية جد مرتفعة, كان كل ورش يشغل ويعلم العديد من الشباب, اليوم أصبح مالك الورشة لا يقبل أحدا معه, ولو لأقل من شهر, بعد أن تناسلت القوانين الزاجرة, قوانين حوادث الشغل, قوانين الضمان الاجتماعي. أفرغت أوراش العمل, ولم يبق بها إلا ذووا الخبرة والعمال المنتجون بحق.
كان المواطن يتعلم ويتدرب لدى المقاولة, ويتلقى أجرا منها وينتج في نفس الوقت. لكنه فقد مورد رزقه ومكان تعلمه بعد تناسل القوانين الغير المتوافقة أصلا مع واقعنا.
أصبحت الدولة تنفق أموالا لكي يقبل أرباب العمل المتدربين, بعد أن كان التدريب يتلقى عنه المتدرب نفسه مقابلا وترتاح الدولة من حمله.
اصبحت اليوم تتحمله ورغما عنها, لأنها تدخلت في كل شيء, وضيقت كل شيء فضاقت هي درعا بهيجان من سعت لتنظيمهم, فدمرتهم من حيث لا تعلم.
الحركية القانونية التي افرزتها السنوات العشر الأخيرة, كانت كابوسا على اليد العاملة النشيطة, التي لم تعد تجد مكانا للتدريب ولا للعمل, ولم يبق أمام الشباب غير المخدرات والتسكع في المقاهي والشوارع. صحيح أنه كلما سعى المشرع لحماية فئة على حساب أخرى, يكون مهلكا للتي يريد حمايتها.
برز بعض الشباب الحاصل على الشواهد, والغير المستعد والغير المتقبل للواقع المزري الذي اصبح يعيشه الشباب المغاربي, فحركوا الجماهير ووعدوها بانتزاع الحقوق والمكتسبات, فلبى الجميع النداء, الأمهات قبل ابنائهن والآباء والأبناء, الكل خرج ويخرج للشوارع منددا متوعدا, مستعدا للموت والحرق.
لقد فقد الأمل وتبدى للجميع أن الأمس خير من اليوم واليوم خير من الغد, لذلك يريد الجميع أن لا يعيش ذلك الغد الذي يبدوا كئيبا.
وجب على الحكومات أن تراجع نفسها, وتساير الحقوق مع الواجبات. المواطن يستحق حقوقه كاملة قبل أن يطالب بالواجبات. لا يمكن أن تطبق قوانين وجدت لحل مشاكل مدن تضم ملايين البشر, على مناطق تسعى الحكومة نفسها لتجد من يقبل السكن فيها.
لا يعقل أن يطالب ساكن "انفكو" مثلا بضرورة الحصول على رخصة الترميم لإعادة سقف منزله الذي تهدم بفعل التلوج أو المطر. كما لا يعقل أن تتطبق مدونة السير على سيارة لاندروفير التي هي الوسيلة الوحيدة لربط بعض مناطق المغرب النائية بأماكن التسوق.
الامتعاض اصبح الاحساس الغالب لدى أغلب المواطنين, رجال المال والأعمال يتوقعون الشر في كل وقت, ضرائب ومراجعات ضريبية, والحال أن ما كان مستحقا للدولة من ضرائب عليهم, حصله منهم بعض رجالها على اختلاف درجاتهم, على شكل خدمات مجانية وأعطيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.