يحكى أنه حدثت مجاعة بقرية...فأخبر الوالي أهل القرية، بأنه سيضع قِدرًا كبيرًا في وسط القرية. وأن على كل شخص أن يضع في القِدر كوبًا من اللبن دون أن يشاهده أحد؛ فهرع الناس لتلبية طلب الوالي، وفي الصباح فتح الوالي القدر ولكنه لم يجد اللبن، التي تحتاجه القرية، ولكن وجد القدر وقد امتلاء بالماء!!! فأين ذهب اللبن؟ لقد ذهب اللبن نتيجة اللامبالاة والذاتية. فكل فرد قال في نفسه:" إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية ". فكل منهم اعتمد على غيره ... وكل منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها أخوه, و ظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن؛ والنتيجة كانت أن الجوع عم القرية ولم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات. وهذا ما نجد عليه أنفسنا الآن؛ فحالة الفقر، و الضياع، و التشتت تسيطر علي الشعب المصري، وظهرت حاله اللامبالاة على المستويين الوجداني و النفسي. فلم نعد نهتم بما يحدث حولنا، كل شئ يدمر ونحن ننظر إليه وكأنه أمر لا يعنينا القيم تتبدل، والشوارع تزدحم، والمياه تلوث، والأطفال تشرد، والدنيا تتغير، والظروف من سيئ إلي أسوء . ونحن لا نفعل شئ سوي أن نمصمص الشفاه، ونقول( يرحم أيام زمان، الرغيف فيه كان قد كده، وكيلو اللحمة كان بجنيه، والدنيا كانت فاضيه، والشقق كثيرة!!)ولكن السؤال: الآن لماذا وصلنا إلي ما نحن فيه؟ لماذا كل هذا الصمت والاستكانة؟ أعتقد أن هذا يرجع إلي الحالة الاقتصادية المتردية لنا، فكل فرد يبحث عن ما يسد رمقه، وجوع أطفاله ،فكل همه هو الحصول علي كم من الأرغفة سيحصل عليه بعد وقوفه ساعات طويلة في طابور العيش. ثم كيف سيصل بهذه الأرغفة إلي عشته في أقصي المدينة. وإذا وصل إلي عشته الموجودة تحت صخرة. سيفكر هل سيأتي عليه يوم جديد؟ وإذا عاش هل تعتقدون انه سيكون لديه أي انتماء لهذا البلد ؟وهو يري الفيلات المهجورة فوقه ،والملايين المهدرة علي الراقصات . فيشعر أنه بلا قيمه، وأنه يعيش في غابه القوي يأكل الضعيف، فيتقوقع في ركن جحره يخشي الخروج ،والمشاركة ويتلقي ما يرمي له من فتات الحرية. ولكن كفي للامبالاة، و الذاتية،ومقولة يلا نفسي.والباب اللي يجيلك منه الريح سده وأستريح،ولكن افتح الباب وواجه الريح .فنحن لن نخرج من هذا المأزق إلا بأنفسنا .فهيا لنضع كوبا من اللبن في القدر بدل من الماء المسكوب طوال اليوم. صحفية مركز مداد الدولي