قبل سفرى من مصر وحتى من خلال تبادلى الحديث مع أصدقاء أعرفهم أو اخرين جدد، لاحظت وفى تعجب من أن الشاب المتأسلم عنما أتناقش معه فى أمر ما دينى كثيرا وعادة ما يستشهد فى كلامه بمواقف وعبارات رجال الدين الجدد فى عصرنا الحالى ، بل انه يكاد يشبهه حتى فى طريقة كلامه وصوته المستعار ، أجده يحاول جاهدا أن يتقمص شخصيته ، ومن الداعى للضحك فى ذلك أنه يدخل فى حديث معى ولأول مره ويعتقد اننى أنثى فيقول عبارات إسلاميه تجعلنى لو أننى فتاة أحبه دون أن أراه لخوفه الشديد عليا من الفتن ، وبارك الله فيكى _ وياأختى_ وجزاكى الله خير_ وغيرها من العبارات التى تلبسه رداء الداعيه المقتبس وليته كان أصلى_ واخر عندما أتحدث معه فى أمر من الأمور السياسيه أجده يستشهد بكتاب بارزين ومعروفين أو بكاتب جديد وكأنه صاحب حمله دعائيه له، ويتقمص شخصيته ويحفظ عباراته ويتعصب لعصبيته ويصارع من أجل تبليغ دعوته ، حتى أنها تصل لصراع دموى ، ولا أستبعد من ذلك أن ما يحدث فى الشارع السياسى المصرى المعارض والمؤيد من نتاج هذا الإتباع الضال والتقليد الأعمى _ فأرى الشارع المعارض حتى ضد المرأة على جانبين :- جانب متأسلم يقلد ويردد ويندد على لسان أناس قد لا يعرف تاريخهم وهدايتهم من أين بدأت _ وجانب مسيس يقحم على نفسه السياسه وهو يهوى الطرب الصاخب، يبحث عن شغلة للفراغ القاتل ، يتبع ويقلد ويردد ويحفظ عن ظهر قلب ويتعصب ويشجب ويصارع ،أقول فى شأن المتأسلم ومن باب حرصى وخوفى على الإسلام من أمثاله ، أنه يقلد ويتبع ويردد أفضل من أن يثقل على شارع الفتوى فتاوى وأراء قد لا تسيئ للاسلام والمنهج الاصولى ، الذى يتبعه الكثير من أهل الدعوه وسير الجماعه ، وأعتقد أن الخطأ من قبل الدعاه الملتزمين بالنص والسلف وصحيح العقل خطأ يجزى عليه ، بشرط أن يكون على علم ودرايه بالدين من شتى جوانبه ولا يأخذ بطرف النص ولا مجمله إنما الدين يسر وإلتزام مطبق وإصلاح موثوق فيه_ أما المقلد لكاتب سياسي فهو لايعطى نفسه فرصة أن يجادله ولو حتى فى نفسه ومن داخله ، بل قد يصل الحال أن يعتبره بمنزلة الانبياء والصالحين وعباراته حديث والعياذ بالله ، والغريب فى ذلك أنه دائما ما يرجع أمر الدين الى عقله دون النص ، وإذا تعارض الدين مع مسألة من يتبع ويتقمص ويقلد ، أبعد الدين عن السياسه بحجج وبراهين ما أنزل الله بها من سلطان على العقل الناقد البصير، وغالبا ما يكون مثل هذا العقل قد تربى على يد كتاب يقرأ لهم ويسمع لخطبهم وقد أغلق عقله وبصيرته وصار يردد ، وهو لا يعلم ما بداية الاصلاح؟ لا يدرى أن إصلاح النفس أولى من إصلاح المجتمع ، لا يعمل عقله ولا يفكر ولا يتدبر ولا يتعظ ، وإن أخبرته بحقيقة أمره يغضب وقد يدمى على الارض من شدة غضبه ، لا يعلم أنه من أراجوزات رجال اللعبه السياسيه ، هؤلاء الرجال الذين إستغلوا فراغه وما يعانى من مشكلات ، وخاصة أن هؤلاء الكتاب يحتاجون إلى ما يدعم أراءهم ومن يطرب بعباراتهم ويصفق لهم ، وإلا إختبئوا كما سبقهم الكثير ، ولكن منهم من نجح وأشتهر وأعتلى المسرح دون منافس ، ومنهم من خابت اماله ورجع وندم بل والعجيب أنه يكتب فى الدين بدلا من السياسه الان،أما من إعتلى المسرح فقد تعب وربى عقولا أسحرها بكلامه وصارت على سن قلمه كالصلصال يشكل فيه ما شاء،أقول لو أن هذا المقلد والمردد ربى عقله على دراية وبصيرة لها اساس يعود إليه ولها إجابات فى عقله دون البحث عن إصدارات كاتبه المفضل كى يأخذ منه ويحفظ ويردد ويعجب_ سيجد صاحب العقل الناقد حلا لمشكلاته، سيتحلى بالأخلاق والفضائل التى فطر العقل عليها ، سيستخدم صنع الله وليس العباد ، سيصلح من نفسه ويصلح منه المجتمع ، سيقرر إن كان ما يسمع صحيح أم خطأ ، يناسب العقل والنص أم لا _ سيعرف أنه كاتب بين نفسه _ لديه الموهبة والإبداع ولكنه يتحاشى من أن يدخل نفسه فى لعبة قذره وكما قال سيدنا شعيب :_ ويا قومى إعملوا على مكانتكم إنى عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب فأرتقبوا إنى معكم رقيب