الاجراءات المطلوبة لتحويل فتوى محكمة لاهاي الى قرار دولي فاعل

طارق محمد حجاج باحث في مجال القانون الدولي
في ظل ضعف الدول العربية وعدم أهمية قراراتها , وفي ظل الركود العربي في شتا المجالات , اصبحنا جميعا في خانة تصنيف دول العالم الثالث الدول النامية الزاحفة على بطونها , وحليٌ بنا قبل التطرق للحديث عن كيفية تحويل فتوى محكمة لاهاي الى قرار دولي , لابد لنا الاشارة الى ان الثقل السياسي الذي تتمتع به دول العالم , منوط بطول ذراعها في مساعدة العالم في التقدم العلمي والتكنولوجي والعسكري وفي المجالات الاخرى التي يشهدها العالم في هذه الأثناء , ولن يؤخذ في الحسبان ما تصبوا اليه الدول الضعيفة وهي الدول التي لا تشارك العالم بفاعلية في مسيرته للسعي الى التقدم .
ونتيجة لما سبق لنا الاشارة فإننا نجد ودون تحيز أن مجلس الامن اصبح مسيساً بالدرجة الاولى , وان السيطرة الامريكية على اتخاذ القرار في جميع المحافل الدولية باتت مكشوفا للعيان , ولا أجد في نفسي حرجا عند القول بأن القرار الامريكي هو في النهاية قرار مجلس الامن .
وإن اردنا الحديث عن انهاء تسيس مجلس الامن لابد لنا النظر الى حال الدول العربية , لنتساءل هل حال الدول العربية سوف يؤثر في التعنت الامريكي والانحياز الاهوج الى اسرائيل في مجلس الامن , في النهاية نقول انه لا بد للدول العربية ان تنشط بإمكاناتها لكي تصبح قوة عربية مجتمعة يحسب لها حسبان ولا يتم تجاهل ردة فعلها عندما تصوت امريكا ضد قرار يصب في مصلحة العرب .
اما من الناحية القانونية للكيفية المطلوبة لتحويل فتوى محكمة لاهاي _ بخصوص الجدار مثلا _ الى قرار دولي له اهمية كقرار ملزم لإسرائيل , فإننا يجب علينا التحرك في مسار مختلف عن المسار المعهود او إن صح التعبير بمسارات التفافية عن المتعارف عليها في القانون الدولي .
بداية فإن المعهود هو التوجه لمجلس الامن لاستصدار قرار ملزم لإسرائيل يجبرها على احترام وتنفيذ ما تم التصويت عليه , وهنا لا بد لنا من توضيح نقطة ما وهي : ان مجلس الامن عندما يضطلع بمهامه لاتخاذ قرار بشأن قضية ما فإنه يناقش هذه القضية إما تحت البند السادس واما تحت البند السابع , ونشير هنا الى ان القرارات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية ضد اسرائيل تحرص فيها الولايات المتحدة الامريكية على ان يتم مناقشتها تحت البند السادس , ما يعني انه في حال صدور قرار فإن القرار سوف يكون على شكل توصيات تحث اسرائيل على عدم تجاهلها ,لكن في حال انعقاد المجلس للمناقشة تحت البند السابع فإن القرارات ستكون ملزمة وتستوجب العقوبة في حال عدم تنفيذها .
اما عن الاجراءات المطلوبة لتحويل الفتوى الى قرار دولي نافذ , فإن محكمة لاهاي تنظر في القضايا بناء على توصيات من الجمعية العامة للأمم المتحدة , وللتقليل من اللجوء الى مجلس الامن يجب اعادة الفتوى الى الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشتها واتخاذ قرارات قانونية حاسمة وواضحة لا لبس فيها ولا مجال للتأويل فيها ,وذلك بناء على التوصيات الصادرة من فتوى محكمة لاهاي , وبعد ذلك ترفع هذه التوصيات _ التي اتخذتها الجمعية العامة _ الى مجلس الامن لإصدار القرار المطلوب.
وفي حال صدور فيتو امريكي كما هو المعتاد للحيلولة دون صدور القرار , فإن الجامعة العربية وبواسطة ممثلها في الجمعية العامة للأمم المتحدة عليها ان تعيد طرح القضية على الجمعية العامة للأمم المتحدة , وفق القرار (337) المتعلق بالاتحاد من اجل السلم , والذي جاء فيه انه في حال صدور فيتو في مجلس الامن في قضية مهمة دون مبرر قانوني ,فإن الجمعية العامة تستطيع سحب القضية من مجلس الأمن واعادتها الى الجمعية العامة لاتخاذ قرار مناسب حولها , أي ان الجمعية العامة تتحول الى مجلس أمن دولي , يصدر القرارات القاطعة والنافذة واجبة التنفيذ , وتستطيع الجمعية العامة ايضا تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ ذلك القرار وإن استلزم الأمر استخدام القوة لتنفيذ القرار .