"حماة الوطن": حصلنا على نسبة ملائمة من مقاعد القائمة الوطنية لانتخابات الشيوخ    رئيس محكمة النقض يستقبل نقيب المحامين    عودة الخدمات البنكية الرقمية والسحب والإبداع من ماكينات الصراف الآلي    رئيس أركان جيش الاحتلال: هيأنا الظروف لصفقة تبادل.. ولن نتوقف قبل تحقيق أهدافنا    منظمات دولية تحذر من «المدينة الإنسانية» في غزة: شائنة وغير إنسانية    القاهرة الإخبارية: ترامب يتمنى من الدول الأفريقية شراء الأسلحة الأمريكية لأنها الأفضل عالميا    باريس سان جيرمان بالقوة الضاربة أمام ريال مدريد في مونديال الأندية    مصطفى أبو عامر ومازن شعبان يتوجان بفضية الناشئين ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    رفضت إعطاءه المال فتخلص منها.. إحالة الأبن العاق لطبلية عشماوى لقتله والدته بالمنيرة    عائلات أصابتها لعنة الدم.. جرائم العنف الأسرىُ تهدد وحدة المجتمع.. فتحي قناوي: الفقر والبطالة وغياب الوعى والأعراف السيئة من أسباب انتشارها.. داليا العقاد: الهدف منع المرأة والأطفال من الميراث    الإثارة والكوميديا/ عمرو يوسف يتحول لبطل في "درويش"    محافظة القليوبية: افتتاح مستشفى العبور وطوخ ودخولهما الخدمة رسميا الفترة المقبلة    بالتعاون مع يونيسيف.. إطلاق دليل "دوى" لتمكين الأطفال ذوي البصائر    «البرلس للغاز» تنجح في إضافة بئر «سبارو ويست-1» إلى خريطة الإنتاج    قيادي بحماس: وافقنا على إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين كخطوة أولى لتدفق المساعدات    رئيس الوزراء: زيارة رئيس مجلس الدولة الصينى مهمة جدًا    تناولوا فول وعدس.. إصابة جد وجدة وحفيديهما بحالة تسمم بقنا    «القاهرة الإخبارية»: عملية الاحتلال في جنوب لبنان هي الأوسع    حتى 18 يوليو.. ثقافة أسيوط تطلق ليالي عرض مسرح الطفل زهرة وبهروز    بنك التعمير والإسكان يفتتح أحدث فروعه بالقاهرة الجديدة    شرب السكريات أكثر ضررًا من تناولها في الطعام    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن برنامج ندوات دورته ال18    محافظ الغربية يشهد ختام فعاليات المهرجان القومي للمسرح بطنطا    كلية الفنون الجميلة بالمنصورة تناقش 200 مشروع تخرج للطلاب    من الإكتفاء الذاتى والتصدير إلى الاستيراد…منظومة انتاج الأسمدة تنهار فى زمن الانقلاب    المنوفية.. فتح باب القبول للالتحاق بمدارس التمريض الثانوية حتى الأحد 27 يوليو    6 أعراض تؤكد أن طفلك يعاني من مشكلات في الكبد    الكشف على 833 حالة فى قافلة مجانية لجامعة كفر الشيخ بقرية فى البحيرة    تطورات حالة طبيب مستشفى بني سويف الجامعي بعد واقعة الجرح الذبحي    افتتاح أول مدرستين للتكنولوجيا التطبيقية في الأقصر    السجن المشدد 5 سنوات لسارق بالإكراه ضبطه الأهالي متلبسًا في الجيزة    السجن المشدد ل متهمين بحيازة المواد المخدرة والسلاح في المنيا    تقدم الجيش ومعاناة المواطنين.. آخر تطورات الأوضاع في السودان    77 مترشحًا يتقدمون لخوض انتخابات مجلس الشيوخ في اليوم الخامس لتلقي الأوراق    طلب ترشح لقائمة واحدة بانتخابات مجلس الشيوخ تحت اسم القائمة الوطنية من أجل مصر    وزير الزراعة يكلف الدكتور سعد موسي بالعمل وكيلا لمركز البحوث الزراعية لشئون البحوث    رسميًا.. الاتحاد الفرنسي يُعلن استمرار أولمبيك ليون في الدوري الممتاز موسم 2025-2026 بعد قبول الاستئناف    السقا يحتفل بعرض فيلمه أحمد وأحمد في الإمارات وزيزو يشاركه    توقيع مذكرة تفاهم بين مكتبة الإسكندرية والمتحف الوطني لنظم تاريخ الكتابة بكوريا الجنوبية    الحكم بسجن كارلو أنشيلوتي لمدة سنة    مجلس الإسماعيلي ينفي إغلاق أبوابه بالسلاسل في وجه أعضاء الجمعية العمومية    نمو كبير في صادرات الإسماعيلية الزراعية خلال مايو ويونيو.. اعرف التفاصيل    رئيس الوزراء: سفن التغييز تبدأ الضخ في الشبكة القومية الأسبوع المقبل    عبد العاطي: نتطلع لاستضافة المؤتمر الدولى للتعافى المبكر وإعادة الإعمار فى غزة فور التوصل لوقف إطلاق النار    عثمان سالم يكتب: إدارة احترافية    التهمته النيران بالكامل.. كواليس حريق كشك سجائر بفيصل    الأزهر للفتوى الإلكترونية: الالتزام بقوانين ضبط أحوال السير والارتفاق بالطرق من الضرورات الدينية والإنسانية    خبير اقتصادي: زيارة الرئيس الصيني لمصر ترسخ دعائم الشراكة الاستراتيجية الشاملة وتدفع مسيرة التعاون بين القاهرة وبكين    الأزهر للفتوى: متوفين سنترال رمسيس "شهداء".. ويشيد بدور رجال الاطفاء    كوريا الشمالية: وزير خارجية روسيا يزور بيونج يانج بعد غد    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    وزير الرياضة يشارك في تدشين "عمّان عاصمة الشباب العربي 2025"    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفى القرآنى» مبادرة تعزز دور الأزهر فى خدمة كتاب الله    سقوط عنصر جنائي بتهمة النصب والتزوير بالطالبية    «حدوتة حب مصر».. قصور الثقافة تحتفي بمسيرة أحمد منيب بحضور أبنائه غدًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل بناء الدولة المدنية التعددية الديمقراطية
نشر في شباب مصر يوم 18 - 12 - 2010

إن إعادة بناء الدولة العراقية بعد انهيارها نتيجة الاحتلال الأمريكي البريطاني على طريقة المحاصصة الطائفية التي ظهرت منذ تشكيل مجلس الحكم خلق إشكاليات وتعقيدات أثرت على مجمل العملية السياسية وبدلاً من اختزال الوقت للبناء والإنجاز أصبح الشوط أطول مما كان متصوراً وكان الاعتقاد بعد أن تخلص الشعب من نظام دموي ادخل البلاد في متاهات لا حصر لها وفي مقدمتها الحروب الداخلية والخارجية أن تستفيد القوى وفي مقدمتها أحزاب الإسلام السياسي التي عينت في البداية على راس السلطة من تجربة الماضي وتبدأ عهداً جديداً ينتهج المواطنة والديمقراطية والعدالة والمساواة وعدم الهيمنة والاستئثار وخرق حقوق الإنسان واحترام الرأي والرأي الآخر لكن ذلك اخذ منحناً آخراً حيث بدأ الصراع بعد انتهاء مرحلة مجلس الحكم على المناصب والوزارات ومؤسسات الدولة المهمة، ولم يقتصر هذا الصرع على جانب واحد بل توجه إلى سن قوانين تستفيد منه القوى التي هيمنت على السلطة بواسطة التوجهات السياسية الدينية والطائفية وكونت كتل جوهرها طائفي على الرغم من الادعاءات الوطنية مما زاد الطين بلّة استغلته القوى الإرهابية والمليشيات المسلحة ومافيا ارتدت أقنعة متنوعة فكان الاضطراب الأمني الواسع الذي خلف مئات الآلاف من الضحايا وتدمير واسع مما جعل الأوضاع أكثر سوءً وفي مقدمتها قضية بناء الدولة المدنية، وما يستشف من كل هذا وكذلك الإشكاليات العديدة أن آفاق تطور العملية السياسية لقيام الدولة المدنية التعددية الديمقراطية تبدو للعيان معقدة تجابه صعوبات جمة من بينها التسلط والاستئثار وهاجس الخوف من فقدان السلطة والمكاسب الحزبية والشخصية وهذا قد انسحب على العلاقات الجانبية السابقة والجديدة الحالية مع القوى الخارجية وتأثيرات هذه القوى على القرار الداخلي وإضعاف شعور الانتماء الوطني، وقد يخطأ من يعتقد بسهولة الانتقال من واقع المحاصصة..أولاً: الطائفية وثانياً: الحزبية إلى المواطنة في قضية مناصب الدولة من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئاسة مجلس النواب ورئيس المجلس السياسي الذي استحدث مؤخراً والذي لم ينص عليه الدستور بحرف واحد وهذا الأخير كمثال ساطع على مفهوم تقاسم السلطة وفق التوافقات بين الكتل المؤثرة على السلطة ومن هنا نلاحظ تعقيدات الوضع السياسي القادم باعتباره سيكون امتثالياً لروحية التقسيم وخدمة للمصالح الحزبية مكرساً مفهوم " مَنْ " يهيمن على الدولة أي السلطة يستطيع تمرير الهدف الذي يسعى إليه.
إن المواجهة التي تتصاعد بين القوى الوطنية والديمقراطية ومئات الآلاف من العراقيين لهذا المشروع المضر بالعملية السياسية والدستور وبمستقبل بناء الدولة المدنية ( دولة المساواة والمواطنة ) على الرغم من بطء تطورها سوف تستمر وتتطور ولن تبقى في حدودها الحالية وهي ملازمة لتطور التيار الوطني والديمقراطي وتأثيراته المستقبلية على مجمل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وليس اعتباطاً عندما يستنتج بان هذا التيار ما زال ضعيفاً جماهيرياً وانتخابياً مما يعرضه إلى الحصار من قبل القوى الكبيرة المتصارعة والمتناقضة على الرغم من التوافقات المصلحية وهي عملية طبيعية لتصادم المصالح الطبقية والحزبية، وهذا الحصار ثم التجاوز على الحقوق يتعكز على الدستور الذي خُرق وسيُخرق مستقبلاً بدون خجل أو حياء من أنفسهم لأنهم هم الأساسيين في كتابته وتشريعه، وقد خلق هذا الخرق استخفافاً بالسلطة القضائية التي كان من المفروض أن تكون حارسة عليه وعلى مجمل الأوضاع القانونية التي شرعت بهدف بناء الدولة المدنية ومنع السلطات وبخاصة التنفيذية من خرقه تحت أية حجة، والمتابع الجيد استطاع أن يضع إصبعه على الكثير من التجاوزات والخروقات في مقدمتها عرقلة تشريع قوانين عادلة وسن قوانين خدم الهدف المذكور أعلاه وفي مقدمتها قانون الانتخابات الذي صيغ بطريقة مقصودة للاستيلاء على أصوات الناخبين ومنع أية قوى تتبنى في سياستها مبدأ المواطنة وتحقيق الديمقراطية والمساواة بغض النظر عن الطائفة والدين والقومية والعرق ومنع أي شكل للحضور في مجلس النواب كي لا يجابهوا أية معارضة حتى لو كانت صغيرة ومحدودة، ومن هذا المنطلق ندرك كم هي تعقيدات وصعوبات السير بالعملية السياسية لتحقيق هدف بناء الدولة ومؤسساتها بشكل ديمقراطي وهو ما جرى منذ إعادة بناء المؤسسات الأمنية وفي مقدمتها الجيش والشرطة حيث استغلت القوى المهيمنة عملية البناء لزج الكثير من منتسبيها وأعضائها في هذه الأجهزة وفي المقابل استغلت هذه الظاهرة القوى المعادية للعملية السياسية لتمرير عناصرها تحت واجهات عديدة في مقدمتها الانتماء الجديد لأحزاب الإسلام السياسي بشقيه وبهذا واجه الشعب والبلاد مأزق أمني كبير وخاصة في قضايا العنف بواسطة السلاح والتفجيرات والمفخخات واللاصقات والاغتيالات ولم تنفع إلا مؤخراً التحذيرات التي طالبت بتدقيق هذه العناصر وكيفية اند ساسها واختراقها والتي كان القسم منها موالياً للأحزاب السياسية الدينية وقسماً آخر يأتمر من قبل قوى خارجة عن العملية السياسية وفي مقدمتها بقايا فلول للنظام السابق من بعثيين ومخابرات ورجال أمن وفدائي صدام وغيرهم ومن القوى التكفيرية والمليشيات الطائفية المسلحة وقد ثبت ذلك بعد أن وصل النخر للعظام واعتراف كبار المسؤولين في الحكومة والأجهزة الأمنية بخرق القوات الأمنية، وهذا الوضع كان وما زال من العوائق الرئيسة لاستكمال بناء الدولة واستتباب الأمن والنظام وهدفه استمرار ضعف القوات المسلحة العراقية والمؤسسات الأمنية الأخرى كي لا تستطيع القيام بدورها الوطني الخارجي والداخلي عند خروج القوات الأجنبية وتسليم الملف الأمني لها.
إن الحديث عن الآفاق المستقبلية لا يقتصر على كل ما ذكرناه بل يتجاوزها إلى قضايا كثيرة تشمل كل نواحي المجتمع العراقي والقضايا الأخرى المرتبطة بالبلاد وتدخلات العلاقات مع دول الجوار وهذا الكم من المعوقات يحتاج إلى دراسة مستفيضة وإيجاد الحلول الوقتية القريبة والحلول بعيدة المدى، فالحاجة القصوى الآنية وبعد تشكيل الحكومة الجديدة بالموفقة والتقسيم يجب أن يقوم على نوع من المصالحة الوطنية ( هنا لا نتحدث عن المجرمين السابقين والحاليين ) وإعادة الثقة بدء من المواطن تجاه الدولة وسلطتها، كما تقع على عاتق القوى السياسية المتصارعة الاحتكام إلى الدستور والقوانين المرعية وإعادة الثقة النسبية لمبدأ انتقال السلطة سلمياً بدون العنف والتآمر وهو مبدأ مهم في إعادة تكوين الوضع الفكري السياسي الديني والوطني والقومي و الديمقراطي وبه تستطيع أية حكومة في المستقبل منتخبة ديمقراطياً ووفق قانون للانتخاب عادل لا يغمط حق أي مكون مهما كان حجمه وتشريع قانون حقيقي للأحزاب لمعرفة مصادر التمويلات المالية والحجم التمثيلي للفئات والطبقات التي تمثل مصالحها هذه الأحزاب ثم الاستمرار في تشريع قوانين العمل والضمان الاجتماعي ودمج الأخير مع قانون التقاعد العام وقانون الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين التي تحمي المجتمع والدولة من العودة للحكم الفردي الدكتاتوري، وتطوير مفهوم الحكم المدني على أساس عدم التدخل في شؤون منظمات المجتمع وفي مقدمتها نقابات العمال، إلى حين ذلك سيبقى هاجس الخوف من حرف التوجه لقيام دولة عصرية حضارية قائماً بسبب التجاوز المستمر على الحريات العامة والشخصية واستغلال السلطة لإصدار قوانين وقرارات تخدم توجهات المشروع غير المعلن لقيام الدولة الدينية وما يجري في البعض من المحافظات وفي مقدمتها بغداد من مضايقة للحريات والتجاوز على الحقوق وتطبيق الشريعة بشكل يستهدف إلغاء الآخر وخير مثال ما صدر من تصريحات وتلميحات وتهديدات بلغة لإدانة القوى المعترضة بالفسق والفجور وسوء الأدب والانحراف وحتى بالإلحاد دليل يضاف إلى أدلة غير قليلة على أن هذا النهج يراد منه تحقيق الهدف الكامن في جوهر المشروع وإلا كيف يفسر إلغاء العديد من الفعاليات والأمسيات الفنية المختلفة بحجة الدين والتشريع، ويبقى الصراع السلمي غير العنفي منهجاً للقوى الوطنية والديمقراطية لتعرية وإيقاف مشروع التحكم والسيطرة اللاقانونية الذي يحاول فرض قراراته ومنهجه بالقوة واستغلاله المناصب والمسؤولية في مجالس المحافظات لتوجيه الشرطة المحلية للقمع وملاحقة أية معارضة سلمية تقف بالضد من التوجهات المضرة ببناء الدولة المدنية الديمقراطية وهذا لا يعفي الحكومة كسلطة تنفيذية من مسؤوليتها باعتبارها الجهة التنفيذية الوحيدة التي تستطيع منع التجاوز على الدستور وحقوق المواطنين وإيقاف التجاوزات على حقوق المواطنين العراقيين فضلاً عن السلطة القضائية المسؤولة عن تطبيق القوانين التي تخدم الشعب وليس القوانين الاعتباطية العشوائية التي تصدرها البعض من مجالس المحافظات بحجج ومسوغات لخدمة أغراضها الشخصية والذاتية وتوجهاتها المنافية لروحية التسامح والمساواة بين أبناء الشعب والمضر بعملية بناء الدولة الحضارية المتمدنة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.