تملأ السعادة قلوب النواب الناجحين فى الانتخابات المصرية ولعلهم من القلة السعيدة فى مصر هذه الأيام ، و يشاركهم فرحتهم الأغنياء الذين ساعدوهم فى هذا النجاح وحافظوا على مناصبهم التى يتمتعون بها منذ عقود ، وهؤلاء فرحون بالدنيا التى تقبل عليهم ولا تدبر ، ويستبشرون بالعيش الرغيد والعمر المديد والمستقبل الواعد بكل السلطة و المزيد من الثروة . أما أهل المحروسة البسطاء فمازالت الأحزان تضرب حياتهم يوما بعد يوم حتى تعودوا العيش مع الأحزان ، و تحجرت بسماتهم على الشفاة واختنقت فرحتهم فى الصدور ونسوا مذاق الأفراح وطعم السعادة ويبس الحب فى قلوبهم ! فالفقراء يعيشون حياتهم بطعم الموت ، والمعدمين احتضنوه عندما سكنوا المقابر وهم بعد أحياء ، ونال البؤس من مستقبلهم ولم يعد للأمل مكانا لديهم بعد أن طرده اليأس من كل الأماكن ! فوسائل الحياة غابت وندرت وطرق العيش ضاقت وصعبت ، ومازال الفقراء يتنادون كيف ننفق الحد الأدنى الذى قررته حكومتهم الناجحة فى الإنتخابات و قيمته 400 جنيه شهريا ، ولكن أحدا ممن حددوه لا يرد عليهم ، وكان الحكومة تدعو الفقراء للسرقة أو أخذ الرشوة أو النصب على بعضهم البعض أو الانتحار يأسا من الحياة ، ولعل كل ذلك تحقق بالفعل على أرض المحروسة ! ويبدو أن أحزان الفقراء لا تأتى إلا تباعا ، فبعد غلاء أسعار اللحوم جاءت الفاكهة والخضراوات بأسعار خيالية ، ومن بعدها رأينا صحوة السكر، وأخيرا جاءت الضربة القاسمة فى غلاء الفول الذى يملأ بطون المصريين مع شريكيه الخبز والبصل! لم يعد المصريون البسطاء الفقراء الغلابة يستطيعون الحياة مع الجوع والفقر والمرض والجهل ، فالأمور ساءت والمصاعب هاجت ، ويكاد الطوفان يغرق الجميع بعد أن سرقوا الجبال التى كانت تأويهم و خربوا كل السفن التى كانت تقلهم لأرض الأمان ، فهل من رجل رشيد فى ديار المحروسة ينشر العدل ويرفع الظلم ويعيد توزيع الثروات على أبناء مصر لتقل أعداد الفقراء حتى لو قل عدد الأغنياء !