من طريف الأخبار ما طالعتنا به الصحافة المصرية عن انضمام عبد الواحد السيد حارس مرمى الزمالك إلى حزب الوفد, واستعداده لخوض غمار انتخابات مجلس الشعب في الدورة القادمة, ومع ما في الخبر من طرافة , يجب ألا يمر علينا مرور الكرام . فمع التسليم بصحة الخبر نجد أنفسنا أمام عدد من الأسئلة لابد منها. الأول : هل عبد الواحد السيد صاحب فكر سياسي وثقافة حزبية , ووعي بحقيقة الواقع المر الذي يعيش فيه جل المصريين , يجعله أهلا لخوض غمار الحياة السياسية ؟ أشك في ذلك , فمن خلال متابعتي لعدد من الأحاديث التليفزيونية أجريت مع عبد الواحد السيد استطيع أن أستشف سمات شخصيته , هو حقا مهذب , وصاحب منطق راق , لكنه شخصية ليست ذات فكر, مثل أغلب المصريين , هو ممن يعيشون على هامش الحياة , غير معني بما يحدث حوله , فلم نره يوما رافضا لما يحدث في الشارع المصري , ولا موافقا , مع أن بعض المشاهير لهم رأي في كل ما يدور في مصر . فهناك عدد من الفنانين المحترمين أصحاب رأي فيما يجري على الساحة العربية والدولية, وفيما يجري داخل المجتمع المصري, نتفق أو نختلف معهم, لكنهم أصحاب رأي واضح وصريح. بمتابعتي لهم لم يتغير رأيهم ليناسب ما هو سائد , ولم يركبوا موجة المصالح في يوم من الأيام , مثل حمدي أحمد , وعبد العزيز مخيون , ونبيل الحلفاوي وغيرهم كثير , لكن لا يوجد لاعب كرة واحد صاحب رأي ؛ لأنهم ليسوا أصحاب فكر سياسي , وهذا ليس ذما ؛ فأكثر من 90% من الشعب المصري ليسوا أصحاب فكر سياسي , ولا دخل لهم بما يجري من حولهم , يعيشون على قول :" من يتزوج أمي أقول له يا عمي " أما السؤال الثاني : هل خلا الوفد من كفاءات قادرة على العطاء السياسي ؟ أظن أن داخل حزب الوفد كفاءات عظيمة أصحاب فكر وتاريخ قادرة على العطاء أفضل من حارس مرمى الزمالك , كفاءات قادرة على مخاطبة الجماهير بفكر ووعي , وقادرة على توصيل صوت الحزب للجماهير , كفاءات لا يقدر أحد على استمالتها ؛ لأنها مؤمنة بمبادئ الوفد , ولا يمكن أن تبيع الحزب يوما . والسؤال الثالث : هل أفلس الوفد فاتجه إلى " شو " إعلاني لجذب الأنظار إليه ؛ فعبد الواحد السيد اسم لامع في المجتمع المصري , الكل مشغول بأخباره ؟ هذا ما أخشاه فلهذا الحزب شيئا في قلب رجل الشارع , ولأبنائه احتراما في نفوس المصريين وبخاصة أبناء الدلتا ,فلو أن الأمر كذلك فقل على الوفد السلام . ألم يسأل قيادات الوفد أنفسهم لماذا لم يتجه الحزب الوطني لاستقطاب لاعبي الكرة إليه , فهناك من هم قادرون على تجيش الجماهير حول الحزب , وبدون مصاريف من خزينة الدولة , مثل أبو تريكة , وشيكابالا , وجدو ؟ ولماذا لم يستقطب حسن شحاتة مثلا؟ فأي واحد منهم لو خاض معركة انتخابية في مواجهة عبد الواحد السيد لاكتسح بلا شك , الحزب الوطني يعي جيدا خطورة مثل هذه الأمور , وتعلم قياداته ما الذي سيقال من رجل الشارع , وهو أكبر بكثير مما يتوقعه أحد . حقيقة أجبر الحزب الوطني كل الأحزاب على الإفلاس , وجعل أعضاءها خيالات مأتة , لكننا مازلنا لا نعدم بعض واحد من أعضاء المجلس يحاول إثبات عكس ذلك , وكلهم مخضرمون , قادرون على تدريس السياسة , فاهمون وضع المجتمع فهما حقيقيا , ليسوا من رواد مستشفي السرطان من أجل صورة تلتقط , هم أكبر من ذلك بكثير , وبعضهم يدير بحنكته الأمور مع أنه خارج المجلس الموقر , وله كلمة مسموعة لا يستطيع أحد الاستهانة بها , فهل يمكن أن يكون عبد الواحد السيد واحدا من هؤلاء ؟ التجربة تقول : لا , فهذا أحمد شوبير واحد من أعضاء المجلس , ما الذي قدمه لمصر؟ هل حضوره لعزاء في طنطا ومطالبته برصف طريق , وتوسطه لإخراج ابن عائلة فلان من الحجز هو دور عضو المجلس ؟ إن دور عضو مجلس الشعب أكبر مما هو راسخ في ذهن كثير من الأعضاء المحترمين , إن دور المجلس دور تشريعي , ولمن لا يعي ممن يريدون الترشح للمجلس القادم خطورة كلمة " تشريعي " نقول له : إن حياة الثمانين مليون رهن كلمة منك عفوا يمكن استثناء ألف أو ألفين لا تعنيهم القوانين , ولا يهمهم التشريع في شيء ؛ لأنهم فوق القانون وفوق المجلس الموقر , ولا يقدر عليهم غير الخالق وسوف يتعلقون في رقبتك يوم القيامة مطالبين بحقوقهم . أتمنى ألا يكون استقطاب عبد الواحد دليلا على إفلاس الوفد , فهو قد يكون مكسبا لأي فريق كروي , لكنه خسارة لقيمة الوفد في أعين المثقفين الفاهمين , قد يحقق نجاحا منقطع النظير لو شارك في الانتخابات , لكن الخسائر أكبر .