اهتمت وسائل الاعلام العربية بجولات كيري لتقريب الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني ، قبل ان يبتلعها الانشغال بتغطية الاحداث في مصر عقب احتجاجات 30 يونيو ،وسوريا خاصة بعد اعلان امريكا وفرنسا عن امكانية التدخل العسكري ردا على استعمال النظام لأسلحة كيماوية محظورة ، و لم ينل استئناف المفاوضات بعد جمود دام لثلاث سنوات أي تغطية خاصة او تفاعل من الشارع العربي بل تم تجاهله تماما ، رغم الترحيب الدولي الواسع الذي عقد الامال على التوصل الى اتفاق سلام دائم ، ربما لان هذه المحادثات التي انطلقت لم تحمل جديدا لا في الشكل ولا المضمون ،بل بدت كإعادة ركيكة لسيناريو قديم ، واهم المؤشرات التي تدل عن ان هذه المفاوضات لن تحمل تقدما ملموسا للقضية الفلسطينية هي : _ ميزان القوى لم يحدث به أي تغيير وهو ما يزال لصالح الطرف الاسرائيلي والولايات المتحدة نجحت في تسويق منظومة تفاوضية تقوم على الخلل الفادح في موازين القوى ورجحان كفة اسرائيل حتى اصبحت مقبولة ومشروعة عربيا ودوليا ، واهم العوامل التي عززت الضعف الفلسطيني هي الوضع العربي المتدهور والذي تعامل مع المسالة الفلسطينية كعبء يجب التخلص منه مهما كان حجم التنازلات وجسامتها التي يجب تقديمها ،فضلا عن الانقسام الذي استمر رغم محاولات المصالحة ، وهو الذي تجسد في بدء السلطة المفاوضات رغم معارضة الفصائل الفلسطينية . _ حل الدولتين و اقامة دولة فلسطينية يتم تدميره يوميا بسبب استمرار الاستيطان فمساحة الارض التي يمكن ان تقوم عليها دولة فلسطينية تتآكل واللوبي الاستيطاني من القوة والنفوذ و التأثير بحيث لن يسمح لحكومة نتنياهو ان تجمد او توقف عمليات البناء دون ان تدفع ثمنا سياسيا مما يجعلها تتراجع عن المحاولة وتفضيل القيام بتنازلات في ملفات اخرى ، كما ان فرص اقامة دولة قابلة للحياة وغير معزولة وتتمتع بالسيادة لا يمكن ان تتحقق في ظل الشروط التي تفرضها اسرائيل للحفاظ على امنها ، هذا اضافة الى ان الخطة الفلسطينية القائمة على بناء مؤسسات دولة على ارض الواقع لفرض فكرة امكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة تعاني من مشكله هيكيلية هي فقدان دعامة تمويلية مستقلة فالاقتصاد الفلسطيني اقتصاد خدمات يعتمد على المعونات الامريكية والدولية ومن ثم فهذه المؤسسات تفتقد للاستقلالية وستبقى مرتبطة بالتغيرات الدولية . _عملية تهويد القدس ما تزال مستمرة ،والقدس ظلت في الخطاب الاسرائيلي عاصمة موحدة لإسرائيل والإجراءات التي اتبعتها اسرائيل على ارض الواقع تسير في هذا الاتجاه وهو ما يقوض الاقتراح الفلسطيني بجعل القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية . _لم تطرح أي اليات لمعالجة القضايا العالقة الخلافية من خلال هذه المفاوضات ، والتي يمكن من خلالها التوصل الى تفاهمات تتوج باتفاق نهائي . يبدو ان الشارع الفلسطيني والإسرائيلي قد استشعرا الامور السابقة ،وقد ظهر هذا في مدى الخيبة وعدم الثقة في استئناف المفاوضات الذي سجلته استطلاعات الرأي المحلية ،وعلى الارجح فان نتنياهو حصل على تلميع مجاني لصورته وصورة اسرائيل الدولية خاصة بعد فشل فكرة " السلام الاقتصادي " والتي لم تشكل بديلا للتسوية السياسية ،كما انها خففت شيئا من الضغوط الدولية والانتقادات التي كان اخرها موقف الاتحاد الاوروبي من استمرار الاستيطان ، اما الجانب الفلسطيني فقد استفاد من استئناف المفاوضات اطلاق صراح عدد من الاسرى ، غير ذلك لا جديد في هذه المفاوضات رغم تصريحات المسئولين الاسرائيلين انه سيتم تقديم تنازلات من اجل احلال السلام ، والأيام القادمة ستوضح لنا مآلات هذه المفاوضات ونتائجها .