ذهب بملابسه ذات الملامح الصارمة بخطوات ثابتة قوية يتجه الى هناك ليتحرر من كل ما تجبره عليه وظيفته من مظاهر لابد ان يبدو عليها، لأنه هنا فقط يستطيع ان يظهر كأى انسان عادى، فهنا والدته ذهب اليها ليحكى لها ما فعله ويطلب منها العون والدعاء، وهو يحكى امتلأت بالدموع عينيه الا انه تحكم بها فلم تتساقط دموعه لأن امثاله لا يبكون، نعم انه بشر يبكى ويفرح ،الا انه قد يبكى بداخله فالدموع الظاهرة التى تراها العين لا تتفق مع شخصية امثاله ،بكت عينيه خوفا من المسئولية وما اتخذه من قرار خطير، نزل على الارض تحت اقدام والدته مستندا على قدميه كالاسد ينظر اليها بعينين تملأهما القوة والدموع والخوف ،قوة استمدها من ايمانه بالله، ودموع فرحة شعر بها عندما استطاع ان يسعد الكثيرين، وخوف من الله مما هو قادم من مسئولية، سألته امه: هل انت على ثقة بأنك اتخذت القرار الصحيح؟ فأجاب لم اتخذ شيئا من نفسى بل تلقيت الامر ونفذته فور صدوره فقد اقسمت يوما ان احمى من تلقيت منهم الامر، وقد تعلمت منك يا امى الوفاء بالقسم والعهد، فسألت الام: هل انت راضى عن نفسك؟ فقال لها انظرى من نافذتك وابحثى عن الفرحه والسعادة فى عيون الناس فلو وجدتى غير ذلك فأنا جاهز لأى عقاب، فذهبت الام الى النافذة فوجدت فرحة عارمة تملأ كل مكان بالخارج، فعادت تبكى سعيدة بما رأت،وسألته :هل استئذنت احد ؟هل تشاورت مع احد ؟ فأقسم انه تلقى الامر ممن رأت الفرحة فى عيونهم ونفذه على الفور دون الرجوع الى احد لا فى الداخل ولا فى الخارج، فهؤلاء خرجوا بعد ان طفح بهم الكيل من كذب وضلال وتضليل ،خرجوا بعد ان تيقنوا ان ام الدنيا فى خطر، فبكت الام وتساقطت دموعها وقالت هذا هو ما علمته لك، فحافظ على عهدك مع هؤلاء ويسوف يحميك الله من كل شر . تخيلت ان هذا ما دار بينك وبين والدتك عندما قرأت تصريحاتك منذ ايام التى قلت فيها: انك ذهبت الىها بعد قرارك الذى استجبت فيه لاراده الملايين، فدعت لك المولى عز وجل ان يحميك من كل شر، ايها الفريق اسمعنى: لقد كنت كتاجر السعادة الذى قرر بيعها من اجل فقط ان يراها فى عيون الملايين دون النظر الى مصلحتك الشخصية، فكان اولى لك ان يظل الوضع كما هو وكنت ستحتفظ بمنصبك لاربع سنوات كاملة، ولو آتى نفس الشخص او شخصا آخر من نفس التيار رئيسا كنت ستضمنه لأربع سنوات آخرى، الآن اتذكر تلك اللحظات التى اقشعر فيها جسدى، اتذكر تلك الفرحة العارمة التى تعمقت حتى تملكت القلب والكيان عندما رأيتك تقف كالاسد تستجيب لندائنا، وفى بيان 3 يوليو حققت لنا ما اردنا مع وعد قاطع وصريح ان المؤسسة العسكرية ستظل بعيده عن المعترك السياسى وانها فهمت جيدا نداء الشعب الذى طلب منها ان تحمى ارادته لا ان تحكمها، ولكن ها هى الاصوات تعلو لتطالبك بالترشح لرئاسة الجمهورية مع اجابات متأرجحة منك تفتح الباب نحو رجوع فى وعد قاطعته معنا، بكل تأكيد انك قمت بعمل تاريخى اكبر دليل على وصفه بذلك ما قاله رئيس الاركان الامريكى السابق، فقد قال: بأنك انهيت مشروع امريكا فى الشرق الاوسط بإزاحتك لنظام مرسى، ما فعلته ليس جميلا بل ردا للجميل لذلك الشعب الذى صنع من قوت يومه منك قائدا عسكريا فذا، ولكن هل تظن ان طريق ترشحك للرئاسة هو افضل الطرق لك ؟ امامك طريق من ثلاث ان تظل فى منصبك وزيرا للدفاع ولكن فى حالة انتخاب رئيس جديد اعتقد ان الدولة وقتها ستكون برأسين، اما ان تختار طريق عبدالرحمن سوار الذهب قائد الجيش السودانى الذى استجاب لاحتجاجات شعبية عارمة فى ابريل عام 1985 وعزل جعفر النميرى الرئيس السودانى ثم ادار البلاد لمدة عام وترك الحكم بعدها لسلطة منتخبة ثم اعتزل العمل العام وهذا ما افضله لك ،صدقنى ذلك الطريق ستحفر فيه اسمك بحروف من نور داخل وجدان التاريخ المصرى، سيظل اسمك قرينا بكل ما هو عظيم، سيكون اسمك فى مقدمة عظماء هذا الوطن على مر تاريخه، واما اذا اخترت الطريق الثالث وترشحت لرئاسة الجمهورية _وهذا ما لا اريده لك_ فأعلم انك بذلك الطريق قد تهدم كل ما فعلته، ففكر جيدا قبل ان تفعلها. ما اريده لك ان تشارك فى اجراء انتخابات رئاسية نزيهة تشرف عليها الاممالمتحدة ثم تقدم استقالتك من منصبك كوزير للدفاع بذلك ستجبر العالم اجمع على احترام ثورتنا وقد تآتى يوما ما رئيسا بعد ذلك بعد ان يكون اسمك اصبح فى سماء التاريخ خالدا، انى اعلم انك ولدت لتكن زعيما ويكفى فقط انك اتخذت قرارك دون ان تستشير اسياد العبيد بل عندما حاول اوباما ان يهاتفك رفضت الاستجابة لمحاولته وكان ردك بأن هناك رئيسا للجمهورية يستطيع اوباما ان يهاتفه، ولكن لو اخترت الآن وهم السلطة وقررت ان تسير فى الطريق الثالث واستجبت لضغوط من حولك واغراك بريق السلطة وتراجعت عن وعدك فهل ستقدم لنا كشف حساب بما فعلته وستفعله مستقبلا؟ هل تؤمن بمبادئ الثورة ؟هل ستنتصر للبسطاء؟ هل بالفعل ستصبح مصر "قد الدنيا" كما وعدت؟ اما انه سيكون وعدا كالذى قاطعته بأنك لن تترشح؟ هل سترفع الغطاء عن قيادات عسكرية سابقة حتى نستطيع محاكمتها؟ عليك ان تعلم ان اخترت ذلك الطريق فامامك اما ان تكون كناصر فى العدالة الاجتماعية وشارل ديجول فى الديمقراطية، واما ان تنتظر نزولنا الى الشارع لكى نسقطك، لن يخيفنا قانون تظاهر ولن تخفينا بوابات حديدية قد يتم وضعها لتغلق ميادين التحرير فى انحاء البلاد ،انى اشعر بكل امتنان نحو ما فعلته لنا ولكن فكر جيدا قبل ان تفعلها فأنت الآن تغامر بالتاريخ، وتأكد انه عندما نخرج عليك سيستجيب لنا الجيش حتى وان كنت قائده السابق .