الكل يبحث عن “هوية ضائعة "يرى “الحل” في انتشالها وإعادة إحيائها , سؤال يلح عليّ كثيرًا هذه الأيام، برغم تناقضه الظاهر، حيث من المعلوم بالضرورة أن السياسة دائمًا في خدمة الوطن. فبعد ما يقارب الثلاث سنوات من انطلاقة “الربيع العربي” والخسائر أكبر بكثير من المكاسب، ومع ذلك المنظرّون الثوريون يحاولون طمأنتنا بكليشيهات سياسية معروفة من نوع “لا تقلقوا، القادم أجمل”، وهذا من طبيعة الثورات”، والحرية لا تُعطى، الحرية تُنتزع”! فلا نملك إلا أن نتغاضى، قسرًا، عن كم الدماء الإنسانية المراقة، لننشغل سويًا بمتابعة التحليلات والتد وينات السياسية، التي تبحث هي الأخرى، في ظل هذا “النزيف العربي”، عن مجدها السياسي والإعلامي! السياسة التي وُجدت كعلم وكممارسة لبناء الأوطان، ولتخفف من غلواء العدوانية البدائية الكامنة في بني البشر، هي مجرد وقود لإشعال الكثير من المواجهات العربية، بين الصديق وصديقه، بين الأخ وأخيه. آراء سياسية متفرقة تحتمي بالمذهب والدين تارة، وبالعرق والجنس تارة أخرى، تحت مسميات تاريخية وأيديولوجية متنوعة، فهذا إسلامي يميني وذاك عروبي قومي يساري. وبينما الثورات العالمية التي وقعت تاريخيًّا كانت عبارة عن طفرات تاريخية لتجاوز مرحلة اقتصادية واجتماعية أكثر انغلاقًا على مستوى الفكر والحريات، نجدها لدينا عبارة عن دعوات لإحياء تراث ورموز وهويات من تحت أنقاض تجارب فاشلة تاريخيًّا! إنسانيًّا، وعلى مرّ سنوات الربيع خسرتُ الكثير من الأصدقاء، والفرصة متاحة لخسارة المزيد؛ وكل هذا بسبب السياسة. رأيك السياسي، في هذه البلاد المحمومة بالديمقراطية، وفي ظل هذا التواصل الاجتماعي الإلكتروني الاستهلاكي، لم يعد ملكك تمامًا. وكذبة “الرأي والرأي الآخر” لن تنقذك، فصمتك يُحسب عليك أكثر من حديثك. وتحفظك قد تُدان به أكثر من تحزبك. فالكل “يعرف أكثر” والكل لا يكتفي فقط بأن يشاركك ما يعرف، بل يريد أن توافقه على ما يعرف!